“هجرة النار” رواية ترصد مأساة سكان أقصى الجنوب الجزائري الذين يعيشون حياة بدائية في القرى، محرومين من أبسط وسائل العيش في حين أن باطن أرضهم يزخر بأجود المعادن النفيسة..
محمد بن زخروفة كاتب جزائري من مواليد 13 جوان 1990م بولاية الشلف، درس شعبة التكنولوجيا ثم انتقل إلى كلية الآداب بجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف أين تحصّل على شهادة الماستر تخصص لسانيات، صدرت له أول رواية سنة 2015م تحت عنوان “رحلة الشفاء” في طبعتها الأولى، التي حاز من خلالها على جائزة رئيس الجمهورية “علي معاشي”، ثم الطبعة الثانية عن وزارة الثقافة سنة 2019م، كما صدرت له رواية “زارة.. الحب المقدس” سنة 2016م، وفي سنة 2017م فاز بجائزة وطنية في القصة القصيرة، صدرت له أيضا رواية “سيفون شارغو” سنة 2018م، ثم رواية “هجرة النار” سنة 2020م. حضر العديد من البرامج التلفزيونية والاذاعية الجزائرية والعربية.
ترصد الرواية مأساة سكان أقصى الجنوب الجزائري الذين يعيشون حياة بدائية في تلك القرى، محرومين من أبسط وسائل العيش في حين أن باطن أرضهم يزخر بأجود المعادن النفيسة، السبب الذي جعل هذه المنطقة مسرحا للصراع بين عصابات همها الوحيد الاستيلاء على الذهب بشتى السبل، حتى لو كانت تلك الطرق غير شرعية، لتزهق أرواح أولئك السكان الفقراء الأبرياء المعزولين عن العالم في صمت دون أن يلتفت إليهم أحد.
الرواية تأسر القارئ وهو يحاول في كل صفحة أن يجد لها تصنيفا، أهي واقع أم خيال؟ هل هي تاريخية أم سياسية أم اجتماعية؟، غموض وجريمة مزيج بديع وخلطة سحرية قام الكاتب بطبخها على مهل حتى النضج، لتكون جاهزة حتى يستمتع القارئ بتذوقها، استطاع بن زخروفة أن يرسم أحداث الرواية ببراعة بلغة قوية وسلسة، بتعبيرات مميزة وصف وتفاصيل ممتعة لا تشعر القارئ بالملل، إضافة إلى أنه لا يستطيع التكهن بأي أحداث فيها من بدايتها إلى نهايتها، يختفي أشخاص في وسط من الغموض والدهشة، ليظهر غيرهم، ويصبحون هم أساس الحكاية.
تبدأ الرواية بالرسالة التي تقع في يد “بوسعيد” المعلم الوحيد في القرية فيصاب بعدها بالجنون، فتكثر الأقاويل حول جنونه، ويكشف حارس العربات “عمير” عن وجود قبر ويسرد على الناس الملتفين حوله رؤيته لأشباح خمس رجال على أكتافهم معاول، وبعد يومين وقت الفجر يعود الرجال لانتشال الجثة على مرأى الرجل نفسه “الحارس عمير”، فيخبر شيخ المسجد عما شاهده، يسرع الشيخ بصحبة جماعته نحو المقبرة ليقفوا أمام خيبة اختفاء الرجال، ثم يظهر حدث غريب وتتجسد أمام أعينهم نار عظيمة ترتفع عند شجيرة أسفل المقبرة (شجرة الجميز)، تلك النار التي شكّلت هاجسا كبيرا لدى السكان لسنوات عديدة، تقع أحداث غريبة في هذا الحيز وتحدث تحولات كثيرة خلال أزمنة متفرقة في فضاء مكاني واسع فتتوالى الأحداث وتكثر التساؤلات والاحتمالات في ذهن القارئ كيف لهذه المنطقة التي يفتقر أهلها لأبسط متطلبات الحياة، تتكالب عليها الصراعات من كل حدب وصوب دون أن يدركوا سبب ذلك لابد من تخطيط فاعل، ثم يعود إلى أول حلقة انطلقت منها الرواية وهي الرسالة الغريبة وعلاقتها بعصابة التنقيب عن الذهب، تلك المجموعة التي يقودها المشعوذ “بوبكار” من دولة مالي فيستخدم السحر الأسود من أجل الاستيلاء على الذهب.
تتشكّل عقدة النص بشكل بطيء يؤثث لأحداث تتتابع كشريط مصور من خلال الاختفاء المفاجئ لسيدة من قرية “تاس” وكذا إصابة ابنة الخوجة أحد أبطال الرواية بالجنون، ذلك التوارد للمشاهد لم يأت من فراغ وانما ليتابع القارئ مسار تطور الرواية بمزيد من الدهشة والفضول والتشوّق لإتمامها…
الكتاب: هجرة النار
الكاتب: محمد بن زخروفة
دار النشر: الجزائر تقرأ
عدد الصفحات: 218