أجمع مشاركون في ندوة حول “الثقافة والمقاومة”، بمناسبة الذكرى 189 لمبايعة الأمير عبد القادر، على ضرورة تفعيل الإرث الحضارى للأمير عبد القادر، طريق قراءات يقوم بها مختصون وباحثون.
أبرز مشاركون في الندوة التي أقيمت بالمكتبة الوطنية، المسار النضالي لشخصية الأمير عبد القادر وأبعادها الإنسانية وإسهاماته في بناء الدولة الجزائرية الحديثة ومقاومة الاحتلال الفرنسي، وكذا قيمة مؤلفاته ومكانتها.
وقال بوزيد بومدين، في مداخلته، إنه “بمثل هذه الندوات نستطيع إعادة ترتيب الأمير عبد القادر ضمن السياقات التاريخية والمعرفية. لأن علاقتنا بالتاريخ علاقة مشوشة في الغالب، تحتاج إلى إعادة الترميم. فنحن لا نقرأ الحدث في سياقاته التاريخية والمعرفية والسوسيولوجية، وإنما نقرأه بأعيننا الملتبسة بالإيديولوجية أو بالصراعات”.
وذكر بوزيد بومدين أن “الأمير عبد القادر لم يكن يعمل على تحرير الأرض فقط، بل على تحرير النفس البشرية من الكراهية والبغض. فكان متسامحا مع المسيحيين والنصارى واليهود، وحتى علاقته بالحيوان والبيئة كانت خاصة”.
بدوره، أشار خليفي بشير من جامعة معسكر في مداخلته الموسومة بـ “مظاهر التجديد في الفلسفة الحضارية عند الأمير عبد القادر” إلى ضرورة تفعيل الإرث الحضارى للأمير عبد القادر . عن طريق قراءات واعية يقوم بها مختصون ومهتمون.
وأكد المتحدث ذاته، أن “الأمير عبد القادر لم يكن مفكرا فحسب وإنما كان أديبا وشاعرا وكاتب رسائل وإداري واستراتيجي. ويمكن تشبيهه بالزمردة التي يتغير لونها وشكلها بتغيير زاوية النظر إليها”.
و قال: “أنه يعد علامة فارقة في تاريخ الإنسانية على مستوى الفكر والممارسة، فيجب التركيز على سيرته المعرفية والحياتية من منطلق اعتباره أسوة وقدوة”.
وفي السياق ذاته، أبرز بلغراس عبد الوهاب (كراسك) في مداخلته التي تحمل عنوان بـ “الفعل الإنساني والتجربة الصوفية عند الأمير عبد القادر”. الأساس الفلسفي للخطاب الصوفي لدى الأمير عبد القادر. و تمثل في مدرسة ابن عربي والمفاهيم الصوفية المعبرة عن تجربته في الوجود والمتجلية في التاريخ، حيث اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم معلمه الأول.
وتحدث بلغراس أيضا، عن المقامات التي عاشها الأمير عبد القادر وعانى من تجربته معها. فكل موقف وحدث بسيرته الذاتية يعتبر سلوكا على طريق الوصول إلى الحق (مقاومته للمستعمر وما تحتويه من صبر، معاملته للأسرى، حمايته للمسيحيين، وحربه الشريفة الأخلاقية).
ومن جهته، قال عبد الوهاب اوسليم من جامعة تيارت في مداخلته الموسومة بـ “المجلس الوطني للثورة الجزائرية” إن “المجلس الوطني بدأ نشاطه وانفتاحه على جميع الفئات السياسية والاجتماعية في 1956م، وأنه لم يحافظ على دورية جلساته حيث شهد انقطاعا لمدة 3 سنوات من 1957 إلى 1960م”.
وأضاف المتحدث ذاته، أن “المجلس الوطني للثورة خضع منذ البداية لسلطة لجنة التنسيق والتنفيذ ثم لسلطة الحكومة المؤقتة وأصبح تابعا لهما، رغم أن القوانين المصادق عليها بداية من سنة 1962 كانت قد جاءت بمبدأ فصل السلطات التشريعية والتنفيذية، كما أنه لم تكن تعرف كل القرارات التي اتخذها المجلس منذ 1957 حتى 1962 سبيلا للتطبيق والتنفيذ شأنها شأن المهام التي أوكلت إلى بعض أجهزة الحكومة المؤقتة، والمصير نفسه عرفته مسألة تسيير الثورة من الداخل، وإدخال جيش الحدود إلى المعركة الحقيقية الدائرة على أرض الواقع”.