قال الأستاذ الجامعي والكاتب موسى بن اسماعين، إن الجزائر مقصّرة كثيرا في التعريف بأعلامها، وأرجع السبب لضعف الوعي بالتاريخ وأهميته عند النخب المثقفة.
أكد الكاتب بن اسماعين في حوار لموقع “فواصل”، أن المثقف في الجزائر “يفتقر للدراية بالتاريخ”، وهو ما أدى إلى ضعف وعيه بالتاريخ. وبالتالي تخلفه “المثقف” في التعريف بأعلام بلاده، وشدّد الكاتب على أن التعريف بأعلام الفكر في الجزائر “مسؤولية الجميع وينبغي أن نتحملها”.
– بداية نهنئك بصدور كتابك “مصطفى الأشرف..السياسي المثقف“، لو تطلعنا أكثر عن تفاصيله؟ ولماذا اخترت شخصية مصطفى الأشرف؟
أولا، أتوجه بالشكر الجزيل لفواصل الغراء على اهتمامها الدائم بالفعل الثقافي، وعلى الالتفاتة الكريمة لمؤلف حول قامة سياسية وإعلامية وعلمية في الجزائر المعاصرة، ممثلة في شخص مصطفى الأشرف.
واهتمامنا بمصطفى الأشرف في هذا العمل يعود لأسباب كثيرة، لعل أهمها أن الرجل اجتمعت في شخصه صفات ومناقب قلّ تواجدها في غيره، فهو الذي جمع بين الأصل البدوي والحضري في نسبه، وهو الذي جمع بين التعليم التقليدي والعصري في تكوينه، جمع بين الجهاد والعلم، ترك بصماته في الجزائر المعاصرة، قبل الثورة، وأثناءها وبعدها، و الغريب أن ينتهي مهمشا منسيا، كأنه لم يكن، لذا كان هذا العمل محاولة لفتح معبر إلى فكره، في إطار سلسلة أعلام الفكر في الجزائر.
– مشروع سلسلة أعلام الفكر في الجزائر “محمد أركون، مصطفى الأشرف، مولود قاسم نايت قاسم. بوعمران الشيخ، مالك بن نبي..”، هل تحدثنا كيف بدأت فكرته؟
سلسلة أعلام الفكر في الجزائر كانت وليدة نقاش فكرة غياب الاحتفاء بأعلامنا، يظهر هذا الغياب في دراساتنا، وبرامجنا، وبحوثنا، ونشاطاتنا الثقافية، وكأن الجزائر عاقر، في الوقت الذي نبذل الجهد في التعريف بالأعلام شرقا وغربا، وإن كنا نثمن الإطلاع على الفكر الإنساني إلا أن الإطلاع، وإطلاع الأجيال على موروثنا واجب لا ينبغي التفريط فيه، على أن ترجمة الفكرة في الواقع يعود إلى جهود الأستاذ الفاضل فارح مسرحي، ومعه الأديب كمال قرور صاحب دار النشر الوطن اليوم، الذي تحمس للفكرة وحوّلها إلى واقع فعلي، جزاه الله كل خير.
-وأين وصل حاليا؟
أنجز من السلسلة إلى حد اللحظة عشرة أعمال، هي في بدايتها طبعا، يتعلق الأمر بدءا بكتاب حول فيلسوف النقد في الجزائر عبد الرحمن بوقاف، أطال الله في عمره ومنحه الصحة والعافية، مرورا بكريبع النبهاني (1917-2004)، ومحمد أركون (1928-2010) ومولود قاسم (1927-1992)، وبخاري حمانة (1937-2018) وغيرهم ، وفي الأفق أعمال أخرى لاحقة بأعلام آخرين.
-كيف انخرطت في هذا المشروع؟
انخراطي في السلسلة كان وليد اقتناع بأن الباحث الجزائري مقصر في حق ثقافته، سواء قصد أم لم يقصد، ويقيني بأن مداواة فكرة الغياب التي طالت الفكر الجزائري لا تكون إلا من خلال أعمال كهذه، علما أن المستهدف من هذا الجهد هو العامة من الناس، وكذا فتح نافذة للشباب الباحث ليدشّن توجها جديدا نحو الفكر الجزائري المهمش. إن التعريف بأعلام الفكر مسؤولية الجميع وينبغي أن نتحملها.
– ما هي الصعوبات التي واجهتكم في تجسيد المشروع؟
تواجه العمل صعوبات جمة، نذكر منها ضعف التكفل به من قبل الجهات الرسمية، وأقصد بذلك وزارة الثقافة، لأن استمرار النشاط وديمومته يقتضي وجود مؤسسة ترعاه، لأن الجهود الفردية وإن كانت ضرورية فهي غير كافية، نأمل أن تنخرط الوصاية في شراكة مع الباحثين ودار النشر، للنهوض بهذا المشروع، الذي نرى من خلاله هوية ثقافية جزائرية.
– ما تفسيركم لتأخر الجزائر في التعريف بأعلامها في المجال الثقافي كتابة وصورة؟
تعاني الجزائر تخلفا في التعريف بأعلامها، قياسا بجاراتها تونس والمغرب، حتى لا نذهب بعيدا في المقارنة، والأمر يعود لأسباب متداخلة منها الاقتصادية والاجتماعية مثل انخراط الجزائر في معركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على حساب الجانب الثقافي، ومنها الثقافية، مثل ضعف الوعي بالتاريخ وأهميته عند النخب المثقفة، فالمثقف عندنا يفتقر للدراية بالتاريخ، وعليه ساد وهم بأننا لا نملك مفكرين، وكأن الجزائر مصحرة ثقافيا.
أخيرا، نهيب بالجميع الانخراط في هذا العمل من باحثين وقراء ومسؤولين، والخروج به من دائرة الجهود الفردية إلى ساحة عمل المؤسسة، بما يضمن استمرار العطاء، حفاظا على هويتنا الثقافية.