تبرز الخصوصية الجمالية المتفرّدة لمدينة عريقة احتضنت الحضارات المتعاقبة، في نسيجها المعماري ومعالمها وروحها الثقافي والفني، ومطبخها ومساجدها وزواياها وكل شيء ينبض بالوجود.. وفوق كل هذا، تحمل تلمسان أو مدينة الحدائق والأحلام، ملامح التاريخ العابر عبر آلاف السنين، ولا غرابة في أن المسلمين بالأندلس، عندما زاروها، اندهشوا وأعجبوا كثيرا بتلمسان فأطلقت عبارتهم الشهيرة، “تجد في مدينة تلمسان رائحة الشام وعلم العراق”.
تبقى تلمسان واحدة من أجمل مدن الجزائر الواقعة في الشمال الغربي، ويطلق عليها أهلها اسم اللؤلؤة، وفعلا تستحق بجدارة ذلك الاسم، فحين تتجول بتلمسان، تسافر بك إلى مختلف العصور والحضارات التي مرت بها، وما يستقطب الزوار كثيرا حدائقها الشبيهة بحدائق الأندلس.
ولا يخفى أن العديد من المباني الأثرية التي يعود بنائها إلى عدة قرون بتلمسان، شاهدة بذلك على مراحل تاريخية متنوعة، بالإضافة إلى المباني الفنية المنتشرة في هذه المدينة التي تتمتع أيضاً بمواقع طبيعية خلابة من مزارع العنب ومزارع الزيتون وكذلك الحدائق العامة التي ستشاهدها عند السياحة في الجزائر، وبذلك تستحق تلمسان لقب “مدينة الفن والتاريخ”.
ومن أبرز أهم معالم في مدينة تلمسان، نجد قصر المشْوَر، ويصنف ضمن أهم معالم تلمسان الواجب زيارتها عند السياحة في الجزائر، ويعتبر شاهدا على تاريخ المدينة العظيمة التي كانت دائما مطمع من الاستعماريين، فهذا القصر مبني على النمط الإسلامي، علما أنه تم بناؤه أولا من قبل يوسف بن تاشفين، ثم تحول بعد ذلك إلى المقر الرسمي لملوك الزيانيين.
ويضم “المشْوَر” على عدة أجنحة متنوعة، تم بنائها لتناسب المواسم المختلفة، فنجد الجناح الصيفي مبني من الرخام ليعمل على خفض درجة الحرارة المرتفعة، في حين أن جناح الشتاء مبني من الحجر ليحافظ على دفء المكان.
في حين سميت هضبة لالة ستي، نسبة إلى الولية الصالحة الشريفة القادمة من بغداد “بنت الشيخ عبد القادر الجيلاني” صاحب الطريقة القادرية الصوفية الشهيرة، وقد عاشت بين القرنين 6 ـ 7 هجري، وكانت لها كرامات ونسجت حولها حكايات شعبية كثيرة كأول امرأة صوفية استأنست الجبال. وكان لها مكانة خاصة في قلوب أهل البلد لما كانت تقدمة لهم من خدمات. وبعد وفاتها دفنت في الهضبة التي كانت تتعبد فيها والتي حملت اسمها. ويحي السكان المحليين سهرات شهر رمضان الكريم بتذكرها والترحم على روحها. وتعتلي الهضبة سهول تلمسان وتطل عليها كأنها حارس أمين.
أما جامع تلمسان الكبير، فإنه مثال ساطع على روعة التصميم والزخرفة، ويعد من أهم وأجمل الآثار المتبقية من العصور الماضية والتي يفضل زيارتها خلال السياحة في الجزائر. وتم بناء الجامع تحت قيادة السلطان يوسف بن تاشفين سنة 1082 م، ثم خلفه ابنه على بن يوسف بن تاشفين الذي أضاف على المسجد العديد من الزخارف التي جعلته فريدا، ويعتبر مسجد تلمسان هو الوحيد الذي يحتوي على محراب من حقبة المرابطين، حيث يتميز جوفه بشكل متعدد الأضلاع وهو شكل اشتهر في الهندسة المعمارية الإسلامية من قبل المرابطين. ولهواة السياحة البحرية فإن في هذه الولاية توجد شواطئ جميلة ونظيفة وساحرة.