يفتح الروائي الشاب بلقاسم بوزبوجة قلبه لـ”فواصل”، للتحدث عن مسيرته الفتية المليئة بالطموح والتطلعات والعثرات.
بلقاسم بوزبوجةK كاتب في الـ 18 من العمر، سطع نجمه فتيا في محافل تحدي القراءة العربية ومهرجانات الكتاب الدولية والوطنية، ينحدر من حي شعبي في مدينة غريس بمعسكر، ترعرع في خيم الكشافة الاسلامية شبلا قبل أن يرتقي إلى مرتبة جوال.
فتح له المخيم العربي للكشافة سنة 2018، أبواب التألق كرئيس للجنة التنمية المستدامة، أين افتك المرتبة الأولى في كتابة بحث حول التنمية المستدامة، مشاركاته في المحافل العربية والوطنية للكتابة والأدب مكنته من صقل موهبته لدرجة حولته إلى كاتب موهوب ومتمرس ينافس كبار الكتاب والأدباء عمرا وخبرة .
حدثنا عن نفسك، وماذا تمثل الكتابة بالنسبة لك؟
أنا شاب اجتزت شهادة البكالوريا شعبة العلوم التجريبية ونلت معدل 14، تم توجيهي للمدرسة العليا للأساتذة، و هو تخصص يلائم تطلعاتي لمسيرتي المهنية المستقبلية، و يسمح لي بتجاوز العقبات المادية التي تعثر مسيرة أي شخص ينحدر من أسرة متوسطة الدخل.
لا أعتبر الكتابة مشروع حياة، وإنما هي جزء من حياتي، لا أميل إلى الأدب الاقتصادي، لأنني اعتقد أن الأدب أسمى من الماديات و يحمل رسالة إلى المجتمعات.
بذكر الأدب الاقتصادي، هل فكرت في التوجه إلى كتابة السيناريو أو تحويل رواياتك إلى أعمال فنية سينمائية أو تلفزيونية؟
بطبيعة الحال اطمح لأن تحقق كتاباتي نجاحا باهرا، سواءً من خلال الاضطلاع عليها من قبل القراء وحتى تحويلها لأعمال سينمائية لما لا! لكن ذلك يواجه مشكل الإمكانيات المادية، صحيح انني أطمح حاليا إلى تحسين وضعي المادي كشاب و اكتساب سمعة ادبية الى جانب كبار الكتاب والروائيين .
حدثنا عن مسيرتك الأدبية ورصيدك في عالم الرواية؟
لدي ثلاث روايات، أولها “دواوين صماء” ألفتها في الطور المتوسط، و نلت تكريما من طرف مديرية التربية لمعسكر، تمثل في جهاز كمبيوتر، ساعدني كثيرا في مشواري الأدبي لدرجة أنني تمكنت من انتاج رواية أخرى بعد ثلاث أشهر من الاصدار الأول.
رواية “دواوين صماء” و رواية “أمنيات من غمد العدم” ، كلتاهما تتحدثان عن قضايا المرأة والطفل والعنف الاسري ، بحكم مستواي الفكري ورغبتي في احداث التغيير على المجتمع الذي انتمي إليه، وانتقلت بعدها إلى كتابة رواية “ذاكرة أيلول”، رواية ستكون حاضرة في المعرض الدولي للكتاب، بعد ان حققت نجاحا في حملة استقصائية بمعرض فرعي للكتاب نظمته دار المثقف، حول أكثر الكتب اهتماما، و أتوقع لرواية “ذاكرة أيلول” النجاح بحكم أنها تسلط الضوء على مرحلة تاريخية مهمة للجزائر – فترة العشرية السوداء – و تمزج بين البعد التاريخي و العاطفي.
هل تقصد انك كتبت رواية عن فترة تاريخية لم تعشها؟
ذلك مكمن سحر الأدب و الشغف به، فأنا لم أعش المرحلة ولا أعرف عنها الكثير عدا ما قرأته أو سمعته من قصص حول العشرية السوداء، والرواية من النوع الكلاسيكي المعاصر تتحدث عن كاتبة ارتبطت بصحفي له توجه تحرري، تعرضت للكثير من الخيبات لاسيما بعد وفاة والدتها واغتيال رفيق حياتها فقررت أن تعيش حياتها مع كائنات “حبرية”.
الملاحظ أنك واسع الخيال ودقيق الاختيار، خاصة في اختيار عناوين لرواياتك، و حتى اختيار دور النشر، كيف صقلت هذه القدرة في عمرك الفتي؟
مسيرتي الأدبية الفتية لم تكن سهلة في غياب الإمكانيات وشح مصادر الدخل، غير أن تكويني الكشفي و الخبرة التي اكتسبتها من مشاركاتي في المسابقات والمحافل الأدبية العربية والوطنية مكنتني من التقدم، فبدايتي لم تكن بكتابة الرواية وأنا تلميذ في الطور المتوسط، بل قبلها بفترة كانت لي تجربة في كتابة القصص الموجهة للأطفال بمجموع 80 قصة صغيرة في أدب الطفل شاركت ببعضها في مهرجان أقلام بلادي التي استفدت منها كثيرا، و صقلت من خلالها قدراتي في الكتابة الأدبية، وكبر بعدها طموحي الأدبي في المخيم العربي للكشافة بالجزائر، بعد أن فزت بالمرتبة الأولى في كتابة بحث حول أهداف التنمية المستدامة، يمكنني القول أن هذا المخيم كان فرصة لتنمية طموحي والارتقاء به في سماء الرواية.
أما عن اختياري لدور النشر فلم يكن محل صدفة، إنما نتاج تميز الأعمال الأدبية والروائية التي قدمتها في ثلاث روايات متابعة، حظيت باهتمام دور النشر منها دار المثقف الجزائرية والشهاب اللبنانية التي أبدت استعدادها لترجمة رواية دواوين صماء إلى اللغة الفرنسية وعثرتني الإمكانيات المادية في ذلك.
ما تصورك حول تراجع المقروئية وما هي رسالتك كشاب مبدع؟
اعتقد ان تراجع المقروئية محنة يتخبط فيها مجتمعنا، تقع مسؤوليتها على الجميع بداية من الأسرة إلى المسؤولين، مقابل المد التكنولوجي الرهيب الذي يسيطر على الأفراد والمجتمع، بفعل الاستعمال الواسع للهواتف الذكية والوسائط المعلوماتية بطريقة هادمة للفكر.
أنصح أبناء جيلي الناشئ بالتفرغ للمطالعة ونهل العلم، لأنه بالقراءة والمطالعة نحرر فكرنا ونبني مجتمعنا ونتوجه إلى الجزائر الجديدة التي لا أتصورها، مشروع سياسي فحسب إنما مشروع عميق لا بد أن نسهم جميعا في ارسائه بالعلم، فالمطالعة تعطينا نوع من النضوج الفكري و الثقافة الجماعية و تغير من تفكيرنا النمطي و تغير من منهج حياتنا إلى الأفضل.
وتتحمل السلطات مسؤولية كبيرة لتشجيع المطالعة ورفع نسبة المقروئية، بتخصيص فضاءات للمطالعة بالمؤسسات التربوية التي تحتوي على حيز ضيق من الكتب التعليمية ولا مجال فيها لكتب المطالعة، واعتقد أن المؤسسات التربوية حاضنة للكثير من المواهب والنوابغ لا بد من الاهتمام والعناية بها.