سلّط المخرج محمد صحراوي في فيلمه الروائي الطويل “صليحة”، الضوء على الجانب الإنساني للشهيدة زبيدة ولد قابلية المعروفة باسمها الثوري “صليحة”، في بعض المواقف التي أظهرت قوة شخصيتها التي بقدر ما كانت حازمة وشرسة في مواجهة العدو بقدر ما كانت طيبة وصاحبة تعامل حسن مع الجميع.
عرض الفيلم الروائي الطويل “صليحة” للمخرج محمد صحراوي، مساء الخميس، بالجزائر العاصمة، المخلد للمسار النضالي للشهيدة “صليحة”، التي استشهدت بمعسكر في 1958.
ويتناول فيلم “صليحة”، في ساعة ونصف، أحداثا تاريخية واقعية تتعلق بالمسار النضالي للشهيدة صليحة ولد قابلية، وكانت هذه الطبيبة الشابة غادرت مقاعد الدراسة بكلية الطب لتلتحق بصفوف المجاهدين بمدينة معسكر خدمة للثورة، من خلال استغلال خبرتها في العلاج.
واقتبس سيناريو الفيلم السيناريست رابح ظريف عن كتاب ألفه المجاهد علي عمراني، وهو أحد الفاعلين في مجريات الأحداث حيث ترك بدوره مقاعد الدراسة والتحق بجيش التحرير وكان ضمن المجاهدين الذين كانت برفقتهم الشهيدة، وقام دحو ولد قابلية، أخ البطلة، بالتدقيق التاريخي لأحداث الفيلم.
واختار صحراوي، صاحب الفيلم الروائي الطويل “سركاجي”، سرد أحداث فيلمه بواقعية من خلال نقل وقائع سايرت مهمة الشهيدة في معالجة المجروحين من المجاهدين وسكان الأرياف وأيضا عملية نقلها لمادة طبية خاصة بالتخدير إلى أحد المستشفيات التابعة للمجاهدين في الجبال.
وبعد سفر شاق ومتعب في مسالك وعرة وتحت خطر مداهمة جنود المستعمر لمكان تواجدها والفريق المرافق لها تقع صليحة في كمين لجنود المستعمر وتقاوم إلى جانب رفاقها غير أنها تصاب بوابل من الرصاص لتسقط شهيدة وتلتحق بأخيها نور الدين الذي استشهد قبلها بأشهر.
وركز المخرج في هذا العمل على إظهار الجانب الإنساني طيلة أحداث الفيلم خاصة في بعض المواقف التي أظهرت قوة شخصية صليحة التي بقدر ما كانت حازمة وشرسة في مواجهة العدو بقدر ما كانت طيبة وصاحبة تعامل حسن مع الجميع.
وجالت كاميرا صحراوي في جبال وأرياف المنطقة مبرزة جمال تلك التضاريس التي احتضنت المعارك وكانت حصنا كبيرا للثوار، وحطت الكاميرا للحظات ببيت البطلة لتنقل الجو العائلي المفعم بروح النضال والتضحية والفخر.
وشارك في أداء هذا العمل العديد من الأسماء على غرار الممثلة الشابة سهى ولهى التي جسدت دور صليحة، وكذا مبروك فروجي وقرايدي نذير وحليم زريبيع وآخرين، إلى جانب محمد فريمهدي الذي أدى دور أب البطلة والممثلة فضيلة حشماوي التي أدت دور أمها.
وقال وزير المجاهدين وذوي الحقوق أن هذا العمل يتحدث عن “الشهيدة البطلة والحرة من حرائر الجزائر، زبيدة أو صليحة ولد قابلية”، مضيفا أن عرضه “يندرج ضمن واجب الأمة تجاه شهدائها من حيث التمجيد والتخليد، فمثل هكذا أعمال وإنجازات سمعية بصرية تسهم بالضرورة في حفظ ذاكرة هؤلاء الشهداء، وأنه من واجبنا أن ننقل رسالة هؤلاء الشهداء، وهي أمانة إلى الأجيال حتى يتعرفوا على التضحيات الجسام التي بذلتها حرائر الجزائر وبذلها أحرار الجزائر بأن ننعم بالاستقلال وبالحرية ..”.
من جهته، قال دحو ولد قابلية، إن “الشهيدة صليحة كانت مسؤولة عن قطاع الصحة في معسكر، بالمنطقة السادسة، وعاشت لمدة سنتين في جبال بني شقران قبل أن تستشهد في معركة بهذه المنطقة”.
وأضاف ولد قابلية أن العمل “يروي مسارها ومسار جميع الرفقاء الذين كانوا معها، وأنه يعكس جميع الصعوبات وروح التضحية والالتزام والاندفاع الذي كان لدى هؤلاء الشبان في محاربتهم للاستعمار، إلى غاية نيل الجزائر لحريتها واستقلالها”.
وقال مخرج هذا الفيلم، المنتج من طرف المركز الجزائري لتطوير السينما، أنه عمل يروي “قصة حول الشهيدة صليحة ولد قابلية من زاوية إنسانية، ولا يتعلق فقط بالحرب ..”، مضيفا أن تصويره بدأ في 2019 وانتهى قبل حوالي عام بمعسكر وأيضا بالجزائر العاصمة.