قُدم العرض الأولي للفيلم الوثائقي التاريخي “كيان قصة جحيم” للمخرج سعيد عولمي، وهو تذكير مؤلم بمصير المبعدين الجزائريين في سجن كيان في غويانا، وذلك بمناسبة الذكرى ال68 لاندلاع حرب التحرير الوطنية.
ويعد هذا الفيلم الوثائقي الذي عرض بقاعة ابن خلدون بالجزائر العاصمة، أمس، بحضور مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالعلاقات الخارجية عبد الحفيظ علاهم و وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة و وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي و مخرج الفيلم، جزء من سلسلة من أربعة أفلام وثائقية تاريخية تعرض تحت عنوان “شهود الذاكرة” من انتاج وزارة المجاهدين.
في هذا الصدد، صرح المؤرخ و الباحث يونس عدلي قائلا أنه بعد إغلاق المستعمرة العقابية لكاليدونيا الجديدة في عام 1897، اختارت الإدارة الاستعمارية وجهة غويانا مكانا لإبعاد وعزل الجزائريين المحكوم عليهم تعسفيا وإخضاعهم لإجراءات عقابية بغيضة ” بهدف الاستحواذ على أراضيهم دون معارضين لمصادرتها.
ويعتبر علي بلحوطس أحد هؤلاء الناجين النادرين من سجن غويانا وشاهد حي على هذا الجحيم. فبعد ترحيله عام 1930 و عمره 17 سنة آنذاك، تم العثور عليه سنة 2005 و عمره 98 سنة في منزله الصغير المحاط بأشجار الزيتون في قرية بجبال جرجرة.
وبعد الحكم عليه بالسجن عشر سنوات، مسه القانون الجديد الصادر في 30 ماي 1954 الذي كان ينص على أن أي فرد يتم ترحيله إلى السجن يجب أن يقضي ضعف مدة العقوبة المفروضة عليه.
و من خلال ذكرياته وقصته المؤثرة، كان علي مازال عند الإدلاء بشهادته يستذكر “حزن انتزاعه من وطنه الأم” و ” إبعاده مكدسا مع آخرين في أقفاص” على متن سفينة “باتو بلان” (السفينة البيضاء) في “ظروف غير إنسانية”.
وقد أجمع العديد من المؤرخين خلال مداخلاتهم، على “المعاملة اللاإنسانية للمحكوم عليهم” واصفين الرعب و فظاعة هذه الحقائق التاريخية المؤكدة ب ” الجرائم ضد الإنسانية”.
وتظهر في هذا الفيلم الوثائقي الأماكن الشاهدة على حقارة الإدارة الاستعمارية الفرنسية على غرار “La Forestière” وهي مستعمرة عقابية تقع وسط غابة برية حيث تكون ظروف الاحتجاز أكثر فظاعة فيما كانت الأعمال الشاقة تقتصر على قطع الأشجار.
وتمثلت الأماكن الأخرى التي تشهد على هذه الانتهاكات أيضا في “مخيم النقل” حيث يتم تسجيل الوافدين الجدد المحكوم عليهم تعسفيا من خلال ترقيمهم حتى لا يمثلون في نظر إدارة السجن سوى معطيات رقمية بسيطة إضافة إلى ” متحف المحكوم عليهم” الذي يعتبر بمثابة ملجأ للمعتقلين الذين لا يستطيعون تحمل حالتهم.
في هذا الصدد، أوضح سعيد عولمي أن “هذا العمل يستند إلى حقائق تاريخية يمكن التحقق منها وأشخاص كانوا موجودين بالفعل” موضحا أن المقاربة حول إنتاج هذا الفيلم الوثائقي ارتكزت حول “تصور أكاديمي يتناول أربعة جوانب أساسية: القوانين ، وظروف الترحيل و ظروف الاعتقال و المستعمرة “.
وقد ذكر وزير المجاهدين و ذوي الحقوق بأن هذا الفيلم الوثائقي يندرج في إطار عملية “كتابة التاريخ والذاكرة” مضيفا أن الفيلم جاء “ليكشف عن محنة المنفيين الجزائريين بسبب الممارسات القمعية للمستعمر لإفشال هجمات المقاومة الشعبية الجزائرية “.