يرى الشّاعر عاشور بوضياف أنّه على الشّعراء الشباب في الجزائر التأمل جيدا في الحركة الإنسانية المعاصرة ومحاولة كتابة تاريخ جديد، ينطلق من الثقافة الآنية لصناعة ثقافة الغد تضمن التناغم مع هذا العالم.
حوار: إيمان كافي
بوضياف من الشعراء الشباب الذين خطوا خطواتهم نحو التميز، بعد أن أهّلته نصوصه الشعرية ليتحصّل على المرتبة الثانية في جائزة علي معاشي للمبدعين الشباب لسنة 2020، وبالإضافة إلى موهبته فإنّ الشّاعر طالب له دكتوراه في تخصص النقد العربي الحديث والمعاصر بجامعة بسكرة، وقد كان لنا معه حوار حول موهبته ومجموعته الشعرية «شيطانتي»، وعن واقع الشعر اليوم.
الشعب: كيف كانت بداية المسيرة واكتشاف الموهبة؟
الشاعر عاشور بوضياف: بدأ مساري أيام الثانوية حينما كنت أكتب وفقط، لا أعرف من الشعر إلا اسمه، كانت كتابات يمكن أن أصفها بالمذكرات الشخصية ولا يمكن حتى أن أصفها بالخواطر، أحببت الكتابة والقراءة ومع الوقت صرت أكتب بشكل جيد مع تمكني قليلا في مجال دراستي وهو الأدب.
تهتم أكثر بالشّعر، لماذا؟
كما قلت لك آنفا، وجدت نفسي أكتب شيئا لا أملك له وصفا دقيقا، ما عدا أنه يمكن تسميته مذكرات يومية، لم أنتبه أنّني أكتب شعرا، لذلك يمكن أن أقول لك إن الشعر هوالذي اختارني، ووجدت نفسي فيه وأكملت معه إلى غاية اليوم.
ما هي المواضيع التي تفضّل الكتابة فيها؟
الشعر نافذة يطل منها الإنسان على الحياة، رئة مجازية يتنفّس منها عندما تضيق فيه رئات الواقع المكرس بأشكاله الفضة أحيانا، نوع من التفلسف الوجودي، أكتب الشعر لكي أقول لهذا العالم إنني موجود.
مع أنّ مجموعتي الشعرية الأخيرة يمكن لقارئها أن يستشف منها عدة مواضيع مختلفة، إلا أن فكرة الموضوع فيما تعلق بالشعر لا تقنعني أحيانا.
ما الغاية من الشعر إن حدّد موضوعه؟ أليس الأخير وسيلة لنا للبحث عن مجهول، للسؤال من أجل نبش صور لا نستطيع تخيلها، ولا أن نحلم بها إلا من خلال الشعر، كأنّنا إن حصرنا الشعر في موضوع أوفي مقصدية ما بهذا قد حكمنا عليه بالتقريرية الفجة والاعتيادية المحضة، وفي هذا المنوال لا نفرق بينه وبين بقية الأجناس والأشكال الأدبية وغير الأدبية كالمقال والتقرير الإخباري…
صدرت لك مجموعة شعرية بعنوان «شيطانتي»، لماذا هذا الاسم؟
لأنّ هذا العنوان بكل بساطة قريب من النصوص المنطوية داخل المجموعة، أعرف أنه عنوان مباشر قليلا، لكنه يشير إلى تجربة الشاعر بين ثنايا مؤلفه، والمجموعة تندرج في الغالب على نصوص وجدانية أكثر منها نصوصا فكرية فلسفية، لا أستطيع أن أسمي الأشياء بغير مسمياتها في نهاية المطاف.
هذه المجموعة الشّعرية صدرت لك على إثر حصولك على المرتبة الثانية في جائزة علي معاشي للمبدعين الشباب 2020، كيف تصف التّجربة؟
تتنوّع النّصوص في هذه المجموعة، فهي في نهاية الأمر تبقى تجربة أولى بالنسبة لي، منها ما هو وجداني وهذا الغالب فيها، ومنها ما هو وطني سياسي، ومنها ما هو أكثر ميلا إلى الجوانب الأخرى كالفلسفية وغيرها…
أصفها بالتجربة الأولى من نواحي عدة، في شكل البناء الذي قامت عليه النصوص، وفي مضامين نصوصها التي حاولت أن تخوض في عمق التجربة الشعورية لصاحبها، وفي أنّها لم تضاهي سمو وعي صاحبها، إذ أنه كان بودّي أن أقول شيئا لم يقله قبلي، لكن تبقى محاولة.
ما مشاريعك المستقبلية، وهل لديك رغبة لاقتحام الكتابة في أنواع أدبية أخرى؟
أنا مع الشّعر الآن، لكن هذا الأمر يجرّني إلى سؤال جوهري هو: ما الداعي للكتابة؟ الإجابة على هذا السؤال يقودنا إلى سؤال آخر وجيه والذي هو لماذا نقرأ؟ عندما أشعر أنّني بحاجة إلى أن أطل على هذا العالم من نافذة ربما أرى أنها أوسع سأجرب، لكن علي أن أجيب نفسي دائما وأبدا لماذا أكتب؟ أو لماذا أقرأ، الأمر له علاقة بالكينونة ربما!!
كيف ترى واقع الشّعر في الجزائر؟ وما المطلوب للحفاظ على مكانة هذا الفن الأدبي برأيك؟
واقع الشّعر في الجزائر من حيث التشكيل والرؤيا هولا يكاد أن يكون بعيدا عن أدب ما بعد الصدمة، فهولا يزال في بعض نصوصه هنا وهناك يتماها مع الأدب التسجيلي المباشر، وهذا يعم الشعر أيضا، أستثني بعض النصوص التي حاولت الغوص في مغامرة التجربة الإنسانية الحقيقية.
أما الحفاظ على الشيء الموجود حاليا أظن أنّنا كشعراء شباب يجب علينا أن نقرأ جيدا ونتأمل جيدا الحركة الإنسانية المعاصرة، ونحاول أن نكتب تاريخا جديدا، ينطلق من الثقافة الآنية ليخلق للغد ثقافة جديدة تضمن لنا التناغم مع هذا العالم.