في المشهد الثقافي بالجزائر قد يتخوف كتاب شباب من أدباء سبقوهم في الكتابة والنشر، وقد يحدث بين الجيلين ما يثير النقاش وهواجس أخرى..
يجمع متابعون للمشهد الثقافي في الجزائر، على تحول الإبداع والثقافة إلى ساحة تقاذف تهم بحجة الإقصاء والتهميش. ما يدفع نحو تساؤلات عن أسباب طغيان منطق الاتهامات المتبادلة والحروب الافتراضية التي تغذي صفحات فايسبوكية، وتنتقل إلى صحف جزائرية وعربية، في الآونة الأخيرة.
من بين مظاهر الساحة الثقافية، استهزاء بالكتاب الشباب، واستصغار نصوص، خاصة مع بروز مشكل الطباعة غير مدروسة للنصوص دون تدقيق مراجعة و دون أدنى مرافقة وتوجيه من أهل الاختصاص.
وفي هذا السياق، يقول هامل أشرف عطية الله كاتب شاب، ومهتم بالشأن الثقافي، في منشور بـ”فايسبوك” موسوم بـ “جدية التقاذف دون حلول”: ..الخارطة الثقافية حوّلت المجال لتبادل التهم وتحميل المسؤوليات لأطراف معينة على حساب أخرى، ما يجعل منطق المحاباة والتكتلات يفرض نفسه دون جدوى..”.
وقال أشرف عطية الله: “ملتقيات بدعم ضئيل من السلطات المحلية وتنسيق مع مؤسسات الوصاية تصاحبه عرقلة (احذف اسم فلان و اتصل بعلان). كل هذه الظروف تجعلك تبحث عن رعاة لنشاطاتك..ما يجعل النشطاء الثقافيين أمام معادلة صعبة وجب حلها لإنقاذ النشاط و منح صورة جميلة عن نواديهم و جمعياتهم..”.
وتسائل المتحدث عن فائدة هذه الملتقيات، التي تكرم أدباء وكتاب على حساب آخرين، فقال: “..لكن ما فائدة الملتقيات التي أصبحت وسيلة لبعض من يصفون أنفسهم بأنهم عظماء في الأدب الجزائري ويصنعون مجده وتاريخه و في مقابل ذلك يقومون بتحطيم عظام أشقائهم الكتاب الشباب”.
ورد عليه الكاتب الشاب المهدي سلطاني، قائلا: “يمكنني أن أضيف أيضا أن الساحة الأدبية في الجزائر تواجه فراغاً نقدياً رهيبا يدفع ثمنه بالدرجة الأولى القارئ. أقصد النقد الأدبي الحقيقي للمحتوى الذي يقدم الآن. وغياب في المقابل قبول فكرة النقد البناء الذي يمكن أن يقدم الجديد..”.
وأضاف سلطاني: “المشكلة ليس مهاجمة الشباب الكتاب وإنما المشكل أعمق من هذا، فحتى الكاتب المبتدئ أصبح لا يقبل النقد والتوجيه، وهذا لا يعني أيضا ألا نشجعه وندعمه كي يحسن من مستواه ويقدم لنا أعمالا ذات مستوى”.
بدوره الكاتب الشاب عبد الرزاق طواهرية، قال “هناك كتّاب مبتدئون ينتقدون كتّاب مبتدئين”، وأضاف: “أصبح النقّاد الحقيقيون. يتجنبون نشر قراءاتهم حول أغلب الروايات، نتيجة ضعفها السردي الرهيب والفاضح، وخوفا على سمعتهم كنقاد، ورهبة من تحطيم هؤلاء الكتّاب”.
وأوضح: “..أصبحت غريزة القطيع مسيطرة، وأي تعليق ينتقد كاتبا ما، تتبعه مباشرة جملة من الانتقادات الوهمية، والعكس صحيح وأصح..”.
ووجه هؤلاء رسالة للناشطين في الساحة الثقافية، أن ينشطوا ميدانيا أو افتراضيا، لمنح نموذج لنهضة ثقافية لجزائر جديدة بمثقفيها ومفكريها بعيدا عن الانتقاد والتهكم .