شارك البروفيسور صالح بلعيد، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، في الدورة التاسعة والثمانين لمؤتمر مجمع القاهرة بصفته واحدا من أعضائه. وقد ناقشت الدورة موضوع “اللغة العربية بين الهوية القومية والعولمة”، وفي هذا الصدد، أكد بلعيد على ضرورة التماهي مع لغات العالم، والعربية واحدة منها، وبما أن العولمة باتت أمرا واقعا، فإن الحل يكمن في وضع قدم في الأصالة وأخرى في الحداثة.
شارك البروفيسور بلعيد عن بعد في الندوة التي أجراها مجمع القاهرة، حيث انعقدت الدورة تحت عنوان: “اللغة العربية بين الهوية القومية والعولمة”. عقب ذلك، نزل بلعيد ضيفا على إذاعة مجمع الأردن.
وأكد البروفيسور بلعيد لـ«الشعب” أن مداخلته، التي حصلنا على تسجيل منها، كانت في إطار اتصال من قناة مجمع اللغة العربية الأردني، عقب مشاركته في الدورة التاسعة والثمانين لمؤتمر مجمع القاهرة بصفته واحدا من أعضائه، وقد شارك البروفيسور بلعيد عن بعد في الندوة التي أجراها المجمع، حيث انعقدت الدورة تحت عنوان: “اللغة العربية بين الهوية القومية والعولمة”.
وأفادنا البروفيسور بلعيد بأن مجمع اللغة العربية الأردني هو المجمع الوحيد من بين المجامع الـ15 الذي يملك قناة على تردد “أف أم” تبث 4 ساعات في اليوم، وأحيانا تبث أكثر من هذا وبخاصة أثناء تغطية الأيام أو الملتقيات، وهي قناة علمية تبث فقط أعمال المجامع والمجمعيين، وتغطي النشاطات المجمعية.
وفي تصريحه، عاد البروفيسور بلعيد إلى عدد من الأفكار المطروحة في الدورة المذكورة، ومن بينها “كيف يمكن المحافظة على الخصوصيات وعلى اللغة العربية باعتبارها لغة جامعة ولغة قومية ولغة الهوية، وبين التفتح الضروري على العولمة؟”.
وهنا لاحظ بلعيد انقسام المتدخلين إلى قسمين: قسم أول يقول بضرورة المحافظة على الهوية والخصوصية العربية، وهي التي تعطي لنا المناعة والأمن، والحصانة الثقافية بصفة عامة، وفريق آخر يرى أننا مجبرون على التماهي مع العولمة، من جانب لأنه أمر مفروض علينا، ومن جانب آخر لأننا نترجم ونأخذ من اللغات الأخرى، فعلينا أن ننفتح على التعددية اللغوية.
«حتى وإن لم نرد التفتح على العولمة، فنحن اليوم مجبرون على التماهي معها، نظرا لما تحمله من تقانات وأتمتة معاصرة ووضع منصات”، يؤكد بلعيد، مضيفا: “ولكن ما هي اللغة التي نتماهى معها؟ هي لغة العالم وهي الإنجليزية، وربما نكون هنا قد وضعنا رجلا في الأصالة وأخرى في الحداثة، وقلنا إن الخصوصية لا تمنعنا أن نأخذ لغات أجنبية، ولكن الأهم من ذلك هو كيف نستفيد من هذه اللغات الأجنبية ونفيد بها لغتنا؟ وهنا يجب أن نذكر الواقع الآن وهو أن اللغة العربية تعيش فقر التعلم، نظرا للتلهيج والخلاف بين لغة المشافهة ولغة الكتابة، ونظرا أيضا إلى أننا نأخذ المصطلحات الأجنبية من اللغات الأجنبية، وبخاصة ألفاظ الحضارة”.
ما هو الحل؟ يتساءل بلعيد، ثم يجيب بأن الحل هو وضع رجل في الأصالة وأخرى في الحداثة، ولكننا “بحاجة إلى إمام فعّال، لأن ما صدر من قرارات مجمعية فيما مضى من الدورات كلها توصيات لا تجد نفوذا ولا تطبيقا، وحتى حينما رفعنا القرارات إلى بعض القمم العربية فإنها بقيت بلا تنفيذ”.
وأكد بلعيد أن المجمعيين، رغم كل ما سبق، قد عملوا ما عليهم، وقدموا أشياء كثيرة ذات علاقة بالعلوم، ووافقوا على أفكار جاءت بها اللجان فيما يتعلق بمصطلحات الأحياء والإعلام والحاسبات والفيزياء. كما أشار إلى عمل مائز جدا خلال هذه الدورة حيث ناقش المجمعيون مادة حرف الطاء في المعجم الكبير، “نحن ننجز الآن المعجم التاريخي للغة العربية، ووصلنا حرف العين، ما يعني أننا قطعنا شوطا معتبرا جدا وربما أنجزنا ثلثي هذا المعجم”.
وفي حديثه عن “تيسير النحو العربي”، أشار بلعيد إلى المستشرق الطاجيكي “رحمن سليمانوف” الذي قدم أول عمل من 150 ألف جذر، في معجم ثلاثي اللغات (طاجيكي روسي عربي) وحتى وإن لم يطلع عليه بعد، إلا أن بلعيد بارك هذا المجهود. وفي هذا الصدد قال رئيس المجلس الأعلى للغة العربية: “نريد للغة العربية أن تتماهى مع المسلمين حيث تشير الإحصائيات إلى ملياريْ مسلم، فماذا قدم العرب بصفة عامة لهؤلاء؟ وكيف نجعل النحو سهلا بسيطا يتماشى مع النحو العالمي؟ هل النحو العربي الآن ميسر وأخرجناه من بعض الخصوصيات ذات العلاقة إلا بفقهاء اللغة؟ نحن بحاجة إلى لغة وظيفية، ومشكلة التقعر اللغوي مازالت مسيطرة”.
ودعا بلعيد المستشرقين والمستعربين أن يكونوا في مستوى الحدث، مؤكدا أنه على العرب التركيز أكثر على تعليمية اللغة العربية لغير الناطقين بها.
في الأخير، ذكّر البروفيسور بلعيد بوجود 6 لغات أممية وهي لغات العولمة والعربية واحدة منها، وعلينا أن نتماهى مع هذه اللغات. وخلص بلعيد إلى أن “اللغة العربية هي اللغة الجامعة وهي التي تعطينا الندية في وجه التغوّل اللغوي، ولولاها لما كنا ولن نكون، فعلينا أن نحافظ على صفاء اللغة العربية كما نحافظ على صفاء عيوننا”.