يرى أستاذ الأدب وتحولات ما بعد الحداثة محمد الأمين لعلاونة، أن عيب الجيل الجديد من الكتّاب “الكتاب الشباب” أنهم لا يقرؤون، ويكتبون دون تحصيل لغوي ومعرفي يساعدهم في الكتابة.
يتحدث محمد الأمين لعلاونة، في حوار مع موقع ” فواصل” عن الكتّاب الشباب، وعن صعاب تواجههم في نشر مؤلفاتهم، وكيف يتم استغلالهم من قبل دور نشر همها الوحيد “الربح”، وأن الكتاب الشباب ضحية “جشع” هؤلاء.
وتحدث أيضا دكتور الأدب وتحولات ما بعد الحداثة، عن اهتمامات الكتاب الشباب، وأكد أنهم لا يهتمون بالجوائز الأدبية، عكس الكتّاب المكرسين، الذي يكتبون من أجلها، بدليل أن معظم كتاباتهم تخرق طابوهات الجنس، السياسة والدين.
بداية، ما تعليقك على من يقول إن الكتّاب الشباب، يسعون فقط لحصد الجوائز الأدبية؟
أولا، يجب أن نفرق بين ما نطلق عليه تسمية أدب الشباب، وبين أدب الجوائز الأدبية، لماذ؟ لأن ظاهرة الجوائز الأدبية ليست مقتصرة فقط على جيل الشباب، أو ما يسمى اليوم بالكتاب الشباب.
فكل الكتاب تقريبا كانوا شبابا، حتى الكتاب العالميين منهم، ولما نربط الرواية بالسن أو بالجيل يعني رواية الشباب، تقابلها رواية الكهول، أو رواية الشيوخ، وبالنسبة لي حتى هذا التقسيم هو خاطئ.
هل هذا يعني أن أغلب الكتاب يكتبون من أجل الجوائز، خاصة الكتاب الكبار؟
كما قلت سابقا، عندما نقول أن الشباب يكتبون من أجل الحصول على الجوائز الأدبية، يقابله هناك أدباء وكتّاب مكرسين، يسعون من أجل الجوائز الأدبية، ويكتبون إيديولوجية معينة، والدليل على ذلك أن كل كتاباتهم التي يشاركون ويترشحون بها للجوائز الأدبية، تخرق طابوهات الجنس، السياسة والدين، لأن هناك لوبيات سواء في فرنسا أو في دول أخرى تخدم إيديولوجيات معينة يحاول هؤلاء الكتاب مسايرتها.
هل ترى في الجزائر جوائز أدبية وازنة؟
نحن نتساءل من هم هؤلاء الشباب الذين أخذوا جوائز أدبية وازنة، في الجزائر؟ نجد فقط جائزة علي معاشي للشباب فقط، بينما الجوائز الوازنة أو الكبرى لا يفوز بها الشباب، بل يحوز عليها الكتاب والأدباء المكرسين.
ولهذا الشاب في مراحله الأولى عندما يصدر عملا أدبيا، تكون تجربته غير ناضجة يعني العمل الإبداعي الذي سيقدمه من أجل الجائزة الأدبية لن يكون عمل وازن مقارنة بالأعمال الأدبية للكتاب الآخرين المكرسين.
تعرف الساحة الأدبية، إنتاجا أدبيا وفيرا، خاصة لدى الشباب، وبالضبط في صنف الرواية، إلى ماذا ترجع هذه الوفرة؟
في وقت قريب، كنت بصدد تأليف وإصدار كتاب نقدي حول ما يسمى بـ “رواية الشباب”، عمدت لانتقاء مجموعة من الروايات، بهدف الإطلاع عليها وتقييمها، وحقيقة بعد قراءتها وتصفحها – وهنا لا أنقص من عمل أي أحد- لم أجد أنها رواية ولا تمت للرواية بأية علاقة، فأغلبها إما مجرد خواطر أو كتب تتحدث عن التنمية البشرية أو كتب تدعو للتفاؤل .
أيضا، يجب أن أشير إلى أن هذه الغزارة والفورة في الإنتاج الأدبي، في ظل غياب لجان القراءة بدور نشر لا تمتلك مدققا لغويا، يقابله روايات تتضمن عديد الأخطاء الإملائية والنحوية والتركيبية، ونجد أيضا حتى بنية الرواية ليست مضبوطة، خاصة وأن الرواية لها مجموعة من الخصائص حبكة شخصيات أحداث ونهاية..
ما هي نقاط ضعف هؤلاء الشباب؟
حقيقة، عيب الكتّاب الشباب، أنهم لا يقرؤون ولا يطالعون، فالكاتب الشاب، يشرع مباشرة مشروعه أنه يصبح مؤلفاـ ويتفق مع دار نشر معينة، دون أن تكون له خلفية أو ثقافة موسعة على كيفية كتابة الرواية، ومراحلها، ولهذا نحصي كثير من المؤلفين الشباب يطبعون كتبا لا تتعدى 100 نسخة على الأكثر، وأتحدى أي كاتب شاب أن يكشف لنا كم عدد طبعات روايته، ومن خلالها نعرف مدى منسوبية القراءة.
في منظورك، ما هي الصعوبات والعوائق التي تواجه الكاتب الشاب؟
حقيقة الشباب عندما يكتبون، أغلبهم يطبعون على حسابهم الخاص، وخاصة أن العديد من دور النشر تستغل الشباب من أجل التجارة وليس من أجل الإبداع، ولا دار نشر جزائرية باستثناء دور النشر التي تتعامل مع وزارة الثقافة، بينما أغلب الروائيين والكتاب الشباب يطبعون من مصاريفهم الخاص، ولا تتعدى عدد النسخ 100 نسخة مثلما ذكرت سابقا، وفي هذا الإطار، يمكننا أن نتطرق إلى موضوع متصل وهو فوضى النشر، حيث أن الناشر لا يهمه من يكتب وكيف ولا حتى مضمون المؤلف، المهم بالنسبة له هو هامش الربح.
ما هو الحل فيما يتعلق بفوضى النشر؟
أولا يجب على وزارة الثقافة والفنون سن قوانين صارمة، تجبر دور النشر الاعتماد على لجان القراءة، وتجبرها أيضا على التصريح بطريقة النشر والبيع والتوزيع، وكيف تتعامل مع هؤلاء الكتاب الشباب، لأنه عندما تكون هناك لجنة قراءة محترمة ومعتمدة، ترى عمل نشر وغير مؤهل ويحتوي على العديد من الأخطاء تعاقب الدار، هذا لأنه إذا استمر الحال هكذا سيكون هناك تمييع فأصبحت الرواية مميعة.
بالنسبة للنقد الأدبي، ما هو واقعه في الجزائر اليوم؟
حاليا في الجزائر، الكل أصبح يكتب، والكل أصبح ينتقد، وهذا للأسف لم نؤسس لنظرية نقدية وفق خصوصياتنا الثقافية، ونحن الآن نعيش مرحلة الاستغراب متعلقين بالثقافة الغربية بتجلياتها، ثم أن معظم النقاد الجزائريين تركوا مهمة الناقد الرئيسية والتي هي تقويم أدبي لسكته الصحيحة، واتجهوا للتدقيق اللغوي وتسمية بالنقد.