افتتح معرض جماعي في الفن التشكيلي لثمانية فنانين من الجزائر والعالم العربي، مؤخرا بالجزائر العاصمة، قدموا خلاله آخر أعمالهم وإبداعاتهم التي عكست رؤاهم المختلفة للحياة والتراث والثقافة والتصوف بروح العصر.
تحت عنوان “مجموعة الصيف”، يقدم رواق “ديوانية الفن” حوالي 20 عملا فنيا من مختلف الأحجام، تتنوع في مواضيعها ورؤاها الفلسفية والفكرية كما في توجهاتها الفنية التي تراوحت بين التعبيرية والتجريدية وكذا الحروفية بمختلف أبعادها العربية الإسلامية.
ومن بين الفنانين الحاضرين علي بوخالفة، من مواليد العاصمة في 1948، والذي يقدم 6 لوحات من الأكريليك على القماش تحيل إلى مدارس فنية عديدة كالتجريدية والتكعيبية وتحمل في نفس الوقت بصمة الفنان الخاصة وتأثره أيضا بالفنان الفرنسي جان ديبيفيي (1901- 1983).
ويشارك من جهته زبير هلال، من مواليد سيدي بلعباس في 1952، بلوحتين من الأكريليك على القماش تحت عنوان “يا حامة” و”حامة”، والعملين مأخوذين من مجموعته “طاعة، العصيان الأصلي” التي تم تقديمها مؤخرا في معرض فردي له بدار عبد اللطيف بالعاصمة.
واللوحتين متشابهتين كليا تقريبا من حيث الحروف العربية المصطفة في شكل مربعات تحوي بعضها البعض، في إشارة إلى الكعبة الشريفة بمكة المكرمة، وأيضا من حيث الألوان المستعملة كالأحمر والبرتقالي والأسود وكذا الأزرق والبنفسجي.
غير أن الاختلاف الأساسي يكمن في وجود جسد غير واضح لامرأة وسط اللوحة الأولى وفي خارج ذاك الوسط في اللوحة الثانية ما يفتح تساؤلات عديدة حول المفاهيم والأفكار التي يطرحها هذا الفنان الذي يقول أنه يعمل على “إعطاء روح وهوية جزائرية محضة للتشكيل في الجزائر ..”.
بعض اللوحات التي تتزين بها جدران الرواق تم تقديمها بدون عنوان، رغبة من مبدعيها في ترك الحرية المطلقة للزوار في تفسيرها وتأويلها كيفما يشاؤون، وسط تداخل كبير للألوان الفاتحة، على غرار أعمال المصري وائل درويش والأردني محمد العامري.
ويعرض درويش مثلا لوحة أكريليك على القماش ذات بعد تجريدي ورمزي وتعبيري أيضا، حيث تظهر جسدا بشريا في مركز لوحته في إشارة إلى مركزية الإنسان في هذا الكون، ويشارك بدوره العامري، الذي ترأس سابقا جمعية الفنانين التشكيليين الأردنيين، بلوحتين تجريديتين أنجزهما بالغواش على الورق تعكسان تجربة فنية ثرية بالعمق الإنساني والحس الجمالي.
وعبد المالك مجوبي، فنان تشكيلي من مواليد سطيف في 1947، يحضر بدوره بلوحتين تجريديتين أنجزهما باستعمال الأكريليك على القماش وعنونهما ب “ما أفضله” و”العدسة المكبرة”، تحملان الزوار على التأمل غير أنهما تعكسان أيضا نوعا من الهدوء والجمال من خلال الاستعمال المتميز للريشة والاعتماد على تدفق الألوان.
ويبرز أيضا في هذا المعرض كريم سيفاوي، وهو من مواليد العاصمة في 1966، وهذا بلوحتين زيتيتين على القماش تحت عنوان “ليلة بكارنفال ريو” و”حفلة زواج بفندق سان جورج”، تظهران أجساد نسائية تتشابه فيما بينها في حركاتها التعبيرية الراقصة والبهيجة غير أنهما تختلفان من حيث المكان بعاداته وتقاليده.
وكان المعرض بمثابة فرصة للتعريف بإبداعات هذا الفنان متعدد المواهب والذي تخرج من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة واشتهر خصوصا بنشاطه في عالم الموضة حيث تعاون مع العديد من مصممي الأزياء عبر العالم قبل أن يتخصص في الأزياء النسائية الجزائرية التقليدية.
ومن المشاركين أيضا في هذا المعرض الموريتانية زينب الشيعة التي تحضر بلوحة تحت عنوان “كورال”، أنجزتها بالأكريليك والحبر على القماش، جمعت فيها بين العلامات الخطية العربية والتجريد والسريالية، إذ فيها تزاحم كبير للحروف العربية المرسومة بالأصفر والتي تصطف بشكل انسيابي كالأمواج في خلفية كالبحر شديدة السواد.
وبجمالية ومهارات متميزة يقدم اللبناني غالب حويلة لوحة دائرية تحيل إلى الفن المعاصر أنجزها بالأكريليك والخيوط على القماش، تحت عنوان “رأفة”، تضم حروفا عربية متراصة في أشكال دائرية تحوي بعضها البعض وعليها خيوط حمراء تنزل من أعلى اللوحة بشكل متواز تقريبا ليتم ربطها معا في أسفلها، في عمل فني معبر.
وينظم هذا المعرض، الذي تستمر فعالياته إلى غاية 24 أكتوبر المقبل، بمناسبة فصل الصيف وتزامنا مع الاحتفالات المخلدة للذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية، ويهدف لـ “تثمين الأعمال التي تحمل رسالة إنسانية وهوية ثقافية وقيمة فنية ..” والتي تتميز أيضا بـ “روح المعاصرة”.