عرض الفيلم الروائي الطويل “حليم الرعد” لمخرجه بن عبد الله محمد، سهرة الخميس، أمام الصحافة، ويتناول معاناة الأطفال المصابين بـ “التوحد” في المجتمع الذي يرفض تقبلهم ويتنمر عليهم ما يؤثر سلبيا عليهم وعلى ذويهم.
يسافر مخرج فيلم ” حليم الرعد” بالجمهور إلى نموذج ليوميات الأطفال المصابين بـ “التوحد” التي تتسم بنظرة المجتمع السلبية والتنمر والاحتقار الذي يتعرضون له رغم أنهم يعانون في صمت، ويعرج على معاناة المرأة التي تعيل ابنها الوحيد المصاب وسط مجتمع يحترم القوي ويعتدي على الضعيف.
وتدور أحداث الفيلم الذي يندرج ضمن خانة الدراما الاجتماعية، على مدار 100 دقيقة ويغوص في يوميات حليم صاحب 25 عاما وهو مصاب بالتوحد ويعيش رفقة والدته الأرملة في شقة متواضعة بالمدينة حيث اعتاد البقاء لساعات طويلة ملتصقا بشاشة التلفاز لمشاهدة رسوم متحركة “المانجا” غير مدرك لما يدور من حوله ومنغمس في عالمه الخاص ولكنه حساس ويسعى دائما أن يكون مثل قدوته، شخصية الرسوم المتحركة “هزيم الرعد” ليحمي كل الضعفاء.
وتستمر معاناة بطل الفيلم “حليم” –الذي أداه الممثل الشاب أنس تناح –، عند خروجه للعب خارج المنزل أين يعاني من تنمر الصغار والكبار على حد سواء لجهلهم طبيعة مرضه، وأنه يرفض أن يصبح رجلا و يفضل اللعب مع الأطفال الذين يعتبرهم أصدقاء لكنهم لا يبادلونه نفس الشعور ويتنمرون عليه ويضربونه.
و سلط المخرج الضوء على معاناة والدة حليم –التي تقمصت دورها الممثلة دليلة نوار–، بعد كل ما يسبب لها من مشاكل مع الجيران وأبناء الحي وهو يدافع عن نفسه، حيث بدورها تعمل منظفة وتتعرض للتحرش من طرف مسؤولها لكنها ترفض الإذعان لنزواته ما تسبب في فقدانها لمنصب عملها حيث تتفاقم الهموم على هذه المرأة التي تتلاشى كلما شاهدت علامات الضرب المبرح على ابنها الذي يتعرض له في الشارع وفي الملعب وحتى أمام باب شقتها.
ومن خلال تواتر الأحداث تنعكس رؤية المجتمع لمعالجة مرض التوحد السطحية حيث تشير جارة والدته بأخذه إلى الراقي لمعالجته لكنه يتعرض للضرب المبرح، لتتقبل والدته في الأخير فكرة عرضه على الطبيب النفسي لمعالجته. يلتقي حليم في العيادة مع فتاة شابة تعاني من التوحد أيضا ويقع في حبها، لكن يكتشف أنها تتعرض للاعتداء الجنسي من طرف زوج والدتها ليندفع و يقتله و يدخل في حالة عنف وينفذ سلسلة جرائم انتقاما من جاره الذي اعتدى عليه جنسيا أيضا حين كان طفلا و كل من اعتدى عليه و ضربه.
ويعكس فيلم “حليم الرعد” وهو من إنتاج مؤسسة “ميسان” للسينمائي يحي مزاحم وتوزيع شركة “م دي سيني” دلالات اجتماعية وضرورة تغيير نظرة المجتمع في كيفية التعامل مع المصابين بالتوحد في حين نجح فعلا المخرج عبد الله محمد في تقديم عمل محترم من الناحية التقنية إلى جانب تحكمه الكبير في إدارة الممثلين.
وحرص منتج الفيلم يحيى مزاحم كما أكده في لقاء صحفي عقب العرض على تقديم عمل إنساني مبني على أحداث مستمدة من الواقع مبرزا أنه “فيلم بتمويل مستقل تم إنجازه بميزانية شبه منعدمة ولم نسعى للبحث عن التمويل والدعم المادي لأن الهدف هو تشجيع إنتاج أصحاب المشاريع السينمائية الشباب وتمكينهم من عرض أفلامهم عبر القاعات وإيصال صوتهم للجمهور، كما ينبه الفيلم لوضعية المصابين بالإعاقة والمرأة في المجتمع”.
و ذكر يحي مزاحم، أن الفيلم سيتم توزيعه من طرف مؤسسة “م دي سيني” على مستوى قاعات العرض بالولايات بداية من 12 ماي المقبل، منها قاعة ابن خلدون وقاعة ابن زيدون بالعاصمة وقاعة المغرب بوهران و قاعة أحمد باي بقسنطينة.