في هذا الحوار يحدثنا الكاتب سيد علي قويدري فيلالي، عن تجربته الأولى في عالم الكتابة، وعن روايته التي صدرت مؤخرا “ولادة آخر امرأة أندلسية”، ونظرته للمشهد الثقافي بالجزائر.
بداية من هو سيد علي قويدري؟
سيد علي قويدري فيلالي من مواليد 24 ماي 1972 بخميس مليانة ولاية عين الدفلى مختص في الإعلام الآلي، يعمل مدير التسويق في شركة خاصة، كاتب في بداياته شغوف بالقراءة والمطالعة التي كانت سببا في الولوج إلى عالم الكتابة.
الإعلام الآلي والكتابة مجالين مختلفين كيف جمعت بينهما؟
معظم الكتّاب الناجحين هم كتّاب جاءوا من خارج عالم الكتابة، فمثلا لما نرى بوعلام صنصال وحتى أنور بن المالك ومصطفى بن فوضيل جاءوا من خارج هذا المجال، وربما بحكم أنهم أقرب من الرياضيات، هناك نظرية تقول بأن الناس التي درست الرياضيات لديها نظرة أخرى للفن.
متى بدأت قصتك مع الكتابة؟
أولا أنا قارئ جيد بالعربية والفرنسية والانجليزية شغوف بالقراءة ثم تطور الشغف وبدأت أقرا لروائيين جزائريين وعالميين وكذا اختصاصيين في التاريخ، الأدب الروسي الأمريكي، التشيكي الجزائري ولو أنه عندنا الأدب في الجزائر ناقص، لا يوجد اهتمام وقرّاء للكتاب وهذا شيء مؤسف جدا، حيث توجد طاقات هائلة في اللغتين، والجزائر أرض معطاءة في مختلف المجالات، ولكن لما نرى الجو الثقافي اليوم في الجزائر نتأسف لما وصل إليه الحال بسبب العزوف الكبير للشباب عن القراءة عكس دول المشرق، وعليه فكرت في دخول عالم الكتابة.
نهنئك على صدور أول رواية لك ” آخر امرأة أندلسية”، حدثنا بشكل مفصل عنها؟
فكرة الرواية في الأساس جاءت نظرا لحبي وعشقي للتاريخ بصفة عامة، تاريخ العرب، البربر، الإسلام وكل ما له علاقة بالحضارة العربية الإسلامية، حيث تعتبر الأندلس شيء فريد يستحق الاهتمام وتسليط الضوء لأهميته ودوره الكبير، والقصة التي تطرقت إليها هي معروفة قصة ولادة بن زيدون وما كان يحوم بين ولادة وبن زيدون.
الرواية من مالي الخاص تتكون من 252 صفحة، تحكي عن حياة ومسار الشاعرة الأموية والأميرة ولادة بنت المستكف، إلى جانب التطرق لشخصيات مختلفة عاشت في تلك الفترة.
وتستعرض هذه الرواية التاريخية حياة ولادة بنت المستكف، وهي امرأة حرة وآخر ناجية من سلالة حكمت شبه الجزيرة الأيبيرية لأكثر من قرنين من الزمن، مع التطرق إلى انتكاسات هذه العائلة وانهيار الأندلس من الداخل من خلال إعادة سرد نهاية حكم.
ما هي أهم المشاريع القادمة؟
تعد رواية “ولادة آخر امرأة أندلسية” الجزء الأول في انتظار جزئيين آخرين، أين سأقوم بسرد كل تاريخ الأندلس من تاريخ القرن 11 الذي أعتبره من القرون المهمة جدا في التاريخ العربي الإسلامي سواء في المشرق أو المغرب.
فعندنا في المغرب قامات أندلسية عاشوا في القرن 11 وقدموا لنا الكثير منهم بن حزم، ولادة، بن زيدون، قرن سمول بن غرينة وقرن بن حيان ثم جاء من بعدهم بن رشد وبن ميمون وغيرهم، أما في المشرق كان الخيام والحسن الصباح وابن سينا وأبو علاء المعري يعني القرن 11 في التاريخ الإسلامي هو قرن فاصل.
من الكتّاب الجزائريين أو العالميين تأثر بهم سيد علي قويدري؟
من الكتّاب الجزائريين الذين أثروا في شخصيا، أنور بن مالك الذي أعتبره قامة أدبية كبيرة لا يكرره التاريخ، لكن للأسف لم يأخذ حقه كما ينبغي كغيره من المثقفين الذين قدموا لنا كتابات في القمة، وأنور بن مالك لديه كتابة قوية جدا أنا شخصيا لما كنت بصدد المحولة الأولى في الكتابة كنت في بعض الفترات أعيد القراءة لأنور مالك كنت أرتبك نظرا للعنف الموجود في كتاباته واستخدامه للمفردات اللغوية القوية، على خلاف ذلك لما أقرأ لمحمد ديب وطاهر جالوت أجد راحة كبيرة، أما فيما يخص الأدب العالمي دوستويفسكي، نجيب محفوظ، العقاد وغيرهم.
لو نعود للحديث عن روايتك، نجدك تميل إلى الرواية التاريخية، حدثنا أكثر عن ذلك؟
بحكم أني مهووس بالتاريخ وقارئ جيد ولدي المعلومات الكافية التي تؤهلني للكتابة في هذا الجانب، كانت تجربتي الأولى، فضلا عن ذلك تعد كتابة الرواية التاريخية أمرا صعب جدا، لأن الديكور موجود وعلى الكاتب الغوص في تفاصيل الأحداث وتجنب الخروج عن مساقها بشكل مبسط بعيد عن استعمال المفردات الأدبية المعقدة حتى لا ينفر القارئ من الكتاب.
وفي هذا الجانب أشير إلى الكاتب أمين مالوف الذي استفرد بطريقة خاصة لم يسبق إليها أحد حيث بسط الرواية التاريخية بجعل القارئ يغوص في أعماق الأحداث ويعيش اللحظات التاريخية لحظة بلحظة دون الشعور بالملل على عكس بعض الكتاب الذين يعتمدون على أسلوب معقد في طرح القصة التاريخية.
وتعد الرواية التاريخية نوع من القراءة المملة التي لها فئة معينة من عشاق الأدب التاريخي، عند مباشرتي في الكتابة نصحني الكثير من الأصدقاء والكتاب والناشرين عن صعوبتها في هذا الجانب بحكم أن لديها أبعاد كثيرة إلى جانب وجود قامات كبيرة في الرواية التاريخية وبمجرد الاقتراب منهم أو المضي على خطاهم أمر صعب جدا، لكن أنا قررت الدخول في هذا العالم لتحقيق رغبتي في الكتابة وفي الأخير تبقى مجرد هواية.
كتجربة أولى تعيش نجاحها حاليا، ما هي رسالتك للشباب المبدع؟
كتجربة أعيشها حاليا من خلال السفر عبر ربوع الجزائر، التقي بالكتاب والقراء وعشاق الفن والرواية ألاحظ وجود شباب متعطش للفن، أدعوه من هذا المنبر الإعلامي أن يعيد ثقته بنفسه أولا ثم لا يقف مكتوف الأيدي، عليه أن يأخذ فرصته ويفجر طاقاته ومواهبه حتى يقدم ويعيد للجزائر صورتها الحقيقية التي تستحقها.
وأدعو المسؤولين إلى دعم وتوفير الإمكانيات للشباب وخاصة الفضاءات الثقافية التي تنمي فيه حب الفن بصفة عامة، إلى جانب برمجة مسابقات وطنية لتحفيزه.
كلمة أخيرة؟
أتأسف كثيرا لحالة المثقف في مجتمعنا الذي أصبح ينظر له كأنه مختلف عن الآخرين، ومن هذا المنبر أقدم الكلمة للشباب القادر على التغيير الذي يكون قبل كل شيء تغيير وثورة ثقافية حتى نستطيع تكوين جيل محب للفن للمطاعة والكتابة والإبداع.
أجرت الحوار: غنية زيوي