أجمع أكاديميون أن فرنسا “استهلت احتلالها للجزائر بإبادة الجزائريين ومحو فكرهم الإنساني وأنهته بنفس الشيء”، وهذا من أجل أن “يجعلوا من الشعب الجزائري شعبا أميا لا يقرأ ولا يكتب، والأهم من هذا بلا ذاكرة”.
أكد المتدخلون، في ندوة بمناسبة الذكرى الـ60 لحرق المكتبة، والذكرى الثانية لترسيم الاحتفال باليوم الوطني للكتاب والمكتبة، احتضنتها المكتبة الوطنية الجزائرية، بحضور وزير الثقافة والفنون صورية مولوجي، أن حرقها يشهد على نية الاستعمار الفرنسي الصريحة في طمس الذاكرة والهوية الجزائرية، بالموازاة مع إبادة الجزائريين، .
وأوضحوا أنّ حرقها يشهد على “نية الاستعمار الفرنسي الصريحة في طمس الذاكرة والهوية الجزائرية، بالموازاة مع إبادة الجزائريين”.
وقال مدير المركز الوطني للكتاب، جمال يحياوي، إنّ حرق المكتبة “تسبب في إتلاف أزيد من 400 ألف كتاب ونهب الكثير غيرها ونقله إلى فرنسا”، واعتبر أنّ هذا الفعل الشنيع يعد “جريمة ثقافية كبرى تضاف إلى سلسلة الجرائم الثقافية التي ارتكبها الفرنسيون منذ احتلالهم للجزائر والتي من بينها أيضا قتل وتهجير العلماء”.
ووصف المتحدث حرق المكتبة بأنه “جريمة دولة بامتياز”، وأنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال إلصاقها بالمنظمة المسلحة السرية الفرنسية فقط لأجل جعلها حادثا فرديا منعزلا عن النظام الاستعماري الفرنسي الذي أباد البشر والفكر”.
ولفت يحياوي إلى أن فرنسا وبمجرد دخولها للجزائر “قامت بحرق الأرشيفات والسجلات التي كانت تابعة للمساجد والزوايا والأوقاف ونهبها أيضا ونقلها إلى فرنسا، وقد تواصلت العملية مع حملاتها العسكرية بمختلف المناطق الجزائرية”.
وشدّد على أنّ الجزائر “قبل 1830 كانت بمستوى ثقافي راقي ومليئة بالمؤسسات التعليمية والدينية وخصوصا في مدن كالعاصمة وتلمسان وقسنطينة”، وقدم شهادات عدد من الرحالة والكتاب الأوروبيين الذين رافقوا الحملة الاستعمارية.
من جهته، قال المؤرخ محمد لحسن زغيدي، أنّ حرق هذه المكتبة، “التي كانت تضم الملايين من الكتب النادرة والقديمة والتي كانت تعتبر من الأكبر في العالم، هو أكبر جريمة ثقافية للاستعمار الفرنسي في الجزائر”.
وأوضح زغيدي أن فرنسا “استهلت احتلالها للجزائر بإبادة الجزائريين ومحو فكرهم الإنساني وأنهته بنفس الشيء”، وهذا من أجل أن “يجعلوا من الشعب الجزائري شعبا أميا لا يقرأ ولا يكتب، والأهم من هذا بلا ذاكرة”.
واعتبر المتحدث أنّ الجزائر “قبل 1830 كانت حضارية، إذ في كل بلدة وفي كل قرية كانت توجد المدارس والمكتبات والزوايا…”، مضيفاً: “فرنسا وفي إطار سياسة الأرض المحروقة، قامت بإبادة البشر ثم إبادة الفكر”.
وضرب زغيدي المثل بمدينة قسنطينة أين “نهب الفرنسيون 9000 مخطوط إضافة إلى نهب مكتبة الحاج أحمد باي التي كانت تضم بدورها آلاف الكتب، كما فعلت الشيء نفسه في معسكر والمدية والبليدة والعاصمة وغيرها من المدن”.
وفي الأخير قال زغيدي إن فرنسا كانت أسست هذه المكتبة في 1835 بعيد احتلالها للجزائر مجهزة إياها “بالملايين من الكتب القديمة والمخطوطات والوثائق التي نهبتها من كل مكان في الجزائر إبان حملاتها العسكرية الاحتلالية”.
للإشارة، تمّ ترسيم السابع جوان “يوماً وطنياً للكتاب والمكتبة” بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم 21 – 250 الصادر في الثالث جوان 2021، حيث يُحتفى بهذا اليوم من كل سنة عبر كامل التراب الوطني من خلال تنظيم تظاهرات وأنشطة حول الكتاب وترقية دور المكتبة في المجتمع، تكريساً لمكانة المعرفة والثقافة وروافدهما في بناء أفق مشرق للأجيال.