مثل مدن جزائرية أخرى تشكّلت عبر مراحل وحملت في تشكيلها تركيبا يتيح للراصد المتبصر استقراء ما تواتر وتفاعل لينتج حالة حضرية، الحالة الحضرية موصولة بحقيقة المعادلة الحضارية التي هي كما عبّر ديورانت نتيجة تلاقح يخصب الحيوية بثراء التنوع.
شوارع مخبرية للدرس المعماري
شوارع وهران تمثل مخبرا للدرس المعماري والأنثربولوجي أيضا، لكن للأسف تعرضّت إلى تشويه أفقدها الكثير من البهاء وهي المدينة التي عرفت بالباهية.
هناك في شوارع وساحات وهران مزيجا معماريا مرتبطا بما تعاقب على المدينة من عهود، في وسط المدينة الذي تعود نشأته إلى العهد الكولونيالي الفرنسي يظهر الطابع الباروكي والطابع الموريسكي الجديد، يحضر هذا المزيج المعماري الرائع في شوارع متعدّدة منها خصوصا في وسط المدينة نهجي الصومام والعربي التبسي.
والطابع الباروكي كما ورد في عرض لموقع أكيدرا ـ أكيدرا شركة للتصميم الداخلي ـ “الباروك هو أسلوب مستوحى من الأسلوبية والذي عكسه المؤلفون من خلال حسّهم الدرامي والمصيري في تلك الفترة الزمنية. حيث أصبح الفن في الباروك أكثر تكلفاً وتصنعاً، ويبالغ في زينته وتجمّله. وبرز فيه الاستعمال المخادع للمؤثرات البصرية؛ حيث سعى الجمال الفني لإيجاد وسائل تعبير جديدة، وجمع بين الدهش وتأثيراته المفاجئة. هذا وظهرت مفاهيم جمالية جديدة مثل “العبقرية” و”البصيرة” و”الذكاء”. وعلى الصعيد الشخصي تميز المظهر الخارجي بتعبيره عن الموقف المتعالي والأنيق والمنمق والمبالغ فيه الذي شكّل ما يسمى بالحركة”.
ويضيف عرض الموقع المذكور، شملت العمارة الباروكية أشكالا ديناميكية أكثر، ذات تصميم مترف وحسّ فني مسرحي (سينوغرافيا) متعدّدة الأشكال والأحجام. حيث نال تشكيل الفراغ مقداراً من الأهمية مع تفضيل المنحنيات المقعرة والمحدبة وإبداء اهتمام خاص بالخدع البصرية (ترمبلوي) وبمنظور المشاهد، وحظي تخطيط المدن كذلك بأهمية كبيرة، بفضل برامج التطوير الحضرية التي سعى إليها الملوك والبابوات بشكل كبير، إذ اتسم بتوحيد الشكل المعماري والمناظر الطبيعية الذي من شأنه أن يحقّق إعادة تشكيل مستمرة للمساحة، التي تتسع لتشمل أشكالا لامتناهية كتعبير عن المثل العليا سواء كانت سياسية أم دينية.
كانت إيطاليا أول من بدأ بتنفيذ أسلوب العمارة الجديد، حيث تتميز الكنائس الباروكية الإيطالية بوفرة الأشكال الديناميكية مع غلبة المنحنيات المقّعرة والمحدّبة، وواجهات غنية بالتصاميم ومكتظة بالمنحوتات، بالإضافة لعدد هائل من الأعمدة التي غالبا تكون ممتدة من الجدران، ويسودها من الداخل كما الخارج طابع المنحنيات وزخم التصاميم،
أما فرنسا وتحت حكم لويس الثالث عشر ولويس الرابع عشر، بدأت سلسة من الإنشاءات المعمارية ذات الطابع المترف بهدف إظهار عظمة الملك والطابع العريق للملكية المطلقة. وعلى الرغم من إمكانية الشعور ببعض التأثير الإيطالي في العمارة الفرنسية، إلا أنه تمّ إعادة إنتاجها بطريقة رصينة ومتوازنة أكثر لتصبح أقرب إلى عصر النهضة الكلاسيكية”.
أما الطابع الموريسكي الجديد الذي أدرج ضمن الخطة المعمارية الاستعمارية وجرى ذلك انطلاقا من رؤية لخص التعبير عنها أحد رواد المهندسين الذين نفذوا ذلك وهو المهندس الابن جاك قيوشان الذي قال: “نشعر جميعا أنه يجب أن يكون في الجزائر أشكالا معمارية ذات طراز جديد”.
يقول ندى الحلاق: “شهدت الحقبة الاستعمارية التفاتات من لدن لفيف من المعماريين الغرباء الذين اجتهدوا في إحياء تراثنا المعماري، من خلال تيار ظهر في أواسط القرن التاسع عشر وابتدأ في مصر والجناح المغربي من الوطن العربي، أطلق الفرنسيون على هذا الطراز من البناء اسم (ارابيسونس)، ونعته بعضهم بـ”الحداثة” أو “الحداثة الكلاسيكية”، ووسمهم بعضهم بـ”العقلانية المحلية” ويمكن أن نطلق على هذا التيار تسمية “الطراز الغربي المعرّب” ـ الكولونيالي في الشخصية المحلية في العمارة والعمران” مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية ـ المجلد الثامن والعشرون ـ العدد الأول ـ 2012.
وهران ارتبطت تاريخيا بالبحر الذي تدفّق بما جعل صياغتها تهجينا خلاقا، وتواجه الآن عواقب ما أنذر منه ألبير كامي عندما أشار إلى أنها تدير ظهرها للبحر، تواجه ذلك بتمدّد عمراني يحجب ويمسح واجهتها البحرية.
أماكن كثيرة كانت مشحونة بالتاريخ تعرّضت للطمس فضاعت شواهد إرث لن تعوّض، وخاصة في حي سيدي الهواري أعرق حي، وهو الحي المتاخم للميناء والمحتضن لمعالم ترجع إلى عهد الاحتلال الإسباني.
حي سيدي الهواري مرجعية
ترتبط وهران بشخصية سيدي الهواري وهو شخصية صوفية عاشت في الرابع عشر والخامس عشر، ويحمل الحي الذي عاش فيه اسمه وهو الحي الذي يعتبر نواة المدينة ومرجعها. وظاهرة الاقتران بالأولياء تنتشر في كثير من المدن والقرى الجزائرية.
في حي سيدي الهواري، الكثير من المعالم تعرّضت للتبديد خصوصا في جزء كان يسمى لاكالير تعرض للهدم في ثمانينيات القرن الماضي، وكان التدمير جريمة استئصال الذاكرة بمحو المعالم، ويشعر بالفظاعة من عاشوا في فترات سابقة وعايشوا أجواء جعلت ذكر وهران مقترنا بالبهاء.
وتبّقى القليل الحامل لذاكرة قرون، خصوصا ما يتصل بفترة الاستعمار الإسباني التي دامت أكثر من ثلاثة قرون. ومن المعالم المتبقية قصر الباي الذي يشار إليه بشاطوناف وهو قصر توالت عليه فترات مختلفة تعود إلى العهد المريني .كما توجد في الحي مقر العمالة (الولاية) في العهد الفرنسي، وهناك حديقة ليتونج التي زرعت بأنواع مختلفة وتطل على البحر، وتعتبر من أهم المنتزهات سميت نسبة إلى الجنرال جورج ليتونج الذي انطلق في إنجازها وتمّ تصنيفها كمعلم تاريخي في سنة 1932..
يمثل الحي نموذجا مكثفا لما يمثل الحالة الوهرانية بكل خصوصياتها، في هذا الحي ذاكرة تعايش
وتمازج ذكرت بعضها الروائية فاطمة بخاي في روايتها “سكاليرا”. حي يمثل الرابط بين المدينة
وميناءها وجبلها، وفي دروبه توقيعات التاريخ الحاضرة في ما تبقى من بنايات، توقيعات نرصدها في أحاديث شيوخ يتحدثون الإسبانية بطلاقة، ونرصدها في إيقاعات موسيقى جامعة بين ما يشكل مكونات الهوية الجزائرية.
حي الدرب
وفي جوار سيدي الهواري يوجد حي الدرب الذي اقترن ذكره غالبا بتاريخ الجالية اليهودية التي أقامت فيها منذ موجات الوافدين هربا من إبادة محاكم التفتيش عقب سقوط الأندلس. في هذا الحي ذكريات فنانين كبار كالمغنية رينيت الوهرانية وبجواره اشتهرت المغنية المعروفة باسم الريميتي. وهو حي كان ينبض بحيوية سوقه ومخابزه التقليدية.. تعرّض الحي لتوصيفات قادحة بسبب وجود أكبر ماخور بالجهة فيه، ماخور تعدّت شهرته حدود الولاية ووظّفه الروائي أمين الزاوي في روايته “غزوة”.. ولقد استعاد حضوره دراميا في مسلسل صنع الحدث في الموسم الرمضاني وأنصف الحي، مسلسل “أولاد الحلال” الذي تدور أحداثه بالحي المذكور. ومن هذا الحي انطلقت الشابة فضيلة والشابة خيرة أهم الأسماء النسوية في أغنية الراي.
ونظرا لزخم هذا الحي، كان يشكّل بالنسبة للمسرحي الراحل علولة مصدر رصد واستلهام، لهذا دوام على الجلوس في مقاهيه وتسجيل ما يسمعه من عبارات.
ساحة أول نوفمبر
الساحة المحورية، ساحة كانت تسمى سابقا بلازدارم أي ساحة السلاح، ساحة تحتضن مقر المسرح
ومقر البلدية، وكلاهما من روائع المعمار. عرفت الساحة أحداثا كثيرة وحضرت في ذاكرة من عاشوا بجوارها. ومنهم رفيقة الفيلسوف جاك دريدا الكاتبة هيلين سيكسوس المولودة في وهران التي ذكرت في حوار نشر منذ سنوات ـ في مجلة ماغازين ليتيرار ـ لحظات اللعب في فضاء بساحة بلازدارم سابقا
“أول نوفمبر حاليا”، فضاء تحوّل حاليا إلى حديقة بعد أن كان لسنوات تابعا للجيش.
والساحة منطلق ومنتهى مسيرات الحراك الذي ابتدأ منذ 22 فبراير/شباط، وفضاء النقاش العمومي الذي يعقب المسيرات والساحة همزة وصل بين وهران القديمة ووسط المدينة.
نهج الصومام
ومن أبهى وأروع شوارع وهران، نهج الصومام الذي حافظ على خصوصيته رغم ما طرأ على المدينة من تحولات حملت التشويه. يحمل النهج اسم يحيل إلى منطقة في منطقة القبائل وبالتحديد في ولاية بجاية، منطقة احتضنت مؤتمرا خلال الثورة شكّل منعرجا حاسما ومنطلق صراع لا زال مستمرا.
في نهج الصومام فندق الروايال أرقي فنادق وهران لصاحبه رجل الأعمال جيلالي مهري الذي حاول الاستيلاء على عمارة في نفس النهج، فتحرّك سكانها ودخلوا معه في معركة يمكن اعتبارها من المعارك التي صاغت حراك 22 فبراير /شباط.. وفي النهج أيضا حانات ومطاعم لها سمعتها كحانة ليالي لبنان ومطعم الجزائر وأيضا مقر غرفة التجارة والصناعة ومقر بنك الجزائر ـ وهو البنك المركزي ـ وهناك أيضا مقر القنصلية الفرنسية، لكن الأهم أيضا حانة ـ مقهى سنترا التي تحوّلت إلى مطعم،، في فضائها كان كامو يجلس يكتب صفحات من روايته الشهيرة الطاعون.. كان ذلك أثناء الحرب العالمية الثانية
وفرارا من مطاردة النازيين لجأ كامو إلى وهران في غرب الجزائر وهو من مواليد أقصى شرق الجزائر في مدينة الدرعان.
رغم التوسّع العمراني الذي أنتج تشكل تجمعات جديدة، بعضها صار مزخرفا بخواء وبدون حسّ عمراني حضاري وحضري، استمر نهج الصومام محافظا على روعة معماره وجاذبيته التي لا تقاوم..
وما يضاعف أهميته أيضا وجوده كبرزخ رابط بين أهم شوارع وهران وخصوصا التي تعرف إقبالا كثيرا كساحة أول نوفمبر ونهج الأمير عبد القادر وجبهة البحر.
شارعا الطواف الوهراني
شارعان في وسط المدينة، هما مقصد المتجولين من أبناء المدينة ومن زوارها، يشكّلان صفا ومروة وهران. شارع العربي بن مهيدي الذي توجد به أهم قاعات العروض السينمائية، قاعات احتضنت أحداثا وحفلات مرسخة في الذاكرة كحفلات مطربين كبار كجوني هاليداي وعبد الهادي بلخياط، وأمسيات شعراء كنزار قباني.. وكانت توجد مقاهي احتضنت مثقفين وفنانين، بعضها زال كمقهى المنصورة
ويستمر تواجد البقية لكن بدون زخم الماضي كمقهى كليشي التي كان يجلس فيها ألبير كامي.. وقريبا من الشارع توجد مقهى “بون بون” التي تعتبر ملتقى لبعض الفاعلين من المجتمع المدني ولشباب الحراك والمناضلين الديمقراطيين. وفي هذا الشارع كان مركزا تابعا للجامعة لعب دورا كبيرا في الديناميكية الثقافية خلال عقد ثمانينيات القرن الماضي، مركز الكريديش الذي احتضن ملتقيات نوعية ولقاءات مع قامات كجاك بيرك وأحمد فؤاد نجم وبرهان غليون…الخ. كما يوجد متحف السينما الذي كان فضاء إشعاع استثنائي وقطب نقاش حول التجارب السينمائية المختلفة، من شاهين المصري إلى كوبولا الأمريكي ومن بيرغمان السويدي إلى هوندو الموريتاني.. كما يوجد في الشارع مقر المركز الثقافي الفرنسي ومكتبة صوفيا التابعة للكنيسة التي تبرمج دوريا مثل مثيلتها الموجودة قرب الشارع والحاملة لاسم ابن خلدون نقاشات ومحاضرات ولقاءات علمية وفكرية.
ولشارع محمد خميستي أيضا ذاكرته وأجواءه، شارع كان نموذج الأناقة والتحضّر، يحتضن سوق ميشلي أحد الأسواق المحورية والتي كانت جاذبة للميسورين، سوق يوجد بجواره مقر جمعية علمية من الزمن الكولونيالي، جمعية الجغرافية والآثار التي كانت ممتلكة لرصيد نفيس من الوثائق. كما تنتشر مقاهي، منها مقهى يستقطب سماسرة تجارة السيارات. ويمتد الشارع إلى ساحة تحتضن المقر المركزي للبريد الذي شهد في سنة 1949، عملية سطو نفذها مناضلون وطنيون من بينهم الرئيس الأسبق بن بلة والزعيم الراحل حسين أيت أحمد، وكان ذلك في إطار التحضير للثورة التي اندلعت في 1 نوفمبر 1954.
وقريبا من الشارعين المذكورين وبجوار نهج الأمير عبد القادر في زقاق صغير توجد مقهى تعتبر رائدة المقاهي المحلية في وهران، مقهى كانت ملتقى لعناصر الحركة الوطنية قبل الثورة وظلّت فضاء لقاء شخصيات مختلفة وعرفت حكايات كثيرة.
والمقهى تسمى الوداد، وفي ذلك ربط بمعجم تلك الفترة التي سبقت الثورة. وهي ملك لعائلة أصهار الرئيس الراحل محمد بوضياف. لكن للأسف أغلقت وعرضت للبيع وهو ما يعتبر بترا آخرا للذاكرة الوهرانية.
الطحطاحة قلب وهران النابض
في مدن جزائرية متعدّدة توجد ساحات يشار إليها بوسم “الطحطاحة”، والطحطاحة المراد بها المكان المتسع الممتد والمستوي.
الطحطاحة جزء محوري في حي يسمى المدينة الجديدة، وهو حي يعود بناءه إلى أواخر النصف الأول من القرن التاسع عشر وكان إنشاءها بقرار من الجنرال لاموريسيير صدر في 20 يناير 1845، لإبعاد تجمع الأهالي في الخيام والأكواخ التي أقيمت متاخمة لوسط المدينة، وسمي الحي بالقرية الزنجية،
وهو وسم يرتبط بتصنيف كولونيالي لا علاقة له بدلالة اللون حسب بعض الباحثين الذين استندوا إلى ضآلة عدد ذوي البشرة السوداء ضمن الساكنة.
ساحة شهدت في أواخر حرب التحرير فجيعة تفجير إرهابي اقترفته منظمة الجيش السري “لواس”، وفي شهادة أوردتها صحيفة الشعب ـ عدد 3 /3 / 2018 ـ للسيد النّاير قدور أحد المجاهدين المحكوم عليهم بالإعدام ذكر “أنّ تفجيرات “الطحطاحة” هي أوّل جريمة بسيارة مفخّخة في تاريخ الثورة الجزائرية من إمضاء منظمة الجيش السري الفرنسي”. وأنه “في يوم الأربعاء 28 فبراير 1962، قبيل ساعات من الإفطار في اليوم 23 من شهر رمضان، حيث كانت ساحة “الطحطاحة” مكتظّة بالسكان لاقتناء مستلزماتهم، قبل سماع ذوي الانفجار بالقرب من متجر بيع الزلابية، حينما وقع انفجاران بواسطة سيارتين مفخّختين، ممّا أدّى إلى سقوط أكثر من 100 ضحية وإصابة المئات بجروح. “وتحدّث عن” موتى تناثرت جثثهم المتفحّمة في كل مكان، بعضها التصق في الجدران”.
وفي الطحطاحة كان ملتقى شعراء الملحون ـ وهو تعبير يطلق على الشعر العامي أو الشعبي في الجزائر ـ، وملتقى الفنانين وميدان لعروض فلكلورية والحلقة ـ أي رواة الحكايات ـ، من الفنانين الذين عاشوا في هذه الأجواء بلاوي الهواري أحد أقطاب الأغنية الوهرانية وأحمد صابر الذي اشتهر بأغانيه الاجتماعية النقدية.. والطحطاحة جزء من حي المدينة الجديدة المشتهر بوصف أم المساكين نظرا لتعدّد أسواقه التي فيها ما يعين البسطاء.
وقريبا من الطحطاحة توجد ثانوية تحمل اليوم اسم ابن باديس، ثانوية كان من طلابها المفكر الكبير محمد أركون ودرس فيها أيضا مصمم الأزياء المشهور إيف سان لوران المولود في وهران يوم 1 أغسطس 1936.
مدينة الحوار
ربما وهران يمكن اعتبارها المدينة التي تشكّلت بالتثاقف ولهذا فهي مدينة حوار وتحقيق لما يعبّر عنه بقواعد العيش المشترك. مدينة ارتبط تحريرها من الإسبان بطلبة الزوايا الذين هبوا من مازونة
ومعسكر لاستعادتها وبشحنة روحانية تكثف انفتاح المدينة على الآخر الذي هو في منطقها ليس الجحيم كما قال سارتر بل الأنا كما قال رامبو.
في وهران بمساجدها التاريخية التي تحتاج إلى تكفل جدي للحفاظ عليها حتى لا تضيع البوصلة، تجاور كنيسة العذراء في قمة الجبل مقام الولي عبد القادر الجيلالي الذي تعزّز بمسجد سميّ الرباط وفي ذلك ما يعتبر فصل القول التاريخي. ومن أمثلة الاستيعاب للمختلف أذكر أمثلة تغني عن التفصيل:
ـ رجل الدين المسيحي بيار كلافري لما تمّ اغتياله في التسعينيات كان معه ضحية الإرهاب سائقه المسلم محمد ولقد نشر كتاب عن الحادثة برمزيتها.
ـ موسيقيا ارتبطت الأغنية الوهرانية باسمين، بلاوي الهواري الذي استثمر رصيد الفلامينكو وأحمد وهبي المسكن بالمقامات الطربية، وبالإيقاعين تمت صياغة الحقيقة الوهرانية.
ـ في الثمانينيات بادر بعض المثقفين، منهم عمار بلحسن وملياني الحاج ومحمد سحابة بنشر مجلة
“أصوات مختلفة” لاستيعاب التعدّد.