أعلن الرئيس المدير العام لمؤسسة الشعب مصطفى هميسي، اليوم السبت، عن مشروع ثقافي للنهوض بقطاع الإعلام والثقافة والفكر، ودعا رئيس المشروع الباحث الصادق بخوش، أهل الرأي والذوق والقلم للمشاركة في الحوارات والنقاشات الثقافية، دون تمييز أو مفاضلة أو اقصاء.
أوضح الرئيس المدير العام، في ندوة نظمت بمقر جريدة “الشعب” أن المؤسسة تعمل على تجنيد الرأي العام، وتعويض النقص الموجود في المجال الثقافي، وفتح الفضاء لكل المثقفين لتقديم اقتراحاتهم ومساهماتهم في صياغة المشروع الفكري والثقافي والفني في بلادنا.
وذكّر هميسي بمشاريع مؤسسة الشعب في التحول للإعلام الإلكتروني، بمرافقة من السلطات العمومية لملئ الفراغ الرقمي.
وقال :” عملنا على تأسيس سبع مواقع، ومجلات متخصصة وسيضاف لها موقع آخر متخصص للأخبار الثقافية وهو المشهد الثقافي “.
وأكد الرئيس المدير العام، أن الإعلام الرقمي والمتخصص هو المستقبل، دون التخلي عن الجريدة الورقية لأنها “رمز من رموز الإعلام الجزائري”.
وأضاف المدير أن مؤسسة الشعب وسيط نزيه، لتوفير فضاءات لنشر الإنتاج الثقافي، والحوار والنقاش، ونقل الإبداع للجمهور الجزائري.
من جهته، أكد أحمد بن زليخة، ممثل وزارة الإتصال، على أهمية الإعلام الثقافي في زمن التحديات التي جعلت من الاعلام محورا أساسيا للاستراتيجية السيميولوجية للإعلام.
مبادرة تخدم المواطنة
وأوضح بن زليخة أن الإعلام الثقافي “هو تصور عام معروف بتسمية الإتصال الثقافي، وهو مفهوم جديد يجعل كل الخيارات الثقافية لخطاب ما في الميدان السياسي، الإجتماعي، الاقتصادي، والدبلوماسي أداة للتأثير والاقناع والإنتشار، في عالم يتسم بالترويج إلى ثقافة موحدة، وهي ثقافة محتويات شبكات التواصل الاجتماعي”.
وأبرز ممثل وزارة الإتصال أن هذه الثقافة الجديدة هي سلاح للإعلام العولماتي الذي علينا التصدي لمخاطره.
ونوه رئيس المجلس الأعلى للغة العربية صالح بلعيد، بمبادرة مؤسسة الشعب في إطلاق المشروع الثقافي، واعتبرها مبادرة تخدم المواطنة تحتاج أن تتجسد على أرض الواقع، ليكون الخطاب مقنع.
وأضاف بلعيد : “لابد من مرجعية وطنية وخطاب ترغيبي، للم الشمل وهو ما دعا له رئيس الجمهورية وما أحوجنا إلى هذا الخطاب”.
وأشار رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، أن الغرب يسمونه بالقوة الناعمة، ونحن بحاجة إليها، لأنها قوة مؤثرة.
وشدّد بلعيد على خطاب إعلامي قوي مكثف، يحمل رسالة مقنعة، تجندا للجزائر الجديدة.
وأشار المتحدث أن هذه الاستيراتيجية شرع فيها المجلس الأعلى للغة العربية، بتأسيس الموسوعة الجزائرية وتصحيح المعجم الطوبونولي الذي يحتوي على أخطاء وتشويه للأسماء، في ثلاث مجلدات جاهزة للتصحيح بمنصة رقمية جد متطورة.
استراتيجية اتصال مشتركة
وتحدث المدير العام لجريدة المجاهد محمد كرسي، عن استراتيجية إتصال مشتركة، واستحداث نظام إعلامي خاص بالمجموعة لا يقتصر فقط على جريدة.
وأضاف كرسي :”نحن بصدد البحث عن المثقف العضوي، عندما لا يكون العمل مشترك نفقد الرؤية”. كما شدّد المتحدث على ضرورة التحكم في المفاهيم.
نقاش دون تمييز أو مفاضلة او إقصاء..
أوضح رئيس المشروع الباحث الصادق بخوش، أن الهدف من المشروع الثقافي هو استشراف للنهوض بقطاع الإعلام والثقافة والفكر، وذكّر بسلسلة اللقاءات التي أجرتها مؤسسة الشعب مع منتجي الإعلام والثقافة بمختلف حقولها، إيمانا بأحقية أطياف المجتمع للانسجام في هذه الحقول تفكيرا وإبداعا وتبليغا.
وأضاف بخوش :” من واجب المؤسسة الإستفادة من إقتراحات المثقفين للإسهام في صياغة المشروع الفكري والثقافي والفني في بلادنا، على إعتبار أن هذه القطاعات هي روافع للفعل التنموي للفرد والمجتمع “.
وأكد بخوش أن المؤسسة في حواراتها المفتوحة مع أهل الرأي والذوق والقلم من صنّاع الأفكار، انتهجت أسلوب اليد الممدودة للجميع، دون تمييز أو مفاضلة او إقصاء.
مقدمة للمشروع..
ضمن مشروع استشرافها للنهوض بقطاع الإعلام والثقافة والفكر في حدود إمكانياتها، أجرت مؤسسة الشعب سلسلة من اللقاءات مع منتجي الإعلام والثقافة بمختلف حقولها، إيمانا منها بأحقية أطياف المجتمع للانسجام في هذه الحقول، تفكيرا وإبداعا وتبليغا، وبواجب المؤسسة في استمزاج آرائهم والاستفادة من اقتراحاتهم بالإسهام في صياغة المشروع الفكري والثقافي والفني في بلادنا، على اعتبار أن هذه القطاعات، هي روافع للفعل التنموي للفرد والمجتمع.
كما توخّت المؤسسة في حواراتها المفتوحة مع أهل الرأي والذوق والقلم من صنّاع الأفكار، أسلوب اليد الممدودة للجميع؛ دون تمييز أو مفاضلة او إقصاء.. بحيث انتفت في هذه اللّقاءات جميع الحواجز والتّنميطات الأيديولوجية والقناعات الفكرية، والفوارق العمرية وما إليها.
إيمانا منها بثقافة الاختلاف والتنوع، وعملا على تجسير المفازات بين كل أنماط الاختلاف، بما يحقق مجالا سليما واسعا لحوار الأفكار، والارادات الطيبة، والمواهب الخلاقة في تنوّعها وتعدّد مجالاتها لاسيما وبلادنا تزخر بالكفاءات والمواهب، وترتكز على خلفية معرفية تاريخية، صاغتها مخطّطات في المغالبة والصّراع مع الآخر، والتفاعل معه سلبا وايجابا ممّا أكسبها ميسمها الخاص، ولكن بأبعاد إنسانية، وبحس متنبه يجمع بين وعي عميق بالتأصيل، وبتحصين الذات من الاغتراب والتحلل، وشعور بضرورة التفاعل مع المحدث بروح النقد والانتقاء المسؤول للوارد إلى المجتمع دون مصادرة او انغلاق.
ونظرا لتعدّد اللّقاءات التي أجرتها خليّة المشروع الثّقافي مع الفاعلين الثّقافيين والفنيين والإعلاميين في الساحة الوطنية وتنوّع أفكارهم، ومقارباتهم في اكتناه أبعاد المشهد الثقافي والعلمي، ووفاء منها بالأمانة في تقديم صورة عن تلك المطارحات، والاقتراحات، إدراكا منها كذلك بأن في التنوّع والتعدد قيم إضافية، تشع على مختلف الزوايا، الظاهر منها والمستتر، سعت على محورة هذه الآراء ضمن توافقات طبائع الإشكاليات المطروقة، دون اعتبار للاختلافات في تجليات المواقف وتباينها، كما سعت المؤسسة الى حجب أسماء وألقاب ومقامات السيّدات والسّادة المتحاور معهم.
وإذ نقدم هذا الملخّص لسلسلة اللّقاءات المنجزة مع الفاعلين في الحقل الثقافي والفنّي والإعلامي، إنّما لنوطئ بهذه الديناميكية، لندوة جامعة، يدعى لها الجميع، لتكون فضاء مفتوحا على التفكير بصوت عال وفرصة لممارسة ثقافة الحوار، وقبول الاختلاف والرّأي والرّأي الآخر، دون اقصاء أو احراج، وأنّى كان عالم الفكر مجاله الاختلاف، فان مصلحة الوطن العليا هي بالتأكيد مجال توافق مع الاختلاف.
المحاور الكبرى للتقرير
1- نقد المشهد الثّقافي والإعلامي في بلادنا.
2- تعدد الحقول الثّقافية والفنيّة والاعلاميّة.
3- كيفيّة تفعيل انتاج المعرفة في التنميّة المجتمعيّة.
4- توظيف الفضاءات الورقية، وتوسيع المجال الافتراضي والاستثمار فيه.
5- توسيع نشر الإنتاج المعرفي بأنواعه والإعلامي داخل البلاد وخارجها في ظل ما يَعْتَور من ارهاصات بقطاع التوزيع…
6- تثمين الابداع عبر النقد الموضوعي من خلال جوائز للفائزين عن استحقاق.
7- مسؤولية الفاعلين في هذه الحقول، وواجباتهم.
8 – دور مؤسسة الشّعب المادي والمعنوي واللوجيستي في إنجاح هذا المشروع الطموح.
لقاءات متعلّقة بالمشروع
بناء على ما تقدم نورد ما يلي خلاصة انشغالات اللائي والذين دعتهم مؤسسة الشعب لاستمزاج آرائهم حول رسم المعالم العامة لتصور قد يسهم في النهوض بالمشروع الثقافي والفكري في بلادنا.
تنوعت أفكار رجال الفكر والفن والأدب وحتى السياسة، وتعددت حسب اهتمامات شخوصها، ورؤاهم والزوايا التي طرقها المتدخلون، حيث اجمعوا على وجود نقص في التواصل، والحوار بين منتجي المعرفة بصورة عامة، وهذا لعدة أسباب من أهمها:
– غياب الأطر والمنابر المختصة ذات المصداقية التي تضيئ الأجواء السليمة والجادة لتلاقي الأفكار والمفكرين والمبدعين.
– ترسب جملة من الأحكام السائدة لدى البعض عن البعض، بما فيها التداخل الايديولوجي بالثقافي، وتنافر بين معرب ومفرنس، وبين قديم وحديث وجيل وجيل.
– غياب جملة من القيم الموضوعية التي يخضع لها المنجز الفكري والفني والادبي، يؤسس لها النقد البناء والموضوعي على أسس معرفية، واحكام معقولة خالية من كافة الاعتبارات الذاتية والمنفعية، والترسبات الايديولوجية والمحاباة والتنميط…
وهي الهنات التي تفقد الجنس الابداعي عموما قيمته في ذاته وتخضعه للأهواء على حساب الصدقية، والمكانة التي يقرّها النقد الموضوعي العلمي، بحيث ادلهمت العالم أمام الراصد للمشهد الفكري والثقافي في البلاد، فلم يعد يفرق بين الأصيل والهجين والتجديد والتقليد، وبين الرفيع والوضيع.
وكثيرا ما نقف على هذه الظاهرة لدى لجان القراءة لا سيما في مجال “مسابقات الجوائز” او “اختيار السيناريوهات” التي تحظى بالتمويل والانجاز من قبل بعض مؤسسات الدولة، ناهيك عن غياب اتحادات الكتاب والمبدعين والناشرين والموزعين ومن اليهم، تشرف عليها أطر كفاءة واحترافية، يكون الفيصل فيها ابراز الكفاءات على اسس ديمقراطية محضة.
لاحظ المتدخلون البون الشاسع بين وضعية الثقافة في العقود السابقة ووضعها اليوم، بحيث كان المشهد الوطني فيما مضى يتحدث ثقافة وفكرا من خلال الصحف على قلتها، والمجلّات وحتى الاذاعة وكذلك الندوات والمحاضرات والملتقيات والمؤتمرات، وكانت مؤسسات الدولة ذات صلة تقوم بدور الموجّه والمموّل والمشجّع للفعل الثقافي.
كما تأسف المتدخلون لانسحاب مؤسسات الدولة المعنية من الفضاء الثقافي، بعدما رفع الدعم عن الكتاب، وتعطيل المادة الفكرية والأدبية من الدول الشقيقة، وباقي الدول وبكل اللغات، واقتصارها على منشورات ومجلات فرنسية محضة، تعنى بالكماليات مثل التجميل والرياضة وما الى ذلك مما لا يرقى الى الذوق والعقل والمشروع التنموي للإنسان الجزائري، فضلا عن اسعارها العالية مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطن.
ونبه المتدخلون، الى الخواء الكبير في مجال التكوين في مختلف التخصصات مثل: المسرح، والسينما (كتابة، واخراجا وترويجا ودعاية).
لاحظ المتدخلون، ازمة الترجمة من والى العربية، للأعمال الجادة والقيمة في جميع الأجناس، وكلما تحقق في هذا المجال انما من لدن مبادرات فردية، ودون تشجيع من اية وصاية.
غياب التنسيق بين الجامعة كمنتج للمعرفة، والمشهد الثقافي أفرادا ومؤسسات، فرغم الدعوات المتكرّرة، من قبل مسؤولي الدولة بضرورة ربط الجامعات بقطاعات التنمية على اختلاف مشاربها وأجناسها.
ضرورة الانفتاح على نخب المغرب العربي والوطن العربي وافريقيا والعالم، من خلال تداول المنجز المعرفي والثقافي بين مختلف الضفاف، من أجل تطعيم الابداع، والترويج للمنتج الوطني لدى اشقائنا وجيراننا، ولدى غيرهم.
لاحظ المتدخلون أن قضايا فكرية وتاريخية مصيرية، هي من صميم مشروعنا التنموي المادي واللامادي، مغيبة أو مسكوت عنها وأحيانا تغدوا مادة لجدل عقيم، بخلفيات سياسوية لا تمت بصلة للعلم والموضوعية، لا سيما مسائل تاريخنا الوطني القديم والوسيط والحديث والمعاصر، ومسائل الهوية الوطنية، والانتماء الحضاري…
اقترح المتدخلون، ضرورة التنسيق التبادلي مع مراكز البحوث والدراسات الأجنبية للاطلاع على ما لديها، واطلاعها على ما لدينا، وخلق تفاعلية وفضاء لحوار الأفكار، وتبادل الخبرات.
ونبه المتدخلون، الى أن النخبة يجب أن تكون الفيصل المتقدم للمجتمع السياسي والمدني، وأن تحظى بسلطة الاقتراح، بل أن تفتكها بقوة الحجة والمشاركة وتعميق التفكير في قضايا الأمة المصيرية. وان تبلور مشروع المجتمع في تأصيله وتحديثه معقوليا وذوقيا وحتى اجرائيا من خلال حوار مع المؤسسات ذات الصلة.
وبقدر ترحيب المتدخلين بالطفرة التواصلية وتعميم وسائل التواصل الاجتماعي، مما يسهل ايصال المعارف الى الجميع، عبر الفضاءات الافتراضية وخلق مجتمع متكافئ الفرص في استهلاك المعارف على اختلاف المستويات والأذواق الا أنهم حذروا من جملة من المخاوف نذكر بعضها:
– ضعف تدفق الأنترنيت، لاسيما في مناطق البلاد النائية، وهي مسؤولية مؤسسات الدولة ذات الصلة.
– إمكانية حدوث قطيعة عنيفة لسنا مهيّئين لها، في الوقت الراهن بين الحامل الورقي، والحامل الالكتروني مما سيربك دينامية
– الحرب السيبرانية والاختراق من قبل الهواكر والدوائر الخفية ذات الدراية العالية بالافتراضات البرمجية، والترويج لها وتوزيعها بطرق مخربة، في غياب حصانة تقنية وطنية مسؤولة وعالمة بالمخاطر المحدقة بالمجتمع.