طرح الكاتب لخضر بوخال، في مؤلفه الجديد “النقد الثقافي.. محاضرات وتطبيقات”، إشكالية النقد الثقافي وتشكل الخطاب في حواريته مع محيطه الثقافي بكل أبعاده، من خلال مجموعة من الحاضرات والتطبيقات.
جاء في تقديم الكتاب، الصادر مؤخرا عن دار ومضة للنشر والتوزيع، أن “الدراسات حققت فيما غدا معروفا بحقبة ما بعد البنيوية نقلةً نوعية في التعامل مع النص، بفضل مراجعات مفهومية وإجراءات جديدة طالت مناهج النقد ومادّته على حدّ السواء.”
وذكر بوخال أن هناك خطوتين جريئتين، الأولى فتح الدراسات الثقافية (ومن بعدها الشعريّات الثقافية والنقد الثقافي) للتخصّصات الأكاديمية بتكسير الحواجز التي كانت مقامة بينها، وهكذا تداخل الأدبي والتاريخي والفلسفي والأنثروبولوجي، الكتابي والشفوي، الشعبي الهامشيّ مع المعتمَد الرسمي.
أما الخطوة الثانية -حسب تقديم الكتاب -فتمثلت في التنبيه إلى وجود مستويين متناقضين في الخطاب، أحدهما شعوري ظاهري مكشوف متشح باللباس الجمالي الأدبي عادة، وقد كان مثار اهتمام الدرس النقدي لردح طويل من الزمن.
والآخر -يضيف الكاتب- لا شعوري مضمر يتأبى عن التجلي إلا من خلال عمل أركيولوجي (أرشيفي) على طريقة ميشال فوكو، الذي سعى إلى تحليل المهيمنات الخطابية وتوضيح كيف تعمل في إطار مؤسّساتي تطبيعيّ لثنائيات (السجن/الحرية)، (الجنون/العقل).. ليكشف كيف تؤسس المعرفةُ ويَتم الإقصاء من خلال خطاب عقلاني في الظاهر، بينما هو في الجانب الخفي غير ذلك تماما.
وقال لخضر بوخال في كتابه:” هذه المضمرات المعرفية سوف يصبح لها اسم تتداوله الدراسات الثقافية كاصطلاح دقيق، إنّه (النّسق الثقافي)”.
وأضاف: “..وعلى أساس هذا الأفق الجديد جاء السعي في النّقد العلماني مع إدوارد سعيد في كتابه “العالَم – النصّ والناقد” 1981، وكذا من خلال عمل فِنسَنت ليتش في مثل “النقد الثقافي – نظرية الأدب – ما بعد البنيوية” 1992، ومن بعدهما عبد الله الغذّامي صاحب مشروع قراءة الأنساق الثقافية العربية، لكشفِ النّسقِ المضمَر المختبئ (المُخبَّأ) تحت الغطاء الجمالي الأدبي، ومن ثَمّ التمكّن من تسليط شيء من الإضاءة على كيفية تشكّل الخطاب في حواريته مع محيطه الثقافي بكلّ أبعاده”.