إذا تأمّلنا المعطيات المؤطّرة للراهن الجزائري بصفة خاصة، والعربي الإسلامي بصورة عامة، ندرك أن طرح إشكالية الهوية في السياقات العربية الإسلامية أصبح اليوم أمرا ملحّا أكثر من أي وقت مضى.
بالنظر للتحديات التي تفرضها العولمة كنسق للهيمنة والاختراق الرمزي للخصوصيات الثقافية والهووية من قبل قوى عالمية، همّها الوحيد النفوذ والسيطرة لتحقيق مزيد من الأرباح المادية دون اكتراث بما يرافق ذلك من عنف رمزي على الشعوب والثقافات المهيمن عليها، وبالتالي فإنّ إيجاد حلول فعّالة لهذه الإشكالية من شأنه أن يسهم في تشكيل آلية دفاعية تحمينا ممّا نتعرّض له من عنف رمزي يطال لغتنا وديننا وهويّتنا.
د. فارح مسرحي
قسم الفلسفة – جامعة باتنة
وإشكالية الهوية ومعرفة الذات أو الأنا إحدى الإشكاليات المتجدّدة في الخطاب الفلسفي عبر تاريخه الطويل، منذ لحظة سقراط ومقولته الشهيرة “اعرف نفسك” إلى لحظة ديكارت وصياغته لمبدأ الكوجيتو “أنا أفكّر إذن أنا موجود”، وصولا إلى الفلسفات الوجودية المعاصرة التي تطرّقت لموضوع الهوية من منظور أسبقية الوجود على الماهية، بالإضافة إلى المقاربات الجديدة التي أصبحت تتناول الموضوع ضمن مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية كعلم الاجتماع وعلم النفس والأنثروبولوجيا وغيرها، دون أن ننسى إسهامات الفكر العربي الإسلامي في هذا السياق لاسيما إشارات ابن سينا الذي يعد مبدع مصطلح الإنية، وكذا مختلف المشاريع التي عرفها الفكر النهضوي الإصلاحي ثم الفكر العربي المعاصر، التي، وإن اختلفت في توجّهاتها وأهدافها ومناهجها، إلا أنّ إشكالية الهوية كانت دوما حاضرة في خطابها بشكل معلن أو مضمر، وهذا الحضور المتجدّد لإشكالية الهوية إن دلّ على شيء، فإنما يدل على أن سؤال الهوية يبقى سؤالا مصيريا كما يبقى قابلا للإثراء دون امتلاء.
ومن بين المقاربات الجادّة في بحث هذه الإشكالية; تبرز إسهامات المفكر الجزائري الراحل مولود قاسم نايت بلقاسم 1927-1992، الذي كان سبّاقا إلى استشراف حساسية هذا الموضوع – خاصة في الجزائر التي عمل الاستعمار الفرنسي كل ما في وسعه للنيل من هويّة شعبها – وضرورة مناقشته وإثرائه ببلورة تصوّر نظري متماسك من جهة، وقابل للتجسيد في أرض الواقع من جهة ثانية، وفقا لمقولته المركّزة والمعبّرة التي عنون بها إحدى مقالاته “إنيتنا أو منيتنا”، بمعنى أن المسألة تتعلق بالمصير وبالوجود من عدمه، فإمّا أن نحدّد هويّتنا ونوضّح تميزنا عن غيرنا، أو نعلن وفاتنا ونكتب نهايتنا.
ونظرا لقلة الدراسات التي تناولت أعمال هذا المفكر إن لم نقل انعدامها – بالرغم من أهميتها الكبيرة*– فإنّنا سنحاول في هذا البحث إبراز أصالة وأهمية هذه الأعمال من خلال مناقشة تصوراته النظرية المتمثلة في مفاهيم التاريخ، اللغة، الإنية، كما سنتوقّف عند مختلف المشاريع والإجراءات العملية التي قام بها هذا المفكر أثناء شغله لمنصب وزير التعليم الأصلي والشؤون الدينية بالحكومة الجزائرية خلال قترة السبعينيات من القرن الماضي.
وتأسيسا على ما سبق ذكره يمكننا صياغة الإشكالية التي يسعى البحث للإجابة عنها على الشكل التالي: ما المقصود بمصطلح الإنية لدى مولود قاسم وما الفرق بينه وبين مصطلح الهوية؟ ما هي المقوّمات الأساسية للإنية وبأي معنى ينظر لها مولود قاسم؟ وما مكانة اللغة ضمن هذه المقومات؟ إلى أي مدى يمكننا أن نستفيد منها في استشراف مستقبل أفضل؟
أولا: في تنظيرات مولود قاسم للإنية:
قبل السعي للإجابة عن الإشكالية التي تبحثها الورقة، من المهم الإشارة إلى السياق التاريخي والفكري الذي ظهرت فيه آراء مولود قاسم، فبعض كتاباته كانت أثناء الثورة التحريرية، وبعضها الآخر جاء بعد الاستقلال، ومن ثم فقد كان التوجه النضالي والحماس الوطني قابعا خلف كتاباته، حيث كانت كتاباته قبل استرجاع السيادة والاستقلال تصب في خانة محاربة الاستدمار – كما يحب تسمية الاستعمار – وإثبات ما ينكره هذا الأخير على الأمة الجزائرية من وجود في التاريخ، وما عمل على نشره وتجسيده من استصغار لدورها وتفكيك لرموزها وقضاء على شخصيتها…
في حين جاءت كتابات بعد الاستقلال مواصلة نفس التوجه العام ولكن هذه المرة للرد أيضا على أزلام المستدمر وبقاياه، السائرين في فلكه من أبناء هذه الأمة، فقد عرفت الجزائر بعد الاستقلال، للإشارة، جدلا إيديولوجيا واسعا على مختلف الأصعدة، ويعنينا منها في هذه الورقة، الشق الثقافي منه وهو الذي دار بين أنصار اللغة العربية والمفرنسين من جهة ودعاة البربرية من جهة أخرى، وقد كان مولود قاسم طرفا فاعلا في هذا الجدل.
أوردنا هذه الفكرة للإشارة إلى أن مولود قاسم مثقف يصدق عليه كثيرا ما قيل عن ابن خلدون من أنه “رجل علم فرضت عليه السياسة”، إذ مارس السياسة في أعلى مستوياتها بشغله لمنصب وزير التعليم الأصلي والشؤون الدينية طيلة فترة حكم الرئيس الراحل هواري بومدين، الذي كانت تربطه به صداقة كبيرة منذ أيام الدراسة في مصر إبان الثورة التحريرية، ولكن هذا المنصب لم ينل كثيرا من مولود قاسم المفكر المثقف، وقد وصفه أحد أصدقائه بأنه لا يحتاج لمترجم في طول أوروبا وعرضها، وهذا لتمكنه من ناصية جل اللغات الأوروبية، كما أنه سجل مرتين موضوعا لإنجاز أطروحة دكتوراه فلسفة، مرة في جامعة باريس ومرة ثانية في جامعة بون بألمانيا، مع ملاحظة مهمة أن الموضوعين اللذين اختارهما يتعلقان بمسألة الحرية وهو اختيار ذو دلالة واضحة على التوجه العام لفكره، دون أن يكتب له إتمام أي منهما1، وليس السبب في ذلك راجعا إلا إلى انشغالاته النضالية أثناء الثورة كممثل لبعثة جبهة التحرير الوطني خارج الوطن، والمسؤوليات السياسية والمناصب التي تقلدها بعد الاستقلال خاصة كوزير للتعليم الأصلي والشؤون الدينية**.
المسألة الثانية التي لابد من توضحيها وهي قضية مفتاحية لدراسة أي فكرة لدى أي فيلسوف أو مفكر هي مسألة المرجعية الفكرية والفلسفية التي تقبع خلف أفكاره وتحدد طريقته في إنتاج المعرفة، وفي النموذج الذي ندرسه – أقصد المفكر مولود قاسم – نلاحظ تعدد مصادر فكره بين المصادر العربية الإسلامية قديما وحديثا2 وخاصة الفيلسوفين ابن سينا وعثمان أمين، وكذا المصادر الغربية لاسيما ديكارت، فيخته، وبرغسون، وبصورة خاصة الفيلسوف الألماني فيخته فهو لا يستشهد بمفكر أكثر من استشهاده بهذا الفيلسوف لاسيما في القضية التي نحن بصدد دراستها أي قضية الهوية وعلاقتها باللغة.
بعد هاتين الملاحظتين يمكن طرح سؤال الهوية والإنية عند مولود قاسم وتحديد موفقه وبيان خصوصيات مقاربته للموضوع، إذ يتعلق هذا الأمر في المرحلة الأولى ببحث التصور النظري للإنية عند مولود قاسم وعلاقتها المتينة باللغة ويشمل ثلاث عناصر أساسية:
1 / مفهوم الإنية:
يعرّف مولود قاسم نايت بلقاسم مفهوم الإنية بقوله: “أقصد بالإنية ذلك الوعي الحاد بالذاتية والشخصية، وهي تلك الإنية التي يتكلم عنها ابن سينا والتي تتلخص في أنه كان قد تصور نفسه معلقا بين السماء والأرض، وأن جسمه قد انتزع منه وفي حكم العدم، ولم يبق له في تلك اللحظة، وهو بين عالمين، إلا ذلك الوعي الحاد بوجوده، وشعوره بذاته المتميزة، القائمة بذاتها، المستقلة عن غيرها، وهذا التصور لابن سينا هو الذي كان الأصل في ذلك الكوجيتو الديكارتي المعروف”3 . هذا التعريف يوضح بصورة جلية المقصود بالإنية والذي يمكن اختصاره في عبارة أن الإنية هي ما يبقى حين يزول كل شيء، بمعنى أنها الشعور العميق جدا بالوجود وبالتميز، فهو بمثابة الجوهر الذي لا يزول بزوال الأعراض بلغة المناطقة.
وهذا النص يشير إلى أن المفهوم قد وضعه ابن سينا للدلالة على الوجود العميق للذاتية، غير أن المفكر مولود قاسم يربط بين هذا المفهوم السيناوي ومفهوم الكوجيتو الديكارتي، مثلما اجتهد الكثير من المفكرين العرب والمسلمين للربط بين الشك الديكارتي والشك كما تحدث عنه أبو حامد الغزالي، وهو ربط فيه نوع من التعسف إن لم نقل نوع من المغالطة التاريخية، ذلك أن لكل مفهوم سياقه التاريخي والفلسفي الذي ظهر فيه، والتقارب الذي قد يضر بين بعض المفاهيم لا يعني بالضرورة التأثر المباشر، فمن السهل إيجاد تقارب بين العديد من المفاهيم في مختلف الفلسفات عبر التاريخ دون أن يعني ذلك تأثرا أو نقلا مباشرا فيما بينها، فلا يمكن كما يقول باشلار مثلا أن نربط مفهوم الذرة كما هو في العصر الحديث مع كل قول أو ورود لكلمة ذرة عبر التاريخ، وبالمثل فالقول بأن الكوجيتو الديكارتي مستقى من مفهوم الإنية السيناوي يحتاج إلى بحث وتبرير دقيق، وهو ما لم يجتهد مولود قاسم في إثباته.
في المقابل، من المهم أن نبين أهمية توظيف مفهوم الإنية من قبل مولود قاسم بدلا عن مفهوم الهوية، فكلمة الإنية في اللغة تحيل إلى دلالتين؛ دلالة منطقية: وهي الوجود الفردي المتعين، ودلالة صوفية: تفيد مقام الحضور والشهود4 ، وكلمة الهوية من الناحية اللغوية تفيد حقيقة الشيء وتميزه عن غيره، فالكلمة المقابلة للفظ “هوية” هي كلمة: Identité وهي من الأصل اللاتيني Idem الذي جاءت منه الصفة: Identicus التي تفيد الشبيه والمماثل وتعارض وماهو مختلف ومتنوع.5 وبالرغم من التقارب في دلالتي الكلمتين إلا أننا نلاحظ أن كلمة الإنية تؤكد الحضور – هنا وتؤكد الإعلان الشخصي بالوجود والتميز، أكثر من كلمة الهوية، التي وإن أشارت إلى التميز إلا أن هذا التميز فيه يشير إلى نوع من الغياب هو – هناك، فتحديد الإنية يتم من خلال الأنا المتكلم والمعني بها دون غيره، في حين يمكن تحديد الهوية من قبل الآخر، وهي مسألة في غاية الأهمية، وقد سبق وأن ناقشناها في سياق آخر في بحث سابق.6 وأوضحنا كيف النخب الحاكمة عندنا وبحكم ضرورات البناء الوطني بعد الاستقلال مباشرة، نظرت لمفهوم الهوية على أنه تصور جاهز، واضح، مكتمل العناصر أو الثوابت وتكون مهمة السلطة الحاكمة هي توزيع وضخ هذا التصور في أذهان المواطنين عبر وسائل الإعلام، ومهمة المواطنين هي استقبال هذا التصور والعيش به / عليه دون أن يمتلكوا الحق في التساؤل أو التفكير في هذه العناصر، وبعد نصف قرن من هذه الممارسة نلاحظ انفجار الوضع وتعدد المطالب الشعبية وعلى رأسها المطالبة بالحريات والتعددية السياسية والثقافية والدينية..إلخ، وهنا يجد المفهوم المكتمل للهوية الذي تبنته السلط الحاكمة نفسه مهترئا وبحاجة إلى تفكيك وتعديل.
2 / مقوّمات الإنية:
يتّفق أغلب المفكرين حول المقومات الرئيسية للهوية أو الشخصية القومية في كونها تشمل: الثقافة، اللغة، الدين، التاريخ، المستقبل أو المصير المشترك التراث..إلخ، ويختلفون في ترتيب هذه العناصر حسب الأهمية، واختلافهم هذا نابع بالدرجة الأولى عن توجهاتهم الايديولوجية، وكذا خصوصيات كل مجتمع وكل أمة، وتترتب مقومات الإنية عند مولود قاسم نايت بلقاسم من خلال أعماله كما يلي: الدين، اللغة، التاريخ، والتراث ويشرح أحد الباحثين المقصود من هذا العنصر الأخير عند مولود قاسم قائلا: “والتراث عنده ليس ذلك التراث المتداول عند كثير من الباحثين والمقتصر على التراث العلمي أو الثقافي، بل التراث عنده هو كل ما تركه الآباء والأجداد من علم وثقافة وحضارة وسلوك وعادات وتقاليد وأعراف وأخلاق وبكلمة واحدة، فالتراث هو الإرث الكامل لما أنتجته الأجيال السابقة”7، وطبعا لكل مقوم من هذه المقومات مفهوم خاص لدى مولود قاسم:
2-1- الدين: لقد تشبّع مولود قاسم منذ صغره بقيم الدين الإسلامي، وظل يؤمن بأن الدين عماد الإنية، لكنه كان يدعو إلى ضرورة التمييز بين التمسك والتنسك؛ بمعنى التمييز بين التدين الإيجابي الفعال المتمسك بالقيم الدينية كمنظومة اجتماعية شاملة، والتدين الذي يتوقف عند التنسك الشكلي الذي يجعل الفرد سلبيا مدبرا جامدا خامدا ذاهلا ممّا ينجزه الآخرون، فالإسلام في نظره نظام اجتماعي شامل وقابل للتجدد والتحديث وفقا لمقتضيات الراهن، وقد كتب العديد من المقالات التي يشرح فيها أهمية عامل الدين في كيان الأمة ووجودها، وكذا موفقه من الدين ومن أنماط التدين، ولأن عامل الدين ليس يعنينا بالدرجة الأولى في هذه الورقة، فسنكتفي بذكر عناوين أهم مقالاته حول هذا العنصر الذي يحتاج بدوره لدراسة مستقلة، وأهم هذه المقالات 8:
– الإسلام ثورة شاملة.
– الإسلام دنيا وآخرة.
– شعب الجزائر مسلم.
– يعاب إسلامنا والعيب فينا.
– العروبة بدون إسلام جاهلية
– أمتم علينا ديننا أماتكم الله.
– عمائم وغمائم.
– خرافة الفصل بين الدين والدنيا.
2-2- التاريخ: ويحتل مساحة مهمة في بنية مفهوم الإنية لدى مولود قاسم، ففي نظره التاريخ روح الأمة وعصب حياتها، فهو ليس مجرد وقائع مضت إنما هو الأعمدة التي نستند عليها والركائز التي نتشبث بها، وهو شهادة ميلادنا وبطاقة إنيتنا ودليل وجودنا المحدد لمكانتنا بين الأمم، يقول: “التاريخ هو الإسمنت الروحي – إذ فيه الدين أيضا- والايديولوجي والسياسي، لتقوية وحدة الأمة وتعزيز تماسكها، وتوطيد أركانها وتعميق الوعي بتلك الوحدة، وإذكاء الإحساس بذلك التماسك، مما يعطيها في الداخل تصورا واحدا للحياة، ويبرزها للخارج كرجل واحد”9 ، وقد كتب كتابا في جزأين حول حقبة تاريخية منسية من تاريخنا وهو الذي عنونه بـ: شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل 1830، كما ألّف كتابا رصد فيه ردود الفعل داخليا خارجيا حول أول نوفمبر، بالإضافة إلى هذين الكتابين نشر العديد من المقالات حول الموضوع نفسه لعل أبرزها:
– اعتبار ماضينا لبناء مستقبلنا.
– لسنا يتامى التاريخ.
– التاريخ ذاكرة الأمم.
– للأمم أيامها.
– التاريخ يا شماريخ.
2-3- التراث: ويمثل مسألة حسّاسة في المغرب العربي بصورة خاصة لأنه يطرح إشكالية التعامل مع التراث الأمازيغي، وهو التراث الذي كان مولود قاسم يوليه أهمية بالغة، ويدعو إلى ضرورة إحيائه نظرا لما تعرض له من عمليات التشويه والمسخ من قبل الإدارة الاستعمارية من جهة، ولأن معرفة الماضي ضرورية لبناء المستقبل من جهة أخرى، وهذا بعيدا عن التوظيفات السياسية التي يتعرض لها هذا التراث من قبل العديد من الأطراف. ولعل أبرز ما قدّمه مولود قاسم في هذا السياق إصراره على إدراج محور تاريخي للإثراء وللمناقشة حول كل منطقة من المناطق التي تحتضن ملتقيات الفكر الإسلامي التي كان يشرف عليها، فكانت تلك المناقشة فرصة مزدوجة لإحياء التراث الثقافي للمنطقة من جهة، والتعريف به لدى المشاركين في الملتقيات والذين كانوا يأتون من كل القارات ومن مختلف الثقافات.
2-4- اللغة: وهي أهم عنصر من عناصر بناء الهوية أو الإنية، والذي أولاه مولود قاسم أهمية بالغة في كتاباته، ونشر العديد من المقالات حول أهمية اللغة في كيان الأمة لعل أبرزها هذه المقالات:
– تعريب الأمخاخ والقلوب قبل تعريب الألسنة.
– قيمة اللغة في نظر بعض الأمم.
– تكلم لغة قومك.
– علمية اللغة العربية ماضيا ومستقبلا.
– اللغة والشخصية في حياة الأمم.
– معنى التعليم الأصلي.
الملاحظ حول موقفه من مسألة اللغة هو ذلك الانفتاح الذي يتّسم به على غرار مواقفه من مختلف القضايا الأخرى كالدين والتاريخ..إلخ، فهو يرى أن اللغة هي القوة الطبيعية المحركة للأمم، وكان مهووسا باللغة العربية، إلا أنه كان متفتحا على اللغات الأخرى فكان يتقن أكثر من سبع لغات.
ثانيا: مركزية اللغة في مفهوم الإنية:
لا يختلف اثنان حول المكانة المركزية التي تكتسيها اللغة في تكوين وتميز واستمرار الأمم على اختلافها، يقول أحد الباحثين: “إن اللغة هي الأساس الصلد الذي تقوم عليه قصة الأمة 10“، والصلادة تفيد مقاومة الجسم للانكسار، فاللغة هي العامل الرابط الموحد للأمة الحافظ لها من الزعزعة والانكسار والتفكك، بل أنه يصعب فصل اللغة عن مستعمليها، ومؤوليها والسياق التداولي لها، بالنظر للوشائج الرابطة بين اللغة ومتكلميها، ضمن هذا الطرح يمكن إدراج موقف مولود قاسم من مكانة اللغة ودورها في حياة الأمم وفي تميزها، ومن ثم في إنيتها، فاللغة ليست مجرد جهاز آلي يسمح بإنتاج الكلمات والنصوص، يقول في نص مهم للغاية: “قلنا في مقال سابق إن اللغة ليست إلا الصورة الخارجية للتفكير والإحساس، الواقع أنها أكثر من هذا، فهي تلك الصورة التي تعطي محتواها لونا، وشكلا، وقواما، فهي المحملة بتلك العناصر المكونة للذاتية، للشخصية القومية، فهي ذلك التيار الذي يبعث الروح في جميع أركان الكيان الوطني وذلك الاسمنت الذي يضمن وحدة البنيان القومي، والذي بدون تلاحمه لا يمكن أن يكون أي كيان لأمة من الأمم11“، يفهم من هذا النص أن أهمية اللغة تتجلى في كونها أداة التعبير عن العناصر الأخرى لإنية الأمة من تاريخ ودين وثقافة وعادات، فباللغة تعرف وبها تنتشر ويستفاد منها، فالذي يفقد لغته – يضيف مولود قاسم- “يمزق الخيط الذي يصله بالأجداد ويفقد معها حلقات ماضيه..إلى اللاوجود، لأن اللغة الأصلية هي الحياة “11.
اللغة إذن هي الخيط الذي يجمع فصوص العقد كما يقال، فهي أداة الوصل بين الأجيال، أداة نقل المآثر والعبر، وهي في الوقت نفسه أداة صناعة المستقبل، لأنها كما يقول مولود قاسم متأثرا بالفيلسوف الألماني فيخته – الذي كثيرا ما يستشهد بكتابه الخالد نداءات إلى الأمة الألمانية- “اللغة هي القوة الطبيعية التي تتدفق تلقائيا، وتؤثر في الإنسان والحياة تأثيرا مباشرا فعالا، بما تشحنه من طاقة كامنة، وقوة ديناميكية فياضة تدفع إلى الأمام”12 ، لذلك يربط مولود قاسم التربية السليمة بالانطلاق من اللغة القومية الأصيلة.
وتدعيما لموقفه يورد لنا مولود قاسم العديد من الأمثلة بكثير من التفصيل، والتي كانت اللغة فيها عاملا حاسما في بعث دول وأمم أصابها التشتت وآلت إلى الاندثار على غرار بلجيكا، هولندا، التشيك، النرويج، ألمانيا..الخ، مثلما يشير إلى دورها في الإعجاز والإقناع كما هو الحال مع العرب الذين كانوا أهل بيان فجاء القرآن الكريم إعجازا لغويا لا ينكر مصدره الإلهي إلا مكابر أو جحود.13
بقي أن نشير إلى أن اهتمام مولود قاسم باللغة وتركيزه على دورها وأهميتها لا يعني أنه يهتم بها لذاتها، أو لغرض نظري مجرد فهو لا يتحدث عن اللغة كعالم لسانيات أو كفيلسوف لغة، كما أنه لا يعني إعطاءها مكانة الصدارة في بناء الإنية، فهو لا يتحدث من منطلق قوموي، إنما يعني أنها عنصر ضروري لباقي العناصر، فهي أداة التعبير عنها وأداة حفظ ونقل مضامين العناصر الأخرى، لأن الأولوية في هذه العناصر بالنسبة لمولود قاسم هو الدين، حيث يقول: “إن وجود أمة من الأمم بوجود إنيتها التي هي شخصيتها، وإن هذه الشخصية تتكون من عناصر ثلاثة: الدين واللغة وحب الوطن”14 . ورغم تأكيده على التداخل الذي يطبع هذه العناصر، إلا أن المنحى العام لفكره يؤكد بما لا يدع مجالا للشك على أن الدين هو العامل الرئيس في بناء الإنية، وحتى في النص السابق ابتدئ العناصر بالدين، وذلك لم يكن صدفة أو اعتباطا، ويكفي للفصل في هذه المسألة التذكير بالعنوان الحاسم لإحدى مقالاته المذكورة آنف وهو: العروبة بدون إسلام جاهلية، بمعنى أنه يتحدث ويدافع عن اللغة العربية التي تكون في خدمة الإسلام وإلا فلا.
ثالثا: الإجراءات العملية لترسيخ الإنية:
لعل التفحص النقدي للتصورات النظرية لمولود قاسم حول اللغة والإنية مثلما عرضناها، يوضّح المنحى العام لكتابات هذا الأخير فهي ذات توجه نضالي، بتوظيف لمصطلحات مثيرة بأسلوب حماسي، فلا نشعر معه أننا نقرأ لفيلسوف بالحرفة، حيث يغلب طابع التأمل التجريدي الجاف، إنما نجد أنفسنا نقرأ لمناضل وفي لمبادئه، كأنه زعيم حزب سياسي يسعى لحشد الجماهير وراء مشروعه أو برنامجه الانتخابي، وهنا نلمس جيدا الفكرة التي سبقت الإشارة إليها من أن مولود قاسم رجل علم وفلسفة وفكر لولا السياق التاريخي الذي عايشه والذي أدخله معترك النضال والتضحية قبل الاستقلال ومعترك السياسة بعده، ولعل هذا الوضع الحرج أو المتأرجح بين العلم والسياسة، مكمن قوة هذا المفكر وفرادته، ذلك أنه مفكر اجتمع لديه العلم والعمل، فالرجل كان ينظر للتغيير ويعمل على تجسيد هذا التغيير حقيقة في الواقع، وقد لخص المهمة الملحة بأنها بناء جديد متين على أساس عتيد مكين، والجمع بين العلم والعمل قليل فاعله، على الأقل في عالمنا العربي الإسلامي في هذه الفترة، وهو في هذا الجمع يتأسى بالفيلسوف الألماني فيخته الذي زاوج بين التنظير والعمل على التغيير، وترك التدريس ليلتحق بجبهة القتال من أجل أمته، فكذلك الأمر بالنسبة لمولود قاسم، مع فارق في بعض التفاصيل الدقيقة، فقد كان مؤمنا بضرورة العمل والإبداع والحضور والتميز، لأن عظمة الأمم كما يقول لا تقاس بالمظاهر العابرة إنما تقاس بالأعمال التي تنجزها، فـ “الحضارة والفكر إرث مشترك، بقدر ما هما عمل مشترك، والتاريخ يسجل لكل أمة لبنتها، ويؤاخذها على كسلها وتقصيرها، ومن تهاون هان، وخسر الرهان”15. ولما كان الهدف الأسمى لكل أمة هو التميز وارتقاء أعلى المراتب بين الأمم فإنها مطالبة بالبذل والعطاء والإبداع مقابل الظفر بهذا الهدف، وهي مهمة الجميع دون استثناء كل في مجاله ودائرة نشاطه، وهنا تبرز مسؤولية المثقفين أكثر من غيرهم على اعتبار علو درجة وعيهم بهذه المسؤولية، فالمثقف الذي ينظر له مولود قاسم – والذي مارس دوره بامتياز – هو المثقف الذي لا يكتفي بدور المنظر المتفرج المحايد المفصول عن الواقع، أو المنزوي في برجه العاجي ليمارس الوصاية ويسدي النصح للجميع من عليائه، بل المطلوب هو المثقف الذي بندمج مع الواقع للإحساس بالمشكلات الحقيقية الجزئية للأمة ثم يسعي للإسهام في إيجاد حلول لها، يعبر مولود قاسم عن هذه المهمة في نص يحاكي فيه نداءات فيخته قائلا: “حان الوقت للمفكر ليخرج من برجه العاجي، وألا يبقى مكتوف اليدين سلبيا، يوافق دائما ويصفق، ويتوارى وينمق، ويمدح ويزوق، عوض أن يحقق ويدقق، ويصدع برأيه ويحلق، ويوجه ويؤثر، ويفحص قبل أن يؤشر، ويجاهر ويظاهر، ويصرح ولا يلمح، ليؤدي أمانته، ويبلغ رسالته، ويضطلع بمسؤولياته كاملة، وهو الذي ينبغي أن يكون أكثر من غيره على الحق أحرص، وقد روي في الحديث أن الساكت على الحق شيطان أخرص”16.
وقد أنجز مولود قاسم العديد من المشاريع الأعمال لتجسيد هذا الدور الطلائعي للمفكر، والتي، بالرغم من الجدل الذي أثاره بعضها أو المعارضة التي لقيها البعض الآخر، إلا أنها تصب في مجملها في بناء وتكريس الإنية العربية الإسلامية في الواقع الجزائري وترسيخها في الوعي الفردي والجماعي، ومن أبرز هذه الأعمال أو المشاريع، دون إهمال البعد أو الانتماء الأمازيغي للمجتمع الجزائري، والذي كان أحرص الناس على إخراج مكنوناته وتكريس رموزه، فقد سمى ابنه الوحيد يوغرطه نسبة للبطل الأمازيغي الشهير، وكما أشرنا سابقا، فقد كان يخصّص محورا في كل ملتقى من ملتقيات الفكر الإسلامي لمدارسة مسألة تاريخية تكون في العادة متعلقة بتاريخ المدينة التي يقام فيها هذا الملتقى، حتى أن هذه المسألة أثارت امتعاض بعض الحضور من الذين في قلوبهم مرض ما، وما كان من مولود قاسم إلا أن قال لهم حينما تنظّمون مؤتمرا في بلادكم فناقشوا ما تشاؤون، أما ونحن المنظمون فلا القول الفصل في تحديد ما يناقش..ومن أهم المشاريع العملية التي أسّسها وأسهم فيها نذكر:
* العمل على إنجاز مشروع التعريب في الجزائر.
* تبني منظومة التعليم الأصلي بما تتضمنه من برامج متعددة للحفاظ على الهوية والأصالة العربية الإسلامية بالموازاة مع برامج التعليم العادية العلمية والتقنية.
* تنظيمه وإشرافه على ملتقيات التعرف على الفكر الإسلامي التي تقام كل سنة في إحدى المدن الجزائرية، ويشارك فيها شخصيات علمية وفكرية من مختلف الأقطار والثقافات وحتى الديانات.
* إنشاؤه للعديد من المجلات والدوريات الفكرية كمجلتي الأصالة والثقافة وغيرهما.
بمثابة خاتمة
إذا أردنا القيام بنوع من التقييم لإمكانيات صمود مفهوم الإنية كما تصوره ونظر له مولود قاسم ولخّصته عبارته الشهيرة: “على الإنسان أن يكون ابن عصره محافظا على أديم مصره دون أن يصبح نسخة غيره”، ومدى تلاؤمها مع المعطيات المؤطرة للراهن العربي الإسلامي، لا سيما مختلف تجليات العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية على العالم العربي الإسلامي، خاصة الجانب الثقافي نظرا لعلاقته المباشرة بموضوعنا، وتأثيره الخطير والمباشر على مستقبلنا، فالعولمة تعمل على تفكيك الدول الوطنية وإفقادها لسيادتها من خلال الآليات التي تبتكرها في كل مرة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان المستضعفة الأمثلة كثيرة وتخص العالم العربي الإسلامي بالدرجة الأولى، مع انتقال هذا التدخل إلى الجوانب الثقافية في شكل اغتصاب ثقافي وعدوان رمزي غير مرئي في أكثر الحالات وهذا عبر الوسائط الإعلامية وتكنولوجيات الاتصال.
بالنظر لهذه المعطيات وغيرها وبالنظر لواقع الحال في عالمنا، فإنه من الصعب أن تصمد أية فكرة تفيد أو تدافع عن الخصوصية، لأن العالم أصبح كما يقال قرية واحدة أو حتى بيتا واحدا، إلا أن ذلك لا يمنع من الإشارة إلى الإجراءات الوقائية إن صح التعبير التي ربط بها مولود قاسم نجاح الأفكار التي نظر لها، فهو يؤكد في كل أعماله على الأصالة مثلما يؤكد على الانفتاح، وبعبارته: “الإنية والأصالة مع التفتح والعالمية”، وبعبارة أخرى له دوما “على الإنسان أن يكون ابن عصره محافظا على أديم مصره دون أن يصبح نسخة غيره”، الموقف حرج وخطير فعلا والوضع العربي الإسلامي في سيء إلى أسوأ، لكن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، والوضع الذي نعيشه نتحمّل قسطا كبيرا من المسؤولية بشأنه، لأنّنا لم نبحث عن أساليب الفكاك منه، ولم نستفد من تجاربنا ولا من تجارب غيرنا، فغيرنا من الأمم التي كانت في وضعنا استطاعت تغيير موقعها وأصبحت تنافس كبرى الأمم، ولم تكن لتحقق ما وصلت إليه إلا بالعمل وبالعمل فقط.
ولعل أولى الخطوات المنوطة بنا في هذا السياق ضرورة إحداث تغيير جذري على مستوى فهمنا وتعاطينا مع الإنية والهوية؛ من النظر إليها كمعطى مكتمل البناء يكفي ضخه عبر وسائل التعليم والإعلام لترسيخه، إلى النظر إليها كمشروع ينجز في التاريخ، مشروع يبنى من قبل الفاعلين الاجتماعيين، مشروع قابل للإثراء والمراجعة وفقا لمتطلبات الزمن، فالهوية أو الإنية وعي تاريخي يرافقه الفعل – علم وعمل – وكما يقول مولود قاسم “إنيتنا أو منيتنا، أصالتنا هي حصانتنا، وعملنا شرطه علمنا، واطلاعنا يقتضيه تطلعنا”، إذ لا يكفي تعداد العناصر المكونة للإنية والتغني بها، إنما المهم هو العمل على إثرائها وإبرازها في أكمل وجه وعلى أحسن حال، من خلال الاستفادة من تجارب الآخرين وسبل تقدمهم، وبقدر ما يكون تمسّكنا بأصالتنا وهويتنا يكون تميزنا وبقدر أعمالنا يكون إسهامنا في الفكر والواقع الإنسانيين.
هوامش وإحالات
المهم أن نشير في هذا الصدد إلى المبادرة المهمة لتظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية بالتعاون مع مؤسسة مولود قاسم نايت بلقاسم، المتمثلة في إعادة طبع أعماله الكاملة وهي على التوالي: إنية وأصالية أم انفصالية في جزئين، شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية في جزئين وردود الفعل الأولية داخلا وخارجا على غرة نوفمبر، كما تجب الإشارة أيضا إلى الملتقى الوطني الأول الذي نظّمه قسم الفلسفة بجامعة باتنة حول أعمال مولود قاسم، وتم طبع أشغال الملتقى من قبل مخبر حوار الحضارات والعولمة بالقسم نفسه بعنوان: سؤال الهوية والإنية عند مولود قاسم نايت بلقاسم في ظل العولمة، 2010.
1 يقول صديقه ومدير مكتبه في الوزارة الأستاذ محمد الصغير بلعلام: ..تحصّل على الليسانس في الفلسفة بجامعة القاهرة بامتياز وكان الأول في الدفعة..ومن القاهرة إلى باريس لتحضير شهادة الدكتوراه في السوربون حول: الحرية عند المعتزلة وبعد أن أعدّ جزءاً منها أومر من طرف جبهة التحرير الوطني بالخروج من فرنسا خوفا عليه، فغادرها إلى براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا آنذاك..ثم انتقل إلى بون عاصمة ألمانيا الفيدرالية آنذاك فسجل من جديد لإعداد الدكتوراه حول: مبدأ الحرية عند كانط، ولكنه مرة أخرى ضحى بالدكتوراه من أجل التفرغ للمسؤوليات التي ألقيت على كاهله، إذ أسندت له نيابة رئيس مكتب جبهة التحرير الوطني في كل من ألمانيا والنمسا وهولندا والسويد وبقية الدول الاسكندينافية. انظر: محمد الصغير بلعلام: انطباعات من وحي الصداقة والعمل، ضمن سؤال الهوية والإنية عند مولود قاسم نايت بلقاسم في ظل العولمة، أعمال ملتقى، منشورات مخبر حوار الحضارات والعولمة-جامعة باتنة 2010، ص ص 114-122.
** يقول في هذا السياق:..الاستعمار عمل جاهدا على مسخ هويتنا وقد نجح لدى الكثير من الأشخاص إن لم يكم في الميدان السياسي، فعلى الأقل في المجالين العقلي والروحي، في مسخ العقول وغزو القلوب هذه هي المشكلة التي أمامنا حلها قبل كل شيء عندما نتكلم عن شخصيتنا. مولود قاسم نايت بلقاسم: إنية وأصالة، الجزائر: دار الأمة، ط2، 2007، ص 19.
2 من بين المداخلات التي قدمت ضمن ملتقى سؤال الهوية والإنية عند مولود قاسم نايت بلقاسم في ظل العولمة مداخلة موسى بن سماعين الموسومة بـ: الأصول الفلسفية لخظاب الإنية عند مولود قاسم، المرجع السابق، ص ص 134-143.
3 مولود قاسم نايت بلقاسم: إنية وأصالة، الجزائر: دار الأمة، ط2، 2007، ص ص 103-104.
4 المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية، جمهورية مصر العربية، 1983، ص 27.
5 فتحي التريكي: الهوية ورهاناتها، ت: نورالدين السافي – زهير المديني، بيروت-تونس: الدار المتوسطية للنشر، ط1، 2010، ص 36.
6 فارح مسرحي: إشكالية الهوية في زمن العولمة، مجلة الحكمة للدراسات الفلسفية، العدد 16، الجزائر، 2013، ص ص8-30.
7 محمد الصغير بلعلام: مرجع سابق، ص 120.
8 هذه المقالات متوزعة بين العملين الرئيسين لمولود قاسم وهما: إنية وأصالة – أصالية أم انفصالية بجزأيه
9 مولود قاسم نايت بلقاسم: شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل 1830، الجزائر: دار الأمة، ط2، 2017، ج1، ص 27.
10 جون جوزيف: اللغة والهوية، ت: عبد النور خراقي، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2007، ص 08.
11 مولود قاسم: إنية وأصالة، ص 28.
11 المصدر نفسه، ص 58.
12 المصدر نفسه، ص 58.
13 المصدر نفسه، ص ص 28-29.
14 المصدر نفسه، ص 54.
15 المصدر نفسه، ص 544
16 المصدر نفسه، ص 576.