صدرت مجموعة “اطلاق سراح الأشياء وقصص أخرى” للقاصة “عائشة بزيو”، التي رحلت في ريعان شبابها، فقامت أختها “حياة” بجمع شتات أوراقها وأحسن قصصها التي ظلّت مبعثرة في مسودات متداخلة وغير مرتبة.
جلبت بعضها من مكتبها في العمل بمديرية الأمن ببن عكنون، والبعض الآخر من مقر سكنها بباش جراح، فعملت على تنسيقها وتقسيمها حسب أجناسها بعدما قطعت عهدا على نفسها بإخراج قصصها إلى النور، لتخليد أفكارها بنبوءاتها وتوصيفها الحيادي للواقع الجزائري وتنويرها الناضج. كانت عائشة مثال المرأة الشجاعة الحالمة التي وقفت في وجه قبيلتها متحدية سطوتها وأحكامها والهيمنة الذكورية من أجل تحقيق أحلامها.
ولدت القاصة في 17 جوان 1964م، تخرّجت من المعهد التكنولوجي لتكوين المعلمين ببسكرة، ومارست التدريس في إحدى مؤسسات البلدة (سيدي خالد) لمدة أربع سنوات، ثم انتقلت الى قسنطينة لتستأنف دراستها بجامعة “محمد منتوري” اين نالت شهادة الليسانس في علم النفس العيادي، وبعدها اشتغلت أخصائية نفسية بمديرية الأمن الوطني لترحل عن هذه الدنيا في 23 نوفمبر 1998م تاركة العديد من النصوص التي لم تنشر.
تحمل المجموعة القصصية “إطلاق سراح الأشياء” في مجملها متاعب ومحن الحياة بثوب سردي مؤثر، بإمكانه أن يدفع القارئ نحو التعاطف مع الشخوص، قصص مغموسة بريشة الإبداع والوجع والأمل والتأمل، تحوي أفكارا جريئة، حاولت الكاتبة من خلالها لملمة شظايا العالم الواقعي، فمن المعروف أن هناك الكثير ممن يمارسون الكتابة لكن قلة منهم من يمتلكون مخيلة نظيفة عندما يعيدون بناء شظايا هذا العالم المتناثر بكل قساوته ووحشيته وآلامه المدفونة في صدور الناس. فقد امتلكت القاصة لغة خاصة وقدرة كبيرة على انشاء تعابير إبداعية جميلة بصورة عفوية تنساب مع مجريات القصة لتخدم أحداثها وأبطالها.
تنبض المجموعة بتسع قصص تتراوح بين الطول والقصر: مهدي (7صفحات)، بورتريه (7 صفحات)، إطلاق سراح الأشياء (8 صفحات)، الشيخ والمنبه (8 صفحات)، أفكار مخجلة (12 صفحة)، الحب المستحيل (7 صفحات)، الهدية (8 صفحات)، نرجسية امرأة (78 صفحة)، فقاعة (56 صفحة)، إضافة الى شذرات (الحنين – السيدة فراشة) ، رسائل (جبين الواحات – ياناجي)، واقتطاعات (يسكبون حزنهم فيّ حينما لا أكتب – قصر الرشيد – حبيتك – بائعة ورود أندلسية).
تضمّنت المجموعة مواضيع مختلفة عن الحياة بكل ألوان الطيف الصداقة الحزن الأسى الظلم الخذلان الوفاء الانكسار التحدي الحب الحنين الاشتياق الخيانة الإهانة الألم الطموح الخيبة، قصص تجسّد بؤس الحياة وشقاء الانسان فيها بعيدا عن نفاق القيم والأخلاق وكذبها، تتسّم بعفوية كاتبتها، حاولت من خلالها فضح الواقع المجتمعي المغلف بحجاب التقاليد والحشمة، فنقلت المواقف كما هي ليعيشها القارئ لحظة بلحظة..
المجموعة صدرت مؤخرا عن دار خيال للنشر والترجمة في 240 صفحة.