فواصل

جريدة إلكترونية متخصصة في الشأن الثقافي والفكري
تصدر عن مؤسسة الشعب.

الخميس 23 مارس 2023
  • الرئيسية
  • أسماء وأمكنة
  • فنون
  • حوارات
  • إصدارات
لاتوجد
عرض كل النتائج
فواصل
  • الرئيسية
  • أسماء وأمكنة
  • فنون
  • حوارات
  • إصدارات
فواصل
لاتوجد
عرض كل النتائج

التعايش اللغوي بين الأمازيغية والعربية حسمته الحقيقة السيوسيوأنثروبولوجية

فواصل - فواصل
2021-05-27
في الرأي, رئيسي, منوعات
0
التعايش اللغوي بين الأمازيغية والعربية حسمته الحقيقة السيوسيوأنثروبولوجية
مشاركة على فيس بوكمشاركة على تويتر

تعتبر اللغة بمفهومها الواسع، رمزا من رموز إثبات الوجود والهوية لأي مجتمع، وصورة من صور التراث والحضارة والثقافة الإنسانية، كما تعدّ أيضا أداة للتواصّل وبناء السلام مع مختلف المجتمعات، فمن يفرّط في لغته، فقد فرّط من دون شكّ في وجوده وكينونته اللسانية المتميزة أمام مئات اللغات الموجودة في العالم.

كل لغة موجودة تستحق أن تُعرف وأن يُعترّف بها وأن تحظى بقيمة أكبر في جميع مجالات الحياة العامة، فنحن لا يفصلنا سوى بضع أيام فقط من الاحتفال باليوم الدولي للغة الأم،(21 فيفري من كل سنة) هذا الموعد الهام الذي أقرته منظمة اليونسكو منذ سنة 2000 هي سانحة للتذكير بأهمية هذا المسعى باعتباره حقا إنسانيا مشروعا لتحقيق التنمية البشرية، وتطوير التعليم، وإثراء الثقافة الإنسانية، وذلك على أسس المحبة، والتعاطف، والتسامح، والتعايش السلمي، والحوار البنّاء.

فالهدف من الاعتراف باللغات الأم هو العمل على خلق التنوّع اللغوي والتربوي والثقافي والحضاري، وهذا ما يساهم حقا في إثراء التراث الإنساني العالمي، وإبراز خصوصياته الأدبية والفكرية والفنية والعلمية.

لابد علينا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تفادي طرح قضية اللغة والهوية بشكل عام في ثوب سياسي إيديولوجي لأن هذا كان في كثير من الأحيان سببا في إفشاء التشنّج، والاستفزاز المشين وتأجيج الصراع الوهمي اللغوي في محافل مغلقة بعيدا عن الواقع اليومي للمجتمع الجزائري.

علينا جميعا أن نقرّ بتصحيح المفاهيم وممارسة النقد الذاتي، والميل إلى المصالحة اللغوية أو اللسانية بين كل الجزائريين، ولابد من خطاب هادئ قائم على التعايش في ظلّ التعدّد اللساني والمصارحة الحقيقية والابتعاد عن الحقد والإقصاء والتهميش والتطرّف، واحتقار الذات، والمساس برموز الوحدة الوطنية.

فمسؤوليتنا هي المبادرة لإيجاد الصيغ المناسبة لتحقيق التواصل اللغوي بين المتحدثين بالعربية والأمازيغية، فنحن جميعا منصهرين في بوتقة دينية واحدة، وننطلق من الآية القرآنية ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ والأرض وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ * إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِين﴾.

الجزائر من الدول التي تعيش ظاهرة التعددية اللغوية، فهناك لغتان أم على مستوى مؤسسات التنشئة الاجتماعية ونعني بالذكر اللغة الأمازيغية بكل المتغيرات المتداولة عبر التراب الوطني (وتبلغ عددها 13 متغيرا (واللغة العربية الدارجة وأحيانا للبعض اللغة العربية الفصحى واللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى تتقاطع مع العربية الفصحى في كثير من وظائفها.

اللغتان اقترضتا بينهما ألفاظ كثيرة كما اقترضت من أمم أخرى، وهي تلك الحقيقة التي نتعامل بها فكل اللغات تتبادل التأثير والتأثر، ويأخذ بعضها من بعض إذا ما حدث اتصال من تجارة أو تزاوج.. إلخ.

كلنا يعلم جيدا أن اللغتان الأمازيغية والعربية، تشكلان لحمة مترابطة وآصرة متشابكة على مستوى ترابط الجذور واختلاطها اتساقا وانسجاما وتوارثا، كما أنهما توأمتان لا يمكن الفصل بينهما نظرا للعلاقات الجوارية الطبيعة الموجودة بينهما والقائمة على التعايش والتكامل والانصهار الحضاري لغة وكتابة وتداولا على مرّ العصور.

علينا جميعا أن نفتخر ونعتز بهذا التنوع والتعدّد اللساني، الذي يستوجب علينا الحفاظ عليه، وتثمين هذا الكنز اللغوي (الأمازيغية) الذي يتعرّض في عديد من مناطق الوطن للاندثار إن لم نُفعّل بجدية ومنهجية مضبوطة كل الآليات المؤسساتية لتدوين واستغلال هذا الموروث الشفهي في الأصل.

علينا كذلك أن ننوّه بأن الوضعية في الجزائر تتميز بالتزاوج اللغوي: اللغة الأمازيغية / اللغة العربية الفصحى، وهذه مناسبة للتأكيد على أن اللغة الأمازيغية واللغة العربية تعايشتا منذ زمن بعيد في كنف مجتمع جزائري واحد دون صراعات تذكر، كما يدل هذا على أن الازدواجية اللغوية يعود وجودها منذ انتشار اللغة العربية في الجزائر؛ أي بعد الفتوحات الإسلامية، إذا كانت الأمازيغية والعربية طرفا هذه الازدواجية، ولكنها لم تكن تشكل ظاهرة بارزة للعيان بحكم التعايش السلمي بين هاتين اللغتين، الذي لم يتحوّل في يوم من الأيام إلى صراع.

مسألة اللغة تبقى رهينة السياسة اللغوية المنتهجة من طرف الدولة ونريدها بعيدة عن تلك التجاذبات السياسوية التي تظهر من حين إلى آخر، وعليه، لابد من تزويد الفاعلين من المجتمع المدني والأسرة الإعلامية والتربوية بأساسيات تحليل الخلاف ومناهج وأدوات ترشيد الخلاف، وكذا توفير مساحة لتبادل الآراء في سياقات مختلفة، من أجل العمل معًا لاستكشاف السبل لإطلاق مبادرات وساطة من أجل التعايش مع كل اللغات وكل المتغيرات المتداولة عبر القطر الجزائري برّمته.

علينا جميعا السعي من أجل إرساء ثقافة الحوار السلمي، بنهج إستراتيجية النضال الديمقراطي السلمي واستثمار آليات الترافع الحديثة القائمة على المرجعية الدولية لحقوق الإنسان، وقيم المساواة والعدالة مع التنويه بإجراء المرافعة من أجل تدبيرٍ ديموقراطي للتعدّد اللغوي والتنوّع الثقافي بالجزائر والذي تُـوّج بترسيم اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، في التعديل الدستوري الجديد وثابت من ثوابت الأمة الجزائرية، وهذا ما يفتح المجال من أجل توسيع دائرة الاهتمام بالبعد الأمازيغي في الهوية الوطنية، ناهيك عن السعي لتقديم سبل تطوير إدماج اللغة الأمازيغية في السياسات العمومية مع إرساء آليات تقييم جدي لها.

تحقيق غاية سامية وهي الارتباط القوي بين اللغة والمجتمع الذي أضحى ضروريا للفرد بل حتمية قائمة لصون خصوصيته التي لا يقبل المساس بها، فهي جزء من هويته، إذ أن اللغة التي تدخل الفرد في علاقة مع المجتمع تدرجه في عملية مزدوجة حيث يعترف له بهوية ـ عضو داخل المجتمع ـ ويحصل على اعتراف مقابل قبول قانون الجماعة.

يمكننا القول إذن، بأن تجرّد الفرد من فرديته وتنازله عنها للدخول في قانون الجماعة جعله يحصل في مقابل ذلك على الهوية التي يحفظ بها حقوقه داخل الجماعة، لذا أصبح من الضروري الاعتراف بهذه اللغة وحفظ مكانتها والسعي إلى تطويرها وصونها باستعمالها ونشرها في المجتمع ومؤسساته وإعطائها المكانة التي تليق بها، وهذا ما يعبّر عنه بالسياسة اللغوية والتخطيط اللغوي أحد أهم مجالات اللسانيات الاجتماعية.

بالنسبة للغة الأمازيغية فقد حان الوقت للمرور إلى التخطيط كخطوة جديدة تلي مرحلة السياسة اللغوية، أي تطبيق القرارات وتحقيق الأهداف على أرض الواقع، وللقيام بهذا يجب على الدولة تجنيد كل الوسائل البشرية، المالية، والعلمية، من أجل تجسيد هذا المخطط على المستوى الميداني، فالأكاديميات اللغوية والمجامع اللسانية، تعد أهم المؤسسات التي تعتمد عليها الدولة في التخطيط للغة أو اللغات.

للتذكير، يوجد في العالم أكثر من 151 مؤسسة تخطيط لغوي، وأهمها الأكاديمية اللغوية الفرنسية، والمجامع اللغوية العربية، على غرار دمشق وعمان، ويتمّ التخطيط من حيث التغيرات التي تطرأ على بنيتها، وضع أبجدية وقواعد كتابة للغة المنطوقة، إثراء المنظومة المعجمية بوضع مصطلحات جديدة ومن أمثلته ما قامت به الصين حين قرّرت تغيير شكل الكتابة الصينية، وما قام به كمال أتاتورك في تركيا حين غيّر الكتابة التركية من الحروف العربية إلى الأجنبية.. وتهدف الدولة من وراء هذه الإجراءات التي تتخذها مثلا إلى تغيير لغات محلية إلى لغات وطنية، أو إحياء لغات قديمة لجعلها لغات رسمية، مثل الدراسة التي أشرفت عليها الحكومة الايرلندية لمعرفة مدى استجابة المواطنين لإحياء اللغة الايرلندية.

بالطبع، فإن التخطيط وحده لا يكفي لتحقيق الأهداف المرغوب فيها، ولكن لابد من مساهمة الأفراد والمؤسسات الخاصة والعامة في عملية تطبيق السياسة اللغوية المسطّرة في البلاد للخروج من المشكلات التي تواجه المجتمع.

إن مظاهر التعايش اللغوي تتجسّد في صلب يوميات المواطن الجزائري، وهذا منذ قرون، فهي قيم تغذّت بالتلقائية والأريحيّة التي يتميز بها المغاربي، وأبدعت بواسطتها في كثير من أنماط الأدب، ونذكر في سبيل المثال لا الحصر الأعمال المسرحية والأغاني الشعبية كتلك التي أداها سليمان عازم أو عيسى الجرموني.

هذه الظاهرة متفشّية بقوة أيضا في المغرب مثل ما يبرزه نمط أدبي مميز والذي يعرف بالشعر العَرَزِيغي؟ أي الشعر الذي ازدوجت فيه العربية بالأمازيغية.

فتواجد اللغتين في نفس الفضاء لم تكن في يوما مصدرا من مصادر التفكّك والاصطدام المجتمعاتي بل هي علاقة تتسم بالتآزر وكثير من التعايش والندية ولم تشهد تصادما كما يحاول البعض أن يصورها.

في الأخير، لابد أن نحارب بذكاء وعزيمة إنتاج ظاهرة “الانقسامية اللغوية” التي هي مصدر الفقر الثقافي والانقسام الذي يمنع التواصل ويهدّد الأمن الهوياتي، كما يتوجّب علينا الاستناد إلى مرجعية الواقع اليومي للمجتمع والحقيقة التاريخية الأنتروبولوجية التي تؤكد لنا بوضوح أن بلادنا الشاسعة عرفت احتكاكا حضاريا قويا وتعاقب الكثير من الثقافات والحضارات أغنت الهوية الوطنية وكرّست عبقرية الانفتاح لديه بعيدا عن كل انغلاق وتزمّت، فتواجد الأمازيغية بجانب العربية وتعايشهما لقرون خلت شكّل نوعا من الانصهار بين مكونين أساسيين في الهوية الجزائرية.

سي الهامشي عصاد

الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية

 

 

 

وسوم : الأمازيغيةالتعاويش اللغوياللغة العربية
سابقة

مرسومان عن العروض الثقافية والقانون الأساسي للمسارح

موالية

صالح أوقروت بعد العملية الجراحية

فواصل

فواصل

مشابهةمقالات

مسرح ذوي الاحتياجات الخاصة تحت مجهر الباحثين
رئيسي

مسرح ذوي الاحتياجات الخاصة تحت مجهر الباحثين

2023-03-23
أدباء ونقاد يرافعون لصالح الشعر الحساني
رئيسي

أدباء ونقاد يرافعون لصالح الشعر الحساني

2023-03-21
ثورة نوفمبر في الشعر الجزائري الحديث
رئيسي

ثورة نوفمبر في الشعر الجزائري الحديث

2023-03-18
إشتراك
الاتصال عبر
دخول
أسمح بإنشاء حساب
بموافقتك سيتم إنشاء حساب في موقعنا بناءا على معلوماتك الشخصية في حسابك الإجتماعي.
إلغاءموافق
نبّهني عن
guest
أسمح بإنشاء حساب
بموافقتك سيتم إنشاء حساب في موقعنا بناءا على معلوماتك الشخصية في حسابك الإجتماعي.
إلغاءموافق
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
فواصل

فواصل جريدة إلكترونية متخصصة في الشأن الثقافي والفكري تصدر عن مؤسسة الشعب.

© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.

تطوير واستضافة شركة رانوبيت

لاتوجد
عرض كل النتائج
  • الرئيسية
  • أسماء وأمكنة
  • فنون
  • حوارات
  • إصدارات
wpDiscuz
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط .