أشاد ثلة من المثقفين والمختصين، بأهمية سلسلة أعلام الفكر في الجزائر، التي هي بمثابة المصالحة مع الذات والتاريخ، فيما أجمعوا على أنه لا يوجد أي حرج في وصف أعلام الفكر في الجزائر بالفلاسفة.
نظمت الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية فرع المسيلة بالتنسيق مع النادي الأدبي الجليس بلدية عين الخضراء. بقاعة محاضرات المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين الخضراء ندوة فكرية حول أعلام الفكر الجزائري. احتفاء بصدور الدفعة الأولى من سلسلة أعلام الفكر في الجزائر الصادرة عن دار الوطن اليوم.
وقدم الروائي كمال قرور مدير دار الوطن اليوم. مداخلة تحدث فيها عن المشروع (مشروع سلسلة أعلام الفكر في الجزائر» الذي تبنته الدار وهو التعريف بأعلام الفكر الجزائري في اختصاصات متعددة.
نحو إصدار 1000 كتاب للتعريف بأعلام الفكر في الجزائر
وحسب كمال قرور فإن التحدي الذي رفعته الدار هو إصدار ألف كتاب للتعريف بأعلام الفكر خلال الثلاث سنوات القادمة. والفكرة كما قال “كانت تراوده منذ سنوات لكن بعض الصعوبات عملت على تأخير المشروع. ولحد الآن صدر من السلسلة 11 كتابا وفي الأيام القادمة سوف تصدر دفعة جديدة من السلسلة وعلى مدار السنوات القليلة القادمة”، ويأمل قرور في الوصول إلى إصدار ألف عنوان يعالج أفكار ألف علم من أعلام الفكر.
بدوره أشاد عمر بوساحة رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية في مداخلته بالعمل الذي تقوم به دار الوطن اليوم واعتبره عمل مضاف إلى الجهود التي قامت بها الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية بفروعها على مدار عشر سنوات منذ تأسيسها. وأشار إلى أن الهدف الذي قامت من أجله الجمعية هو التعريف بالفكر الجزائري وإبراز أهم رموزه ومطارحة أفكارهم.
وتطرق في مداخلته إلى أهم محطات الفكر الجزائري بعد ثورة التحرير ممثلا في بعض الأعلام التي برزت حينها أمثال عبد الله شريط ومولود قاسم نايت بلقاسم ومالك بن نبي ومحمد أركون وأبو القاسم سعد الله. كريبع النبهاني وغيرهم وكان كل واحد من هؤلاء يمثل مدرسة فكرية قائمة بذاتها.
ونوه المتحدث إلى أن الإشكالات التي طرحها هؤلاء للنقاش وبالرغم من الاختلاف الذي طبع توجههم بين القومي والليبرالي والإصلاحي والإسلامي إلا أن همها الأول كان الجزائر.
وفي إشارة منه إلى النقاش الذي حصل بين عبد الله شريط ومصطفى الأشرف حول مسائل كثيرة منها اللغة العربية. إلا أن الاختلاف في الطرح نكتشف منه تقاطع كبير في أفكار كل منهما. اشتغال هؤلاء الأعلام كان منصب حول تأثيث الفكر وإيجاد حلول لمشكلات مجتمعهم.
من جهته، ناقش الدكتور فارح مسرحي في مداخلته فكرة التأليف حول أعلام الفكر الجزائري والتي اعتبرها بمثابة المصالحة مع الذات والتاريخ لأننا إذا أردنا أن نتحدث عن فكر جزائري لابد أن ننطلق من إحياء هذا التراث ومدارسه وتعريف الأجيال القادمة بتاريخ فكرنا وثقافتها. إضافة إلى أن الحديث عن وجود فكر جزائري من عدمه يجب أن ينطلق من الحفر في أفكار هؤلاء والتأسيس عليها.
لذلك حثّ فارح المشتغلين على الفكر الفلسفي الجزائري والباحثين في هذا المجال إلى الاهتمام بهؤلاء الأعلام ليس في الفلسفة والعلوم الإنسانية والاجتماعية فحسب – إنما في جميع الميادين والتخصصات لإحداث ثورة فكرية تكون منطلقا إلى النهضة المرجوة.
وأشار فارح مسرحي إلى أن مشروع السلسلة تعرض لانتقادات قبل وبعد صدور عناوينه الأولى، وفي هذا الصدد يرى أن الظاهرة صحية وتجعل من المشروع مطروح للنقاش أخذا وردا وهذا من أهداف المشروع أصلا.
وحول مسألة التوجس من تسمية شخصية فكرية بـ”الفيلسوف” قال المتحدث إن “هذا الأمر شائع بيننا فتجد مثلا من يكتب في الأدب يلقب بالأديب أو الروائي ومن يكتب في علم النفس أو علم الاجتماع أو التاريخ يوصف بعالم الاجتماع، عالم النفس، المؤرخ، بينما لما نصل إلى المشتغل على الفكر الفلسفي لا نسميه بالفيلسوف”.
وفي السياق نفسه تساءل فارح عن سبب هذا الإنكار قائلا: “هل يعود السبب في تسمية الفيلسوف إلى ضرورة وجود غزارة في التأليف؟ هل يجب أن يكون لديه نسق فلسفي حتى يوصف بالفيلسوف؟ ليصل في النهاية إلى أن معنى الفيلسوف له تطور تاريخي. فمعنى الفيلسوف في التاريخ اليوناني ليس هو نفسه في العصور الوسطى أو الحديثة والمعاصرة، لذلك لا حرج في وصف أعلامنا بالفلاسفة وعلينا أن نبتعد من فوبيا مصطلح الفيلسوف”.
أما الأستاذ موسى بن اسماعين فقد تطرق في مداخلته إلى ما جاء في إصداره حول مصطفى الأشرف، معتبرا أن الموضوعات التي اشتغل عليها تجعل منه فيلسوفا، فقد انخرط في هموم المجتمع الجزائري وقدم الكثير للثورة وهو أحد الخمسة الذين اعتقلوا في حادثة اختطاف الطائرة، وكان له دور في بناء الدولة الحديثة وفي كل زاوية من زواياها له بصمة، فهو منخرط إلى حد النخاع في القضايا الجزائرية المصيرية.