يعتبر الممثل الراحل سيد علي كويرات، أحد أبرز الوجوه الفنية في المسرح والسينما في الجزائر، إذ يمتد مساره الحافل على مدار 60 عاما قدم خلالها أعمالا خالدة رفقة كبار الفنانين الجزائريين.
عرف كويرات، المولود في 3 جانفي 1933 بالعاصمة، بمواهبه التمثيلية في المسرح والسينما إذ تعود بداياته إلى الخمسينيات لما التقى بمصطفى كاتب، وعمره لا يتجاوز 17 سنة، حيث أتاح له فرصة ولوج عالم الفن بضمه إلى فرقته لمسرح الهواة، غير أن محي الدين باشطارزي، عميد الفن الجزائري، هو الذي فتح له أبواب الاحترافية والتألق.
توجه الراحل في 1951 إلى برلين بألمانيا مع فرقة “المسرح الجزائري” ثم إلى باريس بفرنسا في السنة الموالية، مرددا “من جبالنا” في المقاهي الذي يسيرها جزائريون، وفي 1954 شارك ببوخارست برومانيا في المهرجان الثاني للشباب والطلبة من أجل السلام ليصبح في السنة نفسها محترفا بالتحاقه بالفرقة البلدية للجزائر العاصمة، التي كان يشرف عليها باشطارزي.
عاد الفنان بعدها إلى باريس والتقى هناك بمحمد بودية، حاج عمر، ميسوم، ونور الدين بوحيرد، وفي 1958 التحق بالفرقة الفنية، التي أنشأتها جبهة التحرير الوطني بهدف توعية الرأي الدولي بالقضية الجزائرية من خلال الفن.
وبعد الاستقلال، انضم كويرات إلى المسرح الوطني الجزائري إذ شكلت 1963 بداية تألقه الفني وقد كان دوره الأول على الشاشة في اقتباس تليفزيوني لمصطفى بديع، لمسرحية “أبناء القصبة” لعبد الحليم رايس، وهو عمل مشوق يجسد نضال الجزائريين في سبيل استرجاع حريتهم من المستعمر الفرنسي.
لقد حقق الراحل بعدها نجاحا كبيرا بأدواره السينمائية وخصوصا في السبعينيات والثمانينيات وهي الفترة، التي مثلت العصر الذهبي للسينما الجزائرية، وهي أعمال جسدت في أغلبها بطولات الجزائريين الخالدة في مقاومة المستعمر الفرنسي، على غرار “الأفيون والعصا” 1970 لأحمد راشدي، و”ديسمبر” في 1971 لمحمد لخضر حمينة، “وقائع سنين الجمر”في 1974 الحاصل على السعفة الذهبية بمهرجان كان السينمائي.
أبدع كويرات، في أفلام اجتماعية وكوميدية رائعة أحبها الجزائريون من قبيل “هروب حسان طيرو” في 1974 لمصطفى بديع، و”حسان طاكسي” 1982 لمحمد سليم رياض، “ميدالية لحسان” في 1986للحاج رحيم، و”حسان النية” (1989) للغوثي بن ددوش، إضافة إلى مشاركته في أعمال سينمائية لمخرجين أجانب على غرار “عودة الابن الضال” في 1976 و”الأقدار الدامية” في 1980 للمخرجين المصريين يوسف شاهين، وخيري بشارة.
وابتداء من التسعينيات بدأت أعمال الفنان تقل إلا أنه ترك بصمته رغم ذلك في عدد من الأعمال السينمائية على غرار “صحراء بلوز” (1991) لرابح بوبراس، و”المشتبه بهم” (2004) لكمال دهان، و”موريتوري” (2007) لعكاشة تويتة.
شارك في عدد من المسلسلات من بينها “اللاعب” (2004) لجمال فزاز، و”عمارة الحاج لخضر” في 2009 لمحمود زموري.
وتوج الفقيد على مدار مساره الفني بالعديد من الجوائز الوطنية والدولية نظير أعماله الكثيرة، التي كرسها لخدمة الثقافة والفن والوطن. توفي سيد علي كويرات، في 5 أفريل 2015.