يرى الشاعر محمد بوحميدة، أن الكتاب في الجزائر أصبح شبه مهجور، وهيمن غزو الانترنيت، حتى أصبح الكِتَاب ديكورا تتزين به المكتبات.
قال ابن مدينة العين الصفراء بالنعامة، الشاعر محمد بوحميدة، في حوار لموقع “فواصل”، أن الكاتب في الوقت الراهن أصبح “يكتب لكن لا يجد من يقرأ له” ، بسبب العزوف عن القراءة و مطالعة الكتب، وقلّ روادُ المكتبات.
فواصل: هل يمكن أن تعرف القراء من هو محمد بوحميدة ؟
محمد بوحميدة: بُوحَميدة محمد بن عيسى من مواليد 1951 بمدينة العين الصفراء، عشتُ وترعرعتُ في البادية ولمَّا بلغْتُ من العمر ثماني سنين، أخذني أبي إلى المدينة وأدخلني المدرسة سنة 1958.
درستُ المرحلة الابتدائية والمتوسطة بمدينة العين الصفراء، ونَظَرًا للظروف الاجتماعية والفقر الذي كان مُنتشِرًا، غادرتُ مقاعد الدراسة مبكرًا، ثم التحقتُ بمدرسة تكوين المعلمين بمدينة سعيدة السنة الدراسية 1969/1970 وتخرَّجتُ برتبة مُدَرِّس، باشرتُ عملي بمدينة العين الصفراء بالمرحلة الابتدائية.
تحصلتُ على شهادة البكالوريا أدب عربي بوهران سنة 1974، ثم تحصلتُ على شهادة الكفاءة للأستاذية للتعليم المتوسط (CAPEM) أدب عربي بالجزائر العاصمة سنة 1976 ، بهذه الشهادة التحقتُ بالتعليم المتوسط في نفس السنة 1976، فكنتُ أستاذا للتعليم المتوسط أدب عربي بمدينة العين الصفراء . بقيتُ أستاذا للتعليم المتوسط إلى يوم أحِلْتُ على التقاعد سنة 2003 .
لنعود إلى بدايتك مع عالم الشعر والأدب كيف كانت البداية ومتى؟
نعم بدأتُ كتابة الشعر منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، (1975)، كنتُ أحِبّ الشِّعر وأقرأ القصائد التي نظمها الشعراء الكبار من الجزائر من الوطن العربي، وكنتُ عِصَامِيًّا في دراسة بحور الشعر العربي وأوزانه ، فأنا لم أتعلمها في المدرسة، بدأت كتابة قصائد مُحاوِلاً تقليد الشعراء الذين اقتنيتُ دواوينهم، ثم كنتُ أعرِضُها على زملائي و بعض الأساتذة فألـقَى منهم التشجيع والتوجيه .
البداية كانت منذ سنة 1975 إلا أنها لم توثق إلى غاية الألفينات ما السبب في ذلك ؟
المجموعة الشعرية الأولى كانت بعنوان ” دموعٌ و أمَلٌ ” قَدَّمتها لمطبعة بالجزائر العاصمة لطبعها لكن أثناء أحداث 5 أكتوبر1988، أضاعت المطبعة كل ما كان فيها لما أصابها من تخريب، وأنا للأسف لم أحافظ على نسخة لهذه المجموعة الشعرية التي هي باكورة أعمالي الأدبية.
ديوان المآسي والتأسي أول إصدار يرى النور، كيف كان إحساسك وأنت ترى مسيرة أكثر من 25 سنة تجمع في كتاب وكيف كان رد الجمهور مع هذا الإصدار؟
نعم، كان أول إصدار لي هو ” ديوان المَآسِي والتَّـأَسِّي ” سنة 2004، طَبْعًا كانت فرحتي كبيرة لأنه أولُ عمل أدبي أضيفه إلى المكتبة الجزائرية وللقراء الكرام، وحَظِيتُ بالتكريم من كثير من الجمعيات الثقافية و المؤسسات التربوية و الأصدقاء .. و كم أتمنى لو أعيد طبع هذا الديوان لأن كل النسخ منه نَفَدت، هذا الديوان جمعتُ فيه قصائد من الشعر العمودي وشعر التفعيلة والشعر الشعبي ..
و لعِلْمِكم، صَدَر لي خمسة كتب أخرى بعد هذا الديوان منها ما هو شعر ومنها ما هو نثر.
” كاتب وكتاب”، “رجال لن أنساهم “، عبارة عن سيرة ذاتية الأول لكتّاب المنطقة والثاني لشخصيات محلية تنشرها في صفحتك على منصات التواصل الاجتماعي لماذا لم يفكر محمد بوحميدة طبعها في كتاب يضاف إلى مسيرتك الأدبية؟
يا أخي، والله هذه أمنيتي لقد فكرت في الطبع، لكن تكاليف الطبع لا أستطيع دفعها وأنتم أدرى بحال الأستاذ المتقاعد وأجرته (العين بصيرة واليد قصيرة) لكن سيبقى الأمل كبيرا، و كلا الكتابين مفيد، فالأول يحصي عددا من كُتَّاب المنطقة تركوا بَصمَاتِهم الفكريَّةَ ذات فائدة جمة، والثاني يحصي رجالا من المنطقة كل منهم له ميزته الخاصة جعلته من الأعيان وقد ترك أثرا محمودا.
كيف يرى بوحميدة وضع القراءة في الوقت الحالي في ظل غزو الانترنيت ؟
القراءة أو المقروئية انعدمت أو كادت، الكتاب أصبح مهجورا، وهَيْمَن غزو الانترنيت، أصبح الكِتَاب دِيكورًا تتزين به المكتبات والخزانات فقط، فعلى كل المُهتمِّين والمسؤولين عن الثقافة أن يسارعوا للبحث عن حلول تعيد للكتاب مكانته( وخير جليس في الزمان كتاب )، و قد يكون من أسباب هذا المشكل هو غلاء الكتب، صعوبة الطبع و النشر.
وما حال الكاتب اليوم بصفة عامة وحال الكاتب بالمنطقة بصفة خاصة ؟
الحال واحد، هذه الظاهرة مُتفشِّية، الكاتب يكتب لكنْ لا يجد مَنْ يقرأ له، هناك عزوف عن القراءة و مطالعة الكتب، قَلَّ رُوَّادُ المكتبات، إن الجيل الجديد صَرَفَتْه الأجهزة التكنولوجية الحديثة عن الكِتَاب، هذا وَضْعٌ خَطيرٌ آلَتْ إليه حالة الكاتب والكِتَاب ..
مسيرة حافلة في مجال الكتابة والبحث خاصة في تاريخ المنطقة وشخصياتها، هل كانت لك مشاركات محلية، وطنية أو دولية؟
مشاركاتي كلها محلية، وهذا راجعٌ لظروفٍ خاصَّةٍ لم تسمح لي بالمشاركة وطنيا أو دوليا.
في ختام هذا اللقاء هل من كلمة أخيرة أو نداء ولمن توجهه؟
كلمتي الأخيرة هي قول الكاتب المصري أحمد حسن الزيات: ” فلو كنا نقرأ لخلقنا الكاتب والكِتَاب ولو كنا نقرأ لأخصبنا حقول المعرفة فأزهرت في كل مكان وأثمرت في كل نفس .. ” وندائي أوَجِّهُه أولاً إلى الجهة المشرفة على الثقافة في البلاد أن تدعم المطبعات والكُتَّاب لخفض من سعر الكِتَاب ليكون في متناول القراء.
وأوجه ندائي إلى الأساتذة و المربين بالمدارس والجامعات أن يُحَفِّزُوا الطَّلَبة على القراءة والمطالعة، و ذلك بقراءة الكتب وتلخيصها وأن تكون هناك امتحانات حول محتويات الكتب التي تفيد الطلبة لغة وفكرا.
و ندائي الأخير إلى الأسرة أن تَحُثَّ أبناءها على المطالعة في البيت، وباقتناء الكتب المفيدة وتخصيص أوقات لمطالعتها، و بتشجيعهم ماديا و معنويا حتى يحببوا لهم “مطالعة الكتب “.