بجاية، عاصمة الحماديين، عروس المتوسّط، ڤجايث أو بجايث، صالدى، النّاصرية، وبوجي (Bougie).. تسمياتٌ كثيرة ومتعدّدة.
إنّها بجاية، مدينة جزائرية تقع على ساحل البحر الأبيض المُتوسط وشاطئها مُطلّ على خليج جميل تُزيّنه طيور النورس وهي تحلّق فوق البواخر التي نامت بميناء المدينة.
بجاية الساحرة، يرتبطُ اسمها بمعلم فريد من نوعه، تاريخي وطبيعي وسياحي إنّه جبل “يمّا قورايا” الّذي يصل اِرتفاعه إلى 672 متراً. وقد تغنّى الشاعر الحسن بن الفكون القسنطيني، بجمال مدينة بجاية الخلاّبة قائلاً:
(دعِ العـراق وبغداد وشــــامهما فالناصرية مـــا إن مثلـــها بلد
بـرٌ وبحرٌ وموجٌ للعيـــــون بـه ســــارحٌ بــــان عنها الهمُ والنكد
حيثُ الهوى والهواءُ الطلقُ مجتمع حيثُ الغنى والمنى والعيشة الرغد
يـــا طالبًا وصفها إن كنت ذا نصف قــل جنّة الخُلدِ فيــها الأهلُ الولـد)
بجاية في التاريخ مدينة عريقة، إذا كانت المُدن لها تاريخ.. فبجاية هي التاريخ، كيفَ لا وقد مرّت عليها حضارات كثيرة، من الرّومان إلى الوندال إلى الفنيقين ثم الإسبان، ومن الأتراك العثمانيين إلى المستعمرين الفرنسيين.. بجاية الناصرية أسّسها “الناصر بن علناس اِبن حماد بن زيري” أحد ملوك بني حماد بالجزائر في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، لهذا تُسمى أيضًا الناصرية نسبةً إليه. عُرفت المدينة أيضًا باِسم صالداي وبوجي، أو الشمعة لأنّها كانت رائدة في صناعة الشموع وفي تصديرها إلى بلدان أوروبا، في القرنين الــ:12 و13 عشر ميلادي، فأطلق عليها الأوروبيون اِسم “بوجي” وتعني “الشمعة”.
وكانت بجاية حاضرة للتعايش والسلام، وقطب إشعاع حضاري متوسطي.. وكمثال على التعايش وذياع صيت هذه الحاضرة، ينتصب في مدينة بجاية في أعالي المدينة القديمة، تمثالٌ لرئيس البرتغال الراحل “مانويل تكسيرا قوميز”، الّذي توفي فيها العام 1941 بعد أن اِختارها لقضاء منفاه بها مدة وصلت إلى 10 سنوات، وكان التمثال هدية من الحكومة البرتغالية لبجاية.. وكانت بجاية أيضًا حاضرة للثقافة والعلوم.. قصدها العُلماء والطلبة من الأندلس وشمال أفريقيا وأوروبا ومن أبرز من زارها: العلامة عبد الرحمن بن خلدون والّذي كتبَ فيها جزء من كِتاب العِبر أو ما سُمي بعد ذلك بكتاب “المقدمة” كان العلامة بن خلدون من بين أشهر من مكثوا بها، بين 1352 و1365، فعمل مُدرّسًا لمادتي الفقه والرياضيات في جامع القصبة الشهير، وخطيبًا أيضاً، كما شغل منصبًا سياسيًا تمثل في حاجب لأمير بجاية أبي عبد الله الحفصي. كما زارها محيي الدين بن عربي وسيدي بومدين شعيب واِبن تومرت والشاعر بن حمديس الصقلي، والكثير من الرحّالة، كالإدريسي واِبن بطوطة، والعالم الرياضي الإيطالي “ليوناردو فيبوناتشي”، والفيلسوف الإسباني “ريمو لول”..
مدينة بجاية هي ثاني عاصمة لدولة بني حماد، أمّا عاصمتهم الأولى فقد كانت مدينة القلعة المشهورة بـ”قلعة بني حماد” التي اِختطها الأمير حماد بن زيري بن مناد بن بلكين، في حدود العام 398هـ/1007 – 1008م، ليعلن منها تأسيس الدولة الحمادية “الدولة الحمادية دولة مستقلة عن دولة بني زيري التي كان على إمارتها في ذلك الوقت باديس بن أبي المنصور بن زيري، وهو اِبن أخ حماد.
وتتميز قلعة بني حماد التي تقع في الحدود الشمالية لسهول “الحضنة” بموقعها الإستراتيجي الهام، فهي من الشمال محمية بجبل تاقرست الّذي يبلغ اِرتفاعه (1418 مترًا) ومن الغرب بجبل قرين (1190 مترًا) ويُحيطُ بها من الشرق وادٍ، تُشكل مضائقه سورًا طبيعيًا للمدنية، أمّا من جهة الجنوب فإنّ الطريق الوحيدة المؤدية إلى القلعة عبارة عن ثنية ملتوية تتبع “وادي فرج” ولذلك كان اِبن الأثير دقيقًا حين وصفها بأنّها، أحسن القلاع وأعلاها، ولا ترام على رأس جبل شاهق، لا يكاد الطرف يحقّقها لعلوها.
أيضاً تحدث اِبن خلدون في تاريخه عن مراحل تطوّرها، فأشار إلى أنّ حمادًا أتمَّ بناءها وتمصيرها على رأس المائة الرابعة، وشيد بنياتها وأسوارها، واستكثر فيها من المساجد والفنادق، وأنّ الناصر بن علنّاس بني المباني العجيبة المؤنقة، وأنّ المنصور بني فيها قصر الملك والمنار الكوكب وقصر السلام.
وذكر صاحب كِتاب الاِستبصار أنّ بني حماد لهم بالقلعة مبانٍ عظيمة، وقصور منيعة متقنة البناء عالية السناء. واشتهرت القلعة بالفلاحة، وتربية المواشي والصناعة والنشاط التجاري، ووصف الإدريسي الجغرافي أهلها بأنّهم أبد الدهر شباع، وذلك لغناها بالحبوب، وقد لخص اِبن خلدون ما اِشتهرت به القلعة في كلمات موجزات فقال: “استبحرت في العمارة، واتسعت بالتمدّن، ورحل إليها من الثغور القاصية والبلد البعيد طلاب العلوم، وأرباب الصنائع؛ لنفاق أسواق المعارف والحرف والصنائع بها”.
كما كانت بجاية من جهةٍ أخرى، إحدى كُبريات الدول الإسلامية المُؤثرة التي سادت الشمال الأفريقي فترةً من الزمن. فقد تمتّعت “بجاية” في ظل الحماديين بسمعة كبيرة وشهرة واسعة، اِستمدتهما من معاهدها الثّقافيّة المُتعدّدة، وتجارتها الرائجة على الشاطئ الأفريقي، واستقبالها الفارين من محاكم التفتيش بالأندلس،
كما اِشتهرت بعد ذلك بقوّتها البحرية التي دافعت بها عن شواطئ المغرب العربي كله، فساهمت من بعد ذلك في الحفاظ على الحضارية والهوية الإسلامية للمنطقة.
كما كانت بجاية عاصمة الولاية الثالثة التاريخية، وهي التي اِحتضنت مؤتمر الصومام (20 أغسطس 1956م)، بقرية إيفري التابعة لبلدية أوزلاقن، وهو المؤتمر الأوّل لجبهة التحرير الوطني، والّذي كان إيذانًا ببداية مرحلة جديدة في جهاد الشعب الجزائري. وفي تباشير ثورته المجيدة التي قدّمت للجزائر من خيرة أبنائها وظلّت تقدم حتّى الاِستقلال.. هذه بجاية المضيئة واليوم في القرن الواحد والعشرين، نتساءل: من أطفأ الشمعة؟
مقهى المدينة.. هنا بيزنطة الجميلة
وسط قهقهات المُتقاعدين التي تكسِرها أبواق السّيارات المُستعجلة والتي أضاعت مواعيدها بلا شكّ. هنا في هذا المقهى في أعالي المدينة وقرب المسرح الجهوي، يلتقي فيها المثقفون وأصحاب المؤلفات الجديدة حول نضالات الهويّة وصراعات الأنا. يجتمع فيها عُشّاق قهوة “الإكسبريسّو”.
تختلط أحاديث السّياسة والعهدات المُتتابعة وخسارات الأندية المحلية، “الموب” والشّبيبة ويعلو صراخ شيخ مسنّ يضعُ ويُمسك على رأسه “بيري” رمادي اللون، فوق شفتيه يجلسُ شاربٌ غليظ أسود كثيف، كان يسبّ رؤساء الأندية، ورئيس البلدية الّذي لم يجمع القمامة منذ أسبوع، ثمّ يدعمه شيخٌ هرم برمي كلمتين “طرافيك” و”دريـَا لحرام” في مُعترك الحديث.
أرتشفُ قليلاً من قهوتي وأغوصُ في رائحة البنّ القديمة وأمزجها بمرارة لساني الّذي ملّ من الكلام هذه الأيّام.
تتعالى الأصوات ثانيةً مثل سمفونية مُتناسقة وتهدأ. عندها تتصاعد أعمدة الدخان من أفواهٍ توقّفت عن الكلام. هنا بيزنطة، هنا مقرّ الأمم المتحدة ومجلس الشّيوخ.. لن تجد مكانـًا أفضل من هذا لكي تُداعب قهوتك وسط ديكور صوتي خرافي وجميل.
أحاديث المدينة القديمة التي بناها الناصر اِستيقظت باكرًا اليوم، وطفلة صغيرة على الرّصيف تترجى أمّها “ماما بيتزا”، رائحة الخبز الشهّي الهارب من الأفران بنكهة السّانوج المحترقة تحتضنه أيادي الخبّاز.. والأعلام الوطنية تتراقص مع نسمات الخريف الخجول.. تستعدّ للاِحتفال بأحداث الثامن ماي 45 والتي قدمت فيها بجاية قرابين من الشهداء.. وفجأةً.. يقتحمُ المقهى شرطي مُسلّح، طويل القامة.. كنتُ أحسبه سيعتقلُ صاحب “البيري” الّذي كان ينعت النظام بأبشع الصفات.
تابعتُ المشهد فإذا به يتجّه صوب المرحاض في زاوية المكان، لقد داهمته نوبة إسهال قوية من فرط تصفيره منذ الصّباح على السائقين المتهوّرين.. لم يتمكّن حتّى من إلقاء السلام على رواد المقهى.. بالنظر لبرودة الطقس، لا شكّ أنّه تناول البارحة طبقًا من اللوبياء بكثير من الفلفل الحارّ. اِنفجارٌ خفيف يُشبه اِرتطام حافلة بعمود كهربائي، أو سقوط دلوٍ فارغ من الطابق الرابع.
لسُوء حظ الشرطي كانت سيمفونية الحديث خافتة، سمع الجميع.. ثمّ تعالت الأصوات ثانيةً لكن هذه المرّة للحديث عن تكاليف الحج وقضية “خاشقجي”.. التي تذكرها أحد المتقاعدين وهو يتساءل ويبتسم مع صديقيه قائلاً: “من قتل خاشقجي؟”.
خرجتُ من المقهى، ورفعتُ بصري، قابلني ضريح يما قورايا، داهمتني عطسة قوية، واحدة اِثنان وثلاثة.. مسحتُ أنفي جيدًا، اِبتسمتُ ورُحت أتسكّع في شارع “عميروش” الّذي أنهكتني وأتعَبتني فيه نكهات أفران “الشوارما” و”الطاكوس” التي تتزاحم عليها أنوف العابرين والمتسوّلين. ثمّ قررتُ أن أتوجّه إلى قمة يمّا قورايا.. حيثُ فسحة التاريخ ورحابة الجغرافيا.
يمّا ڤورايا.. أو عندما يُقَبِّـل التاريخ شفاه الجغرافيا
من يعرف بجاية ولا يعرف يمّا قورايا؟ وأنتَ تجوبُ شوارع بجاية من كلّ الجهات يشدّ ناظرك سفحُ الجبل المُقابل والمُبتسم لزرقة الأزرق الكبير. انسيابات دقيقة لتمثال جبلي يُحاكي امرأة مستلقية على ظهرها من الجنوب إلى الشمال.. لتصل رجلاها إلى أسفل. في بطن المرأة المستلقية تنامُ يمّا قورايا.. وفيها مقامٌ جميل ورزق كريم وشموع بيضاء مشتعلة.. تضيءُ الجدران الأربعة المُتهالكة وتبكي على صخور المقام وتحكي روايات كثيرة.
فهل هي الأسطورة أم التاريخ؟ أم هي الجغرافيا والتاريخ؟ يمّا ڤورايا في الجغرافيا هي إحدى القمم الشامخة التي تحرس عاصمة الحماديين. وفي التاريخ هي امرأة حكيمة تتربعُ على عرش المدينة مثلما كانت “أكروبوليس” في المُدن الإغريقية.
وأنا أُعيدُ ربط خيوط حذائي، تذكرتُ، ليس من السهل الوصول إلى قمة يمّا ڤورايا لصعوبة التضاريس التي تتوسّطها المسالك الإسمنتية المزيّنة باِبتسامات قرد الماقو الّذي يستقبل العابرين جالسًا على حافة الطريق.. يقصد جبل يمّا ڤورايا حشودٌ من الزوّار الشغوفين بها من مختلف ربوع الوطن شتاءً وصيفًا، هناك من الزوّار من يتحمّل مشقة السفر سيراً على الأقدام، وهم يخترقون المسالك الوعرة الضيقة للوصول إلى قمّة الجبل.
يمّا ڤورايا الأسطورية التي وصفها البعض بأنّها وليّة صالحة يقصدها النّاس للتبرّك بها، في حين اعتبرها آخرون بمثابة محاربة شجاعة تصدّت للجيوش الصليبية بشجاعتها، فهي التي حاربت الفقر والقهر والذل. كما أُطلِق عليها فيما بعد لقب حارسة المدينة لتجربتها في مواجهة تمرّد الجيوش المتسلّطة.
من بين المعالم السياحية إلى جانب معلم يمّا قورايا. نجد:
أوّلاً: “رأس كربون”: ورأس كربون هذا، عبارة عن قمة جبلية صغيرة يصل اِرتفاعها إلى 220 مترًا، وتتميَّز باِحتوائها على قاعدة مقوَّسة، وتُطلُّ هذه القمة على مياه البحر المتوسط الزرقاء الصافية، وتُساهم قاعدتها المقوسة بالحدّ من منسوب المياه المرتفع، وتتميّز المنطقة بجمال الطبيعة الخضراء، المُطلةّ على مياه البحر المتوسط الزرقاء اللامعة.
ثانياً: “قمّة القرود”: وتقع قمّة القرود على قمّة جبل قواريا الشاهق على اِرتفاع 430 مترًا، وسبب تسميتها بهذا الاِسم هو وجود العديد من قرود الماكاك فيها، التي يمكن اللَّهو معها عند زيارة المنطقة، وهذه المنطقة هي عبارة عن شرفة مبنية من السيراميك، بناها الفرنسيُّون خلال فترة حكمهم في بجاية.
ثالثًا: “حديقة قواريا الوطنية”: وتُطلّ هذه الحديقة على البحر المتوسط، وبحيرة مزايا ذات المياه العذبة، وتتميَّز هذه الحديقة بكونها وجهة سياحية مهمة، لما تتمتَّع به من إطلالة ساحرة، وقد صُنِّفت هذه الحديقة كمحمية طبيعية في الجزائر، وتبلغ مساحة حديقة قواريا الوطنية ما يُقارب 660 مترًا.
إيدير الفيلسوف..
كنتُ دائمًا عندما أزور المدينة القديمة لبجاية تُرافقني سماعة هاتفي وأنا أستمع إلى دندنات الفنان الكبير إيدير، وكلما مررتُ بشوارع المدينة الضيقة وجدرانها التي تتهاوى يومًا بعد يوم وألتقي بوجوه النساء والعجائز في الأزقة أتذكر تلك الأغاني الجميلة، وها أنت قد رحلت إلى غير عودة، ولكنّك لن تموت، لقد شئتَ أن تذهب في هدوءٍ تام تاركًا وراءك سمفونيات خالدة. وأنتَ تُعانق قيثارتك الجميلة وتُداعب خيوطها بأناملك المبدعة، جعلتنا نُسافر في سماوات عالية نتحدى أحزاننا البيضاء النظيفة. نُرافق الوحدة التي تجمع الغرباء.
“آفـافا ينُوفا..” التي وُلدت بين جبال جرجرة تحت ظل شجرة الزيتون المُباركة والغروب الشفقي.. سافرت إلى بلدان بعيدة وتغنّى بها الأطفال الصغار والنساء في البيوت وردّدها المتسوّلون في قطار الأنفاق. “آفافا ينوفا.. لوحش نلغابة..” التي كانت تختلس الحبّ في وطن الفجيعة والدّم. آفافا ينوفا.. المُدندنة كانت جرعة أمل وفرح نُطفئ بها الفجيعة كعود ثقاب تحت المطر.
“أسندو، أسّندوو..” التي كبرنا على إيقاعها نُردّدها في حِجر أمهاتنا.. وتُردّدها أمهاتنا وهنّ يمخضن اللّبن الأبيض عندما يكتمل القمر.. كقصيدة فرح تهتزّ لها الحقول وتبتهجُ لها أغصان الزيتون… وبوحُ الجبال الأبدية وطيور أحلام الطفولة.. رافقتنا تلك السيمفونية وأخفيناها تحت وساداتنا.
إيدير.. اِسمك المشتق من الحياة “تودرث” مثل يحيى الّذي سميَ يحيا ليحيا. كذلك أنتَ. سفيراً مُبدعًا مُتألقًا للأغنية الأمازيغية.. غنّيتَ للأم وللوطن. غنيت للجبال وللهوية.. غنيت للقبائل والجزائر وللعالم.. للثقافة وللحياة وللحكمة.. إيدير غنيت للحرية، غَنَّيت للفرح، غنيت للأمل، للعدالة، للسِلْم، للتسامح والتنوع..
إيدير.. وأنتَ تُغادرنا، كأنّنا نلحس المبرد، نقتفي آثارك.. ونأمر الصمت بالسكوت.. لنسمعك، سيبقى صوتك في خزائن ذكرياتنا نىوي بها غُبار وحدتنا. غادرتنا على أصابع قدميك.. سنبقى نحبك ونشتاقك، مثل رغيفٍ ساخن ونحن جياع..
إيدير.. علّمتنا، فرّحتنا.. جعلتنا نحب كلّ جميل، رافقتنا بحكمتك، واحترامك للآخر. لقد كنتَ فيلسوفا، كلمة فنـّان لا تكفيك.