ينتظر أن تنظم وزارة الثقافة والفنون، ملتقى وطني حول الشعر الملحون، بالمكتبة الوطنية الجزائرية “الحامة”، قريبا، وهذا لتسليط الضوء على هذا التراث الجزائري.
كشف مدير الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، عبد القادر بن دعماش، أن هذا الملتقى “سيسلط الضوء على الشعر الملحون في الجزائر ومبدعيه، منهم الشاعر سيدي لخضر بن خلوف (القرن الـ16)، وهذا بمشاركة أكاديميين وشعراء ملحون وجمعيات مهتمة بهذا الموروث الجزائري الأصيل”.
وعاد المتحدث، إلى الشاعر الشعبي المستغانمي، سيدي لخضر بن خلوف، واعتبره “علامة موسوعي كبير” و”مؤسس الشعر الملحون على المستوى المغاربي” فهو الذي “نظم ووضع أسس وقواعد هذا الشعر انطلاقا من عدة أنواع شعبية كانت موجودة قبله”.
وأوضح بن دعماش أن بن خلوف “تميز خصوصا بقصائده في مدح الرسول”، وبأنه أيضا “عالم اجتماع ومؤرخ قبل أوانه، بفضل قصائده الشاهدة على فترة هامة من تاريخ الجزائر شهدت العديد من الاضطرابات”.
ولفت إلى أنه كتب أيضا عن “فجر الإسلام ونزول الوحي ..”، كما عرف بـ “الحفريات” وهي كتاباته الإستشرافية في الجانب الديني والاجتماعي والتي أتت في شكل مواعظ وتحذيرات من مخاطر مقبلة.
وتأسف بن دعماش لـ “قلة الدراسات العلمية الأكاديمية الجادة حوله منذ الاستقلال، رغم تأثيره الكبير في جميع شعراء المنطقة المغاربية، كما كان منبعهم الرئيسي لوضوح كلامه وسهولة تعبيره وتكلمه بلغة قومه”.
وشدد على أن “تصنيف الشعر الملحون كتراث إنساني وحمايته كتعبير مرتبط بالجزائر أصبح حاجة ملحة”، مؤكدا على ضرورة وضع “إستراتيجية وطنية للنهوض به والعمل على توسيع حركة البحث والنشر حوله ..”.
وعاد المتحدث في هذا الإطار إلى كتابه “سيدي لخضر بن خلوف، أمير شعراء الملحون” (2019) قائلا إنه “الكتاب الضخم الوحيد حول بن خلوف”، على حد قوله، متمنيا أن يكون “بادرة وأن يفتح الأبواب لباحثين آخرين للتعمق في مساره”.
وأوضح أن الهدف منه “تخليد اسم بن خلوف ومساره الحياتي ومحيطه السياسي والتاريخي والاجتماعي في القرن الـ 16، لافتا في سياق كلامه إلى “تعلقه الكبير بالمخطوط” و”حبه الفائق” للفقيه والمتصوف أبي مدين شعيب بن الحسين الأنصاري المعروف بـ “سيدي بومدين”.
وعن علاقة الشعر الملحون بالفن اعتبر الباحث أن الكثير من أنواع الغناء التقليدي أخذت كلمات نصوصها من الشعر الملحون على غرار “الآي آي” و”الحوزي” و”العروبي” و”الشعبي” و”البدوي” وهذا “وفق نمط موسيقي خاص بكل منطقة”.
ولدى تطرقه للمهرجان الوطني للشعر الملحون “سيدي لخضر بن خلوف”، الذي أسس في 2013، اعتبر بن دعماش أن الهدف منه كان “التعريف ببن خلوف وتثمين إرثه، حيث كان مهمشا رغم أن الكثير من فناني الجزائر والمنطقة المغاربية يؤدون أشعاره”.
وأشار إلى دور هذا المهرجان، الذي يقام سنويا بمستغانم، في “جمع شمل شعراء الملحون من مختلف الولايات”، ودوره أيضا في “تحفيزهم وتشجيعهم على الظهور والإبداع والتعريف بهذا الفن كتراث جزائري أصيل من خلال اللقاءات والندوات الدراسية”.
وتوفي العلامة والفقيه والشاعر والمجاهد والولي الصالح سيدي لخضر بن خلوف، واسمه الحقيقي لكحل بن عبد الله بن خلوف، عن 125 عاما وستة أشهر قضى أكثر من 80 عاما منها في خدمة الدين ونشر العلم والمعرفة والشعر والأدب والوعي والموعظة.
وصدرت فقط بضعة كتب حول بن خلوف، الذي يوصف بـ “أمير شعراء الملحون”، على غرار “ديوان سيدي الأخضر بن خلوف” (1958) لمحمد بن الغوثي بخوشة و”قصص صحراوية من الجنوب” (1963) للفرنسية جان سيلي ميلي و”القصيدة العربية المغاربية الشعبية” (1973) لمحمد بلحلفاوي.