أجمع ناشرون، وكتّاب، على أن الجزائري له علاقة جيدة بالكتاب والقراءة، وأنه قارئ ينتقي ما يريده بالضبط، وأدحض هؤلاء مقولة أن نسبة المقروئية في الجزائر ضعيفة جدا، وأكدوا أنها نسبة محترمة.
“الجزائريون لا يقرأون..” مقولة وصفها مختصون في قطاع النشر بالجزائر، بغير الصحيحة، وغير مبنية على أسس وإحصائيات علمية دقيقة، وهذا ما رصده موقع ” فواصل” في جولة بالصالون الدولي للكتاب في يومه الأول الذي افتتح اليوم الجمعة.
القراءة حسب التخصص
وفي هذا السياق، قالت مدير دار ومضة للنشر، سميرة قنون، “إن مقولة الجزائري لا يقرأ نسبية، والذي يقول ذلك عليه أن يقدم إحصائيات دقيقة، وأن يكون له الدليل على ذلك”، وأضافت: ” بالنسبة لنا الجزائري يقرأ لكن يقرأ بانتقاء، حسب تخصصه”.
وأوضحت الدكتورة قنون، أن من يقول أن الجزائري لا يقرأ عليه أن يبحث عن سبب ذلك، والتوجه للسوق الجزائرية لمعرفة ما يريده بالضبط القارئ، لنشره حتى لا يتم نشر كتب بعيدة عن اهتماماته وبالتالي تكدّسها ، وأضافت أن المشكل الآن يكمن في توزيع وترويج الكتب والانتاجات الأدبية، وهنا -حسب المتحدثة ذاتها- يظهر دور الناشر، الذي من خلاله يستقطب القارئ.
وأرجعت مديرة دار نشر ومضة، ضعف المقروئية في الجزائر، إلى ضعف القدرة الشرائية للجزائريين، مع الارتفاع المسجل في أسعار الكتب، الراجع أساسا إلى إرتفاع سعر الورق، خاصة مع جائحة كورونا.
“مبيعات كبيرة لبعض دور النشر”
من جهته، يرى الشاعر ومدير دار الرائد للنشر والإشهار والاتصال والتوزيع، توفيق ومان، أن القارئ الجزائري يقرأ بانتقاء، حيث قال :” الجزائري أكيد يقرأ، ولا يمكن أن نحكم عليه غير ذلك، وهذا يظهر من خلال مبيعات دور النشر سواء ًالجزائرية أو العربية أو الأجنبية في الأدب، القصة الرواية، الكتب العلمية.. سجلنا هناك مبيعات رهيبة لبعض الدور، لأن الجمهور ينتقي ما يريده ويبحث عنه”.
وفي تعليقه على الإقبال الكبير للجمهور على الصالون الدولي للكتاب، فيما تسجل نسبة مبيعات أقل، أرجع ومان المشكل إلى تدني القدرة الشرائية للجزائري، وكشف : “هناك قرّاء يتحصرون على كتب أعجبتهم لكن ميزانيتهم لا تكفي لشرائه.. “.
وفيما يتعلق بإرتفاع أسعار الكتب، أكد المتحدث ذاته قائلا: ” فعلا هناك ارتفاع في أسعار بعض الكتب، وهذا راجع إلى أن الجزائر في المراحل الأولى لصناعة الكتاب، وأصبحنا نشاهد نوعية كتب محترمة جدا، مقارنة بكتب عربية أخرى خاصة فرنسية ولبنانية، أما بالنسبة للسعر فلا يخفى لكم أننا نستورد الورق في الجزائر، أيضا عدم الدعم الحقيقي للناشرين، والأزمة الاقتصادية كل هذا انعكس على سعر الكتاب”.
بدورها، قالت قديد فايزة مديرة دار النشر السائحي، إنه “لا توجد إحصائيات دقيقة لإطلاق الحكم على الجزائري بأنه لا يقرأ، لكن يمكننا أن نقول أنه يقرأ بانتقاء، لكن أيضا يمكنني القول أن الجزائري لديه اهتمامات للرواية والأدب والتاريخ ..”.
واعتبرت المتحدثة ذاتها، أن هناك أسباب عديدة، أحيانا تحول دون قدرة الجزائري على اقتناء الكتب، من بينها القدرة الشرائية من جهة، وارتفاع سعر الكتاب من جهة أخرى، والذي -حسبها- يخرج عن نطاق الناشر، الذي هو الآخر تأثر بالأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر المادة الأولية لصناعة الكتاب.
“الجزائر لا يقرأ.. حكم عشوائي”
أما رئيس النقابة الوطنية لناشري الكتب ومدير دار حكمة للنشر، أحمد ماضي، كشف أن الذي يقول أن الجزائري لا يقرأ هو مخطئ، ولا يمكن الحكم عليه بهذه الطريقة العشوائية. وقال ماضي: “يجب أن نفكر كيف نوفّر للجزائري مناخ للقراءة، فالصالون الدولي للكتاب يعتبر ملجأه الوحيد، يزروه في كل طبعة أكثر من مليون ونصف مليون زائر، وهناك مبيعات، لكن نستطيع أن نوفر مقروئية أكثر ، بتوفير المناخ، الآن لا يوجد مكتبات للبيع، أين يقتني الكتاب؟ أصبح هذا الصالون مناسبة لاقتناء الكتب، وهو العرس الثقافي الوحيد الناجح في الجزائر، الذي قراءه من 58 ولاية ينتظرونه، و يخصصون له ميزانية خاصة لشراء الكتب”.
وأضاف المتحدث ذاته، المادة الأولية لصناعة الكتاب، أثقلت كاهل الناشرين، وأصبحوا لا يستطيعون تحمل تكاليف طباعة الكتب، وأوضح ماضي، أنه من أجل الرفع من نسبة المقروئية في الجزائر، يجب دعم الدولة للكتاب، وإعفاءه من كل الضرائب، حتى يتمكن الناشر من صناعة الكتاب وتسويقه وبيعه بأسعار معقولة للقارئ، وحتى تصديره للخارج.