يتحدث روائيون ونقاد جزائريون عن دور نشر تسيء إلى الإبداع، متسائلين عن مسؤولية الناشر في مراجعة النصوص وتدقيقها، طالما أن بعضها يحتوي أخطاء نحوية ولغوية كثيرة، ويتحدثون أيضا عن “روائيين مراهقين”.
تثار قضية الأخطاء اللغوية في الرواية، دائما، فهناك من يرى أن اللغة عنصرا من عناصر العمل الروائي. ويعتبر أن التركيز على الأخطاء اللغوية مسألة ثانوية. لا تضر بقيمته الفنية، ولا تقلل من شأنه، بينما هناك من يرى أن الرواية بوصفها عملا أدبيا، وقوام الأدب اللغة، وبالتالي لا يمكن أن تحمل الرواية أخطاء تنقص من قيمتها. ويجب على الكاتب أن يستوفي شروط الكتابة الأدبية، وأولها امتلاك اللغة والإلمام بقواعدها.
” كتّاب مراهقون وناشرون انتهازيون”
في هذا السياق، قال الكاتب صاحب رواية “زنقة الطليان”بومدين بلكبير في تصريح لـ” فواصل”: “إن اللغة مهمة جدا، وهي جزء أساسي من الرواية لأنها هي سرد، بنية، حكاية، شخصيات..و أعتقد أنها من بين الأشياء الأساسية التي لا يمكن التخلي عنها، ولا يمكن التقصير أو المسامحة في الهفوات والأخطاء”.
وكشف بلكبير عن بروز ظاهرة التهافت على النشر في السنوات الأخيرة، وقال:”أصبح كل من هب ودب ينشر. وهذا الأمر أدى لظهور كتّاب مراهقين، وليس كتّاب شباب، في المقابل بروز ناشرين لتلبية حاجة هؤلاء الكتاب المراهقين للنشر”.
ووصف المتحدث هؤلاء بـ “الناشرين الانتهازيين”، وبرر ذلك على أن هدفهم الوحيد الربح وجني الأموال.
وقال بومدين بلكبير:” ناشرون انتهازيون لا يعتمدون على لجان القراءة والمدققين اللغويين. هدفهم هو تلبية حاجيات هؤلاء الكتاب المراهقين من النشر من جهة، لأنهم مستعدين لدفع مقابل الحصول على لقب كاتب. وكسب قدر أكبر من الأموال من جهة أخرى”.
وأضاف صاحب رواية “زنقة الطاليان”، أن هذا الأمر أدى إلى تسجيل “كتب كارثية في كل المستويات التصميم، الغلاف والمحتوى الذي هو الأساس”.
وفيما يتعلق بمن يتحمل مسؤولية هذه الأخطاء، قال بلكبير ، إن المسؤولية يحملها الجميع، سواء الناشر، الكاتب وأيضا النقاد، وأوضح أنه في المنطقة العربية وفي الجزائر غياب شبه كلي للنقد الأدبي الذي وصفه بـ “المجاملاتي”، وأمام هذا المناخ الضعيف على مستوى النقد والإعلام الثقافي والمؤسسات – يضيف بلكبير -فتح المجال على مصراعيه للنشر ولهؤلاء الكتاب المراهقين.
” دور نشر تعامل الكتاب كبضاعة فقط..”
من جهته، توقف الناقد والأكاديمي الأمين بحري، عند ما صار يعرف اليوم بموضة النشر “فالكل صار روائيا وكاتبا وناقدا بعدما منح الفضاء الافتراضي الفرصة للكل ليصبح نجما”.
واعتبر بحري أن جزء من ” الأخطاء التي وصلت إليها الرواية يتقاسمها الإعلام ودور النشر، حيث يروج الإعلام لكل من هبّ ودبّ”، وأيضا تتعامل دور النشر مع الكتاب كبضاعة وتطبع أي شيء تحت أي مسمى في غياب لجان القراءة، وفي غياب تفعيل قانون الكتاب ورقابة وزارة الثقافة”.
وفي سياق ذي صلة، حمّل بحري مسؤولية الأخطاء اللغوية في الرواية إلى دور النشر بالدرجة الأولى، وقال: “اللغة لا أحسبها كثيرا على الكاتب، ولكن أحسبها على المدقق اللغوي ودار النشر، حينما يغيب التدقيق اللغوي بدار النشر، تحدث هذه الأخطاء والكوارث اللغوية”.
“ما يكتب اليوم يحتاج مراجعات..”
بدوره أوضح ، أن المشهد الأدبي، يعرف طفرة كبيرة من كتّاب الرواية الشباب، وأوضح أن ما يكتب اليوم يحتاج إلى مراجعات، بسبب الأخطاء اللغوية التي تحتويها هذه الكتب.
وقال لونيس: “من الصعب أن نصدر حكما متسرعا، لكن يمكن أن أحيلك لبعض الظواهر في هذه الروايات على أنها روايات أولى مفتوحة دائما على هذه الأخطاء، وأنا لا ألوم هذا الكاتب الشاب، على الأخطاء التي يقع فيها”.
وحمل المتحدث مسؤولية هذه الأخطاء، دور النشر بالدرجة الأولى، التي في الغالب لا تعتمد على مدقق لغوي، وأضاف: “عند تقديم مادة ثقافية وإبداعية للقارئ يجب أن نحترمه”.
وعرج لونيس بن علي، عن مشكلة ثقافة النشر بالجزائر، التي أكد أنها بحاجة إلى إعادة نظر وتصور، والتي من خلالها يمكن تجنب مثل هذه الأخطاء والكوارث اللغوية.