أوصى أساتذة جامعيون، في ختام أشغال الملتقى الوطني الأول حول “حضور الموروث في أدب الطاهر وطار“، اليوم الأربعاء، بضرورة ترسيم هذا الملتقى وترقيته إلى مصف ملتقى دولي.
دعا الحاضرون في توصياتهم بالملتقى الذي افتتح الثلاثاء بدار الثقافة لسوق أهراس التي تحمل اسم هذه الشخصية الأدبية بحضور عدد من الأساتذة في المجال في إطار إحياء شهر التراث (18 أفريل- 18 ماي) إلى تخصيص محور علمي معين لكل دورة تكون مثلا للتوظيف التاريخي والمرجعيات التاريخية الدينية والأسطورية في تجربة الطاهر وطار والمرأة في أدب الطاهر وطار.
وتوجت أشغال هذا الملتقى بتوصيات أخرى تقضي بـ”ترقية الملتقى إلى مصف ملتقى دولي للوقوف على التناول النقدي لأعمال الطاهر وطار على الصعيدين المغاربي والعربي” و”استثمار وسائل الاتصال الحديثة في نشر أشغال الملتقى بصفة دائمة على المواقع الإلكترونية”، فضلا عن “استحداث جائزة أدبية خاصة في كل من الشعر والقصة والرواية والمسرحية باسم الأديب الراحل الطاهر وطار”.
وتميزت أشغال اليوم الثاني والأخير من هذا اللقاء بمداخلة للجامعي جلال خشاب من سوق أهراس بعنوان “المستنسخ الشعبي في رواية الطاهر وطار”، حيث تعرض إلى تلك المقولات الشفوية المتكررة في كتاباته مثل “ما يبقى في الواد غير أحجارو” و”كيف عمل على توظيفها كموروث شعبي ليعطيها امتدادً في رؤاه الثقافية والاجتماعية وحتى الإيديولوجية” .
وأضاف خشاب بأن “إعجاب وانسياق الطاهر وطار وراء هذه المقولات يؤكد شفوية الفعل الإبداعي وتماشيه مع المنظومة الفكرية والثقافية”، واعتبر أن الهدف من الملتقى يرمي أساسا إلى “التعامل مع كتابات هذا الأديب و رؤاه الفكرية والثقافية والإيديولوجية”.
للإشارة، ولد الطاهر وطار عام 1936 بسوق أهراس، وعاش في بيئة استعمارية لم يسمح فيها للأهالي سوى بقسط من التعليم الديني وهو ما جعله يلتحق بمدرسة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1950 ليواصل دراسته بعدها بقسنطينة.
ومع اندلاع الثورة التحريرية عام 1954 سافر إلى تونس ودرس لمدة قصيرة بجامع الزيتونة وفي عام 1956 التحق بالثورة وانضم لصفوف جبهة التحرير الوطني وظل مناضلا فيها إلى غاية 1984 .
وخلال إقامته بتونس شارك الراحل في تأسيس العديد من الجرائد التونسية وقد عمل أيضا في يومية “الصباح” التي نشر بها قصته الأولى “الحب الضائع” التي فتحت له الطريق للشهرة، كما اشتغل بمجلة “الفكر” التي نشر بها مسرحيتيه الوحيدتين “الهارب” و”على الضفة الأخرى”.
وبعد رجوعه للجزائر، أسس في 1962 بقسنطينة أول أسبوعية في تاريخ الجزائر المستقلة تحت عنوان “الأحرار” ، وبعدها أطلق أسبوعية “الجماهير” ليؤسس بعدها في 1974 أسبوعية “الشعب الثقافي” التابعة لجريدة “الشعب” وقد كان مصير هذه الإصدارات الغلق من طرف السلطات.
وأما في تسعينيات القرن الماضي، شغل الراحل لفترة قصيرة منصب مدير عام للإذاعة الجزائرية (1991ـ 1992)، وأسس قبل هذا جمعية “الجاحظية” عام 1989 التي تحولت إلى منبر للكتاب والمثقفين.
ويعد وطار من الأقلام المبدعة ولكن أيضا الثائرة والمتمردة وقد تجسد ذلك في أعماله الروائية، منها عمله الأشهر “اللاز” في عام 1974.
و ترك وطار بتجربته الأدبية الرائدة وأعماله التي أبهرت القراء والنقاد ترجمت إلى أكثر من عشر لغات بينها الإنجليزية والفرنسية والروسية.
“الزلزال” و”الحوات والقصر” و”العشق والموت في الزمن الحراشي” و”عرس بغل” و”الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي” هي من أهم إبداعاته الروائية إضافة إلى “قصيدة في التذلل” التي كتبها على فراش المرض.
أما في مجال القصة -التي بدأ بها مشواره الأدبي وهو في تونس- فتبرز من أعماله “الطعنات” و”الشهداء يعودون هذا الأسبوع” و”دخان من قلبي”.
وتم اقتباس العديد من أعماله في أفلام ومسرحيات منها “قصة نوة” من المجموعة القصصية “دخان من قلبي”، التي تحولت إلى فيلم تلفزيوني حصد عديد الجوائز و”الشهداء يعودون هذا الأسبوع” التي حولت بدورها إلى مسرحية نالت الجائزة الأولى بمهرجان قرطاج الدولي.
وساهم وطار في ترسيخ الأدب الجزائري الناطق بالعربية توج بالعديد من الجوائز الوطنية والعربية أبرزها جائزة الشارقة لخدمة الثقافة العربية عام 2005 وجائزة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) للثقافة العربية في نفس العام وكذا جائزة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية للقصة والرواية في 2010.