تقدّم روايتها الأولى «أهداب الصبح» على أنّها «قصة جيل عاش طفولته في العشرية السوداء، متأرجحا بين اليأس والأمل كانعكاس لهذا الوطن، الذي يبحث عن الخلاص، متمسّكا بأهداب الصبح للخروج من العتمة».. عن هوايتها في التأليف وتجربتها الفتية في مجال كتابة الرواية، تحدثنا الكاتبة وفاء خالد وتفتح قلبها لقراء «الشعب» في هذا الحوار.
الشعب: من تكون صاحبة رواية «أهداف الصّبح»؟
الكاتبة وفاء خالد: وفاء خالد كاتبة جزائرية من مواليد مدينة قسنطينة، الجزائر، سنة 1982، متحصلة على شهادة ليسانس في الأدب الإنجليزي من جامعة قسنطينة سنة 2003، أشتغل بسلك التعليم كأستاذة لغة إنجليزية مجازة، متزوجة وأم لطفلين.
نُشر لي نصوص نثرية وقراءات نقدية في صحف ورقية جزائرية ومواقع الكترونية عربية، كما ساهمت بمقالات متنوعة تناولت مواضيع مختلفة في مجلة «انزياحات الثقافية» الصادرة عن وزارة الثقافة الجزائرية.
رواية «أهداب الصبح» هي أول عمل روائي لي، صدرت مؤخرا عن دار بهاء الدين للنشر والتوزيع، وستكون قريبا في المكتبات.
متى وكيف بدأت وفاء خالد الاهتمام بالتأليف والكتابة؟
دخلت عالم الكتابة من باب عالم القراءة السحري، بدأتُ بقراءة قصص الأطفال منذ تعلمت ربط الحروف الأبجدية ببعضها وفهم الكلمات، وسرعان ما أصبحت قصص الأطفال لا ترضي فضولي ولا تروي شغفي للقراءة، فتوجهت لقراءة الأعمال الموجهة للفتيان والناشئة، وكانت في مجملها أعمال عالمية مترجمة وبنسخ مختصرة، وفي سن العاشرة قرأت أول رواية، ومنذ ذلك الحين لم أتوقف.
أعتقد أن الكتابة بالنسبة لي كانت رد فعل تراكمي بعد سنوات طويلة من القراءة، جعلت الحكايات تضج داخلي وتبحث لها عن مخرج.
من شجّع موهبتك؟ وبِمن من الكتاب والأدباء تأثّر قلمك؟
التشجيع أتى من والديّ بالدرجة الأولى، فقد امتلك والدي مكتبة ضخمة ضمت تشكيلة مميزة من الروايات العربية، أهمها معظم أعمال نجيب محفوظ، إحسان عبد القدوس، يوسف السباعي، عبد الحليم عبد الله، وكذلك غادة السمان ودواوين الأعمال الكاملة لنزار قباني ومحمود درويش وغيرهم.
هذا الجزء من مكتبة والدي كان حديقتي السرية التي أنتظر فرصة العطل المدرسية للغوص فيها، بتشجيع منه ومن والدتي طبعا.
ثم في مختلف المراحل الدراسية حظيت بتشجيع من أساتذتي بدءا بالأستاذة لعور حياة في المدرسة الابتدائية، ثم الأستاذ هواري أستاذ اللغة العربية في المتوسط، وكذلك الأستاذة بن مالك في المرحلة الثانوية. أوجه تحيتي لهم جميعا.
أعتقد أن الكاتب يتأثر تلقائيا بما يقرأ، خاصة في المراحل الأولى قبل أن يتشكل وعيه الكتابي.
لذا أظنني متأثرة أكثر بالمدرسة المصرية «إن صح التعبير» لأنّها شكلت نواة قراءاتي الأولى لسنوات عديدة بالأخص نجيب محفوظ، إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي.
من النّصوص النّثرية المنشورة على صفحات الجرائد إلى تأليف الرّواية والإصدار، ما هي المحطات التي تخطّاها قلمك حتى وصل إلى عتبة رواية «أهداب الصبح»؟
النصوص النثرية كانت بداية محاولاتي في الكتابة منذ سن المراهقة، وكانت في مجملها عبارة عن بوح طفولي أخذ في النضج تدريجيا من خلال تعاقب سنوات العمر والتجارب. عرفت بعض هذه النصوص طريقها إلى صفحات الجرائد بعد مشاركتها في صفحتي على الفايسبوك لكنها لم تكن مشروعا كتابيا أبدا.
اهتمامي منذ البداية كان الكتابة الروائية وقد سبقت «أهداب الصبح» محاولات روائية بسيطة قبل سنوات لكنها ظلت حبيسة الأدراج..الكتابة الروائية مشروع متكامل يحتاج إلى عوامل كثيرة مجتمعة حتى يتحقق.
غالبا ما يكون الإصدار الأول بمثابة مغامرة شيقة وصعبة للغاية بالنسبة للكاتب، هل لك أن تحدثينا عن العقبات والتشجيعات، وكل الإرادة والعزم للوصول بالمخطوط إلى رفوف المكتبات؟
أعتقد أنّ أكبر عقبة واجهتها هي الوقت، باعتباري أمّا لطفلين وأستاذة في سلك التعليم المتوسط، يمكنني القول أنني مستنزفة تماما من حيث الوقت والجهد، خاصة أن الكتابة الروائية تحتاج مساحة من صفاء الذهن والتفرغ.
الحمد لله وجدت الكثير من التشجيع من طرف زوجي وأهلي وصديقاتي المقربات، وكذلك أصدقاء العالم الأزرق من كتّاب وقرّاء مميزين.
كما أعتبر نفسي محظوظة جدا بالتعامل مع دار نشر في منتهى الاحترافية، ساهمت بشكل كبير في خروج المخطوط إلى النور في أبهى حلة.
يحمل عنوان «أهداب الصبح» معنى الأمل والبدايات الجديدة، ما هي القصة التي تسردها الرواية؟ ومن أين استوحيت فصولها وشخصياتها؟
في الحقيقة نعم «أهداب الصبح» هي رسالة أمل، خيط نور في العتمة، ولهذا كانت شخصياتها وفصولها مستوحاة منا جميعا، من عمق مجتمعنا بكامل تفاصيله.
تأخذنا رواية «أهداب الصبح» إلى حميمية الواقع بتفاصيله التي قد تشبهنا جميعا بطريقة أو بأخرى، من خلال قصة حب بين شابين يمثلان جيلا غصّت طفولته بدماء العشرية الحمراء.
قصّة حب تواجه مصير وطن يبحث عن الخلاص متأرجحا فوق صفيح ساخن، في مرحلة الذروة التي تسبق الانفجار بكل إرهاصاتها وتداعياتها، فتصيبها شظايا اليأس والقهر التي كانت تعصف بالبلاد والعباد.
وعلى ضفاف القلوب المكلومة، تتفتح جراح المجتمع الجزائري جرحا غائرا يليه جرح نازف، من أهوال الإرهاب إلى خراب الفساد، ومن عذابات الغربة إلى حُرقة «الحرقة» أو الهجرة السرية غير الشرعية عبر قوارب الموت، ومن هاجس العنوسة وشبح الانتظار إلى وحش الطلاق الكاسر والزيجات المدبّرة بقلب بارد.
تحتضن قسنطينة الشخصيات والأحداث، مشكّلة مسرحا لها ومعلنة عن حضورها الباذخ في المشهد بكل طهرها وأخطائها وبكل زخمها الثقافي. ورغم تفرّدها فهي لا تختلف في نهاية المطاف عن بقية مدن الجزائر، بل ومختلف المدن العربية التي تتقاسم رغيف الوجع، وترتشف هموم الأوطان مع قهوة الصباح، على أمل غد أفضل.
أنت متخصّصة في اللغة الإنجليزية، هل هناك مشروع تأليف بلغة شكسبير؟
اللغة الإنجليزية كانت شغفا قديما تحول إلى اختصاص جامعي ثم إلى مسار مهني، رغم حبي الشديد لها لكن اللغة العربية هي لغة وجداني، هي اللغة التي تترجمني وتكتبني قبل أن أكتبها.
حاليا لا أعتقد أنني سأكتب بلغة أخرى..لكن من يدري! ربما تحمل الأيام مفاجآت غير متوقعة.
ما هي مشاريعك القادمة؟
مشروع روائي جديد يختمر ببطء في ذهني حاليا، أريده مختلفا تماما عن «أهداب الصبح» إن شاء الله.