المخرج المسرحي كريم بودشيش صاحب عديد الأعمال الناجحة بعاصمة الشرق الجزائري، والتي تركت بصمتها في عالم الإنتاج المسرحي بالجزائر، يفتح قلبه لـ «الشعب».
من خلال هذا الحوار يرى بأنّ عودة الجمهور لقاعات المسرح والتوافد الكبير الذي تشهده العروض المسرحية، يعتبر من أهم عوامل الحراك الثقافي المسرحي، والذي جاء نتيجة للأزمة الصحية والانقطاع على المسارح وكافة النشاطات الثقافية والفنية، مؤكّدا أنّهم حملوا على عاتقهم مسؤولية فتح ورشات تكوينية لإبراز جيل جديد، ونقل الخبرات لصناعة مسارح قويّة ومتمكّنة.
الشعب: في نظرك، ما هو مستقبل المسرح ودوره في ظل التحولات الجديدة التي يعرفها المجتمع؟
المخرج المسرحي كريم بودشيش: أعتقد أن الممارسة المسرحية هي تحصيل حاصل لسنوات قد خلت، والتي عرفت تذبذبات بين الازدهار والركود زادتها الأزمة الصحية تعقدا، الأمر الذي أثر سلبا على الممارسة المسرحية بصفة عامة، لكن حاليا نلاحظ عودة الحياة لخشبة المسرح، وتوافد التعاونيات الثقافية والفرق المسرحية التي تبادر بمشاريع متميزة خاصة بالمسرح الموجه للطفل وتلك الموجه للكبار، والتي تلقى التأطير والمرافقة الخاصة لوضعها على المسار الصحيح حتى يتم ضمان استمراريتهم في مجال العمل المسرحي، وتشجيعهم على مواصلة العمل والاجتهاد في أعمالهم الفنية، وهي المجهودات التي ستأتي بثمارها مع السنوات القادمة.
ألا ترى أنّ هناك حراك مسرحي، واهتمام غير معهود للجمهور بالمسرح؟
إنّ عودة الجمهور لقاعات المسرح والتوافد الكبير الذي تشهده العروض المسرحية يعتبر من أهم عوامل الحراك الثقافي المسرحي، والذي جاء بعد الأزمة الصحية والانقطاع على المسارح وكافة النشاطات الثقافية والفنية، لكن بعد مرور فترة كوفيدـ19 ازدهر الإنتاج المسرحي على مستوى كافة المسارح الوطنية، وليس فقط على مستوى مسرح قسنطينة، وهو ما يعتبر ظاهرة صحية تعود بالإيجاب على عمال المسرح من مخرجين ومنتجين وممثلين، وسنعمل باعتباري مخرجا على مواصلة العمل للحفاظ على هذا الجمهور من خلال ترقية الأعمال المسرحية وتطويرها، وفق متطلبات وتطلعات المجتمع الجزائري، خاصة وأن المسرح يعتبر فنا راقيا يساهم كثيرا في صناعة الرأي العام.
أبو الفنون بات يزخر اليوم بأسماء جديدة، ووجوه شابة في التمثيل والإخراج، وبأفكار جديدة ومتطوّرة، ما تعليقك؟
هو الأكيد أن ظهور أسماء جديدة شابة في الإخراج المسرحي والكتابة المسرحية وحتى التمثيل يعتبر خطوة كبيرة في عالم المسرح، خاصة مع التحولات الكبيرة والظواهر الاجتماعية التي يشهدها المجتمع نجد اهتماما غير معهود بالفن والمسرح، الأمر الذي خلق طاقة شبانية كبيرة استفاد منها المسرح الجهوي بقسنطينة، وهو ما اعتبره إنجازا في حد ذاته، وأشهد شخصيا أن هناك شباب وبالعشرات يعمل ويجتهد في انتظار الفرصة لإبراز مواهبه وإبداعاته، وحسب تجربتي هناك شباب انطلقوا من نقطة الصفر، واليوم نجدهم في أعلى مستوى يعملون على مستوى القطر الجزائري، وما علينا نحن سوى تأطيرهم ومرافقتهم بهدف صناعة جيل جديد من الأسماء المسرحية.
كيف تجد مستوى الإخراج المسرحي، خاصة مع ظهور جيل جديد يؤمن بالتكنولوجيات الحديثة؟
كل جيل ولديه خصائصه ومميزاته وتجاربه الخاصة، وكل مخرج مسرحي ينتمي للجيل الخاص به، وكما نلاحظ أن كل فنان ومخرج وممثل ابن عصره، نرى اليوم التكنولوجيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي في خدمة الجيل الحالي، أين تسهل عليهم وصول المعلومة وانتشارها خاصة منها الاحتكاك فيما بين الشباب المبدع، ما ينتج خزان هائل للطاقات الشبابية المبدعة وفي كل المجالات سواء منها الإخراج، الإنتاج المسرحي، التمثيل والكتابة، وهو ما نعتبره إضافة حقيقية ستعمل على إثراء واقع المسرح بالجزائر عموما.
هل ترى أنّ المسرح لا يزال مدرسة للتمثيل، وكيف تجد واقعه اليوم؟
أكيد أنّ المسرح مدرسة ومرجعية ثقافية وحضارية، يمثل النخبة والجمهور العريض بالمجتمع، حيث نعمل دائما على التكوين الذي يعتبر من أهم مكونات تطوير المسرح، والذي يعتبر قاعدة أساسية ومهمة وهو ما ينعدم حقيقة في الجزائر، حيث لا توجد مراكز ومعاهد خاصة بالتكوين المسرحي ونقص الفضاءات، وهو ما يعيق المسرح الجزائري ما إن تحدثنا عن واقعه الحالي، حيث أن المسارح المحترفة ليس من واجبها التكوين إلا أننا أخذنا على عاتقنا فتح ورشات تكوينية بسبب الفراغ الموجود، ونعمل على ملئه بفتح تكوينات يقف عليها الزملاء، لا لسبب سوى لإبراز جيل جديد ونقل الخبرات لصناعة مسارح قوية ومتمكنة.