يسلط المجلس الأعلى للغة العربية، في الملتقى الوطني الذي سينظمه شهر سبتمبر المقبل، على جوانب العلاقة بين الترجمة والهوية، ومدى تأثير الترجمة على هوية المترجم والمترجم له وطبيعة الإجراءات التي تطال النص الأصل والنص الهدف بما جعلها من لغة ومضامين، وبما يحملانه من فكر وثقافة وعلوم.
ينظم المجلس الأعلى للغة العربية، في 29 سبتمبر المقبل، ملتقى وطني بمناسبة اليوم العالمي للترجمة حول “الترجمة والهوية.. أي علاقة؟ وأي تأثير؟”. وهذا في إطار احتفاءه باليوم العالمي للترجمة.
وجاء في تقديم المجلس للملتقى، أن الترجمة بامتداداتها التاريخية وآفاقها المعرفية تعد -ضرورة لغوية واجتماعية، فرضتها العولمة، فلا يمكن الإعراض عنها ولا الاعتراض عليها.
وانطلاقا من أن اكتشاف الذات وإدراك خصوصياتها، والتعرف على الأنا/ الشخصية والمحافظة عليها، لا يتصور إلا باكتشاف الآخر. ومعرفة أبعاد هويته وخصائص ثقافته؛ فإن الترجمة هي الفعل الأقدر على استجلاء مبررات الاختلاف ومعالمه، والنشاط الأجدر بحصر احتمالات الاتفاق وحدوده.
وأوضح المجلس الأعلى للغة العربية، أن المترجم أكثر المثقفين تفاعلا مع قضية الهوية ومعايشة لإشكالاتها، ذلك أنه يجد نفسه في مواجهة هوية أخرى تختلف عن هويته في أمور كثيرة، تأتي على رأسها اللغة بحمولتها الثقافية، مع ما يقترن بها من قيم ورؤى للإنسان والكون والحياة. ليجد نفسه مجبرا على تحصيل درجة كافية من الوعي بها وبآثارها، والنجاح في الرسوب ها سالمة على ضفاف الثقافة الحاضنة وذلك ما يجعل المترجم في طليعة الجبهات الحامية للهوية الوطنية في مواجهة الهويات العابرة.
ويطرح الملتقى إشكالية عامة تستعرض بحوثه ودراساته جدلية العلاقة بين الترجمة بوصفها معبرا حضاريا لا مناص منه، والهوية بوصفها خطا أحمر لا ترضى الأمم والحضارات الحية يتجاوزه، فكيف يمكن ضبط الحدود بين الترجمة والهوية ؟ وما الضمانات التي تحقق الاستفادة من ثمرات الترجمة ومكتسباتها المعرفية والحضارية، وتؤمن في الوقت ذاته الحفاظ على خصائص هوية الجهة الهدف من لغة وفكر وثقافة ؟
ويهدف المجلس الأعلى للغة العربية، الملتقى لإعادة ضبط العلاقة المعرفية (مصطلحاً ومضمونا ) ضمن الحقل الدلالي لمصطلح الترجمة، و تقييم الجهود الترجمية في الاتجاهين من اللغة العربية وإليها، إضافة إلى الحث على إدراج عناصر الهوية الإسلامية والعربية في الفعل الترجمي، و محاولة التأسيس لحركة ترجمة واعية شاملة فاعلة.