يتحدّث الدكتور مخلوف عامر، في هذا الحوار، عن صورة الثورة التحريرية في الرواية الجزائرية، مُؤكداً أنّها اِستحوذت على الكتابة الروائية منذ الاِستقلال حتّى بداية الثمانينيات من القرن الماضي.
يقول الكاتب والناقد والأكاديمي إنّ الصورة الغالبة طيلة هذه الفترة، ترتسم في دائرة تمجيد البطولات فتنظر إلى المستعمِر بوصفه كتلة واحدة منسجمة. ويتحدّث عن مدى كتابة ومقاربة ومعالجة الرواية الجزائرية لموضوع الثورة التحريرية.
وفي هذا المعطى، قال إنّ الثورة بعظمتها ستظل ملهِمة والمقاربات الجمالية والدرامية ستبقى مفتوحة. لذلك ليس هناك حكمٌ نهائي يُحدّد المرجو والمنشود ما دامت الأذواق والمعايير الفنية غير جامدة. مُوضحاً في هذا السياق أنّه بقدر ما تكون الثورة مرجعاً ومصدر إلهام على الدوام، بقدر ما تظهر أعمال تتناولها بوصفها موضوعاً أساسياً أو عارَضاً.
صاحب “الكتابة لحظة حياة”، تطرّق أيضا إلى علاقة الجيل الجديد من الكُتّاب بالثورة التحريرية. هذا الجيل الذي نتساءل: هل اِستفاد من تيمة الثورة في كتاباته، هل اِستلهم منها، هل قاربها وكتب عنها في رواياته وإبداعاته؟ فكان رد الدكتور، أنّ تيمة الثورة تغيب في كتابات الجيل الجديد إلى حدٍّ كبير. باِستثناء رواية عبد الوهاب عيساوي: “سيرا دي مويرتي 2005″، ورواية محمّد بن جبار: “الحَرْكي2016”. مُرْجِعًا السبب الأوّل في عزوف الجيل الجديد عن تناول تيمة الثورة إلى بُعْد المسافة الزمنية عن الثورة، وبالتالي فلم تعد تُلقي بظلالها على الجيل الجديد كما في السابق، أمّا السبب الثاني فيعود – حسب رأيه دائمًا – إلى أنّ خطاب الشرعية التاريخية لم يعد مُقنعاً بالنظر إلى التحوُّلات التي عرفتها البلاد وما أفرزته من مشاكل اِجتماعية حيث أصبح هذا الخطاب عاجزاً عن حلِّها. مضيفًا أنّ التحوّلات الكبيرة التي عرفها العالم بِمَا فيها التطوّر التكنولوجي المُذهل قد أثرت في ميول الجيل الجديد فلم تعد الثورة بالنسبة إليه سوى حدث عادي من الماضي. الدكتور عامر تحدث عن شؤون وموضوعات أخرى ذات صلة بالثورة والأدب والرواية. نكتشفها معًا في هذا الحوار الّذي خصَ به مجلة “فواصل”.
كيف ترى وتقرأ صورة الثورة التحريرية في الروايات الجزائرية؟
اِستحوذت صورة الثورة التحريرية على الكتابة الروائية منذ الاِستقلال حتّى بداية الثمانينيات من القرن الماضي. والصورة الغالبة طيلة هذه الفترة، ترتسم في دائرة تمجيد البطولات فتنظر إلى المستعمِر بوصفه كتلة واحدة منسجمة، كما الشعب المستعمَر كتلة واحدة أيْضاً لا يخرق اِنسجامها إلاّ خائن أو عميل أو حرْكي. وقد تكرَّست هذه الصورة اِنعكاساً للخطاب الرسمي الّذي تأسَّس على الشرعية التاريخية، حيث نجد الكاتب يُضفي على الثوري / المجاهد صفات مثالية في مُقابل صفات الفرنسي التي هي صفات عدوانية تجسِّد مُمارسات تخلو من القيم الإنسانية.
ولعلّ الطاهر وطار يكون أوّل من فتح الباب أمام صورة أخرى مُغايرة في روايته ((اللاز) لينفذ إلى الاِختلالات التي شابت الثورة حين تعرَّض للصراعات الداخلية وأثار قضية مشاركة الأجانب الذين تعاطفوا مع الثورة وانضمّوا إليها. ثم ظهرت رواية ((التفكُّك)) لرشيد بوجدرة التي تعرَّضت للقضية ذاتها. واستمرت هذه الصورة تتكرَّر لدى بعض الكُتَّاب اليساريين كما في رواية واسيني الأعرج: ((ما تبقى من سيرة الأخضر حمروش)) وأمين الزاوي في ((صهيل الجسد)) ورواية ((أنا وحاييم)) للحبيب السائح.. وبالرغم مِمَّا بين نصوصهم من تبايُن في الرؤية وأسلوب الكتابة، إلاّ أنّها نصوص تتضمَّن دعوة إلى مُراجعة تاريخ الثورة بحثاً عن المُغَيَّب الّذي حجبه الخطاب الرسمي.
بعض الأعمال لا تخلو من شحنات درامية وبعضها اِهتمَّت بإبراز الجانب المُغيَّب من الثورة
هل ما كُتِبَ حتّى الآن يرقى إلى المستوى الفني والبطولي والتاريخي والإنساني لهذه الثورة. هل هناك روايات جسدت بعض الشحنات الدرامية للثورة باِمتيازات فنية ملحوظة؟
لا يمكن الجزم برقي الكتابة إلى المستوى المطلوب، كما لا يصح التعميم أيضاً. إذ بعض الأعمال لا تخلو من شحنات درامية وبلغة فنية راقية إنْ في الكتابات التي اِقتصرت على تجسيد البطولات على نحو مثالي، أو تلكم التي اِهتمَّت بإبراز الجانب المُغيَّب من الثورة. من ذلك تمثيلاً لا حصراً، رواية: ((اللاز)) للطاهر وطار و((طيور في الظهيرة)) لمرزاق بقطاش و((ذاكرة الجسد)) لأحلام مستغانمي و((على جبال الظهرة)) لمحمّد ساري.. وغيرها من الكتابات التي صوَّرتْ مواقف درامية سواء من خلال السجن والتعذيب أو بتصوير ما وقع من تصفيات جسدية بين “الإخوة الأعداء” أو بالكشف عن مُمارسات تنكَّرت للمبادئ التي قامت من أجلها الثورة.
الثورة بعظمتها ستظل ملهِمة والمقاربات الجمالية والدرامية ستبقى مفتوحة
هل الرواية الجزائرية على مدى تاريخها وتجربتها عالجت موضوع الثورة التحريرية وكتبتها وقاربتها كما ينبغي فنيًا وجماليًا ودراميًا وبمستويات مختلفة. هل أجادت في تناولها للموضوع، هل الجانب الروائي فيها، حقق المرجو والمنشود في هذا الشأن؟
إنَّه بالنظر إلى أنّ التجربة الروائية في بلادنا عمرها قصير بالقياس إلى غيرها، وأنّ الكُتَّاب باللّغة العربية لم يستفدوا من معارك نقدية غنية ولا من ترجمات كافية ولا من مناهج تعليمية تجعلهم يحتكُّون بروائع الأدب العربي والعالمي، فيمكن القول إنّهم في أغلبهم عصاميون استطاعوا في زمن فصير أنْ ينتجوا نصوصاً لا تقلُّ جودةً عما عُرف في الأدب العربي المُعاصر. فأمَّا الثورة بعظمتها فستظل ملهِمة والمقاربات الجمالية والدرامية ستبقى مفتوحة. لذلك ليس هناك حكمٌ نهائي يُحدّد المرجو والمنشود ما دامت الأذواق والمعايير الفنية غير جامدة.
بقدر ما تكون الثورة مرجعاً ومصدر إلهام بقدر ما تظهر أعمال تتناولها بوصفها موضوعاً أساسياً أو عارَضاً
وهل تأملت الرواية الثورة، هل استنطقتها، هل استثمرتها، هل تمثلتها، ووظفتها بكلّ ما تحمله هذه المحمولات من زخم ومعاني، هل رواية الثورة كُتبت حقًا، أم لم تكتب بعد؟
أعتقد أني تابعتُ الكتابة الروائية في محاولات نقدية مُتعدّدة منذ بداياتها إلى ما صدر منها في مطلع الألفية الثالثة. ولا أدَّعي أني اِطلعتُ على كلّ ما أُنتج طيلة عقود من هذه التجربة. فأمّا التساؤل هل كُتبت رواية الثورة حقّاً أم لم تكتب؟ فلا يصح الجواب عنه بالمُطلق لا إثباتاً ولا نفياً، لأنّه بقدر ما تكون الثورة مرجعاً ومصدر إلهام على الدوام، بقدر ما تظهر أعمال تتناولها بوصفها موضوعاً أساسياً أو عارَضاً. وكلّ قراءة نقدية غايتها أن تستنطق وتتمثَّل، لكن الأمر يتوقَّف على مدى تمكُّن القراءة النقدية من الغوص في أعماق النص ثمّ الاِنسحاب منه لتحريكه في رحابة ذهنية اِستناداً إلى أدوات اِبتكرتها المدارس النقدية القديمة والمُعاصرة. ومهما تكن طبيعة هذه القراءة، فإنّها تبقى محدودة بإمكانات القارئ / الناقد، من حيث مستوى تكوينه ووعْيه.
الحديث عن الأدب الجزائري بشكلٍ عام قد يؤدِّي إلى أحكام تعميمية غير دقيقة
ألم يرقَ الأدب الجزائري بشكلٍ عام إلى ما كان مأمولا منه التعبير عنه، هل عجز الكُتّاب عن ملامسة قيمة الثورة وعن كتابتها، وعن تمثلها روائيا وفنيا؟، وأن هذه الثورة التي تُعتبر من أعظم الثورات في العالم، لم تجد لها مُعادِلات جمالية في النصوص الروائية الجزائرية؟. وأن التعبير عنها بقيّ سطحيا ولم يُلامس الجوانب العميقة الجمالية والفنية فيها؟
الواقع أنّ الحديث عن الأدب الجزائري بشكلٍ عام، قد يؤدِّي إلى أحكام تعميمية غير دقيقة. ففي الشِّعر نجد قصائد تغنَّت بالثورة بلغة لا تتعدَّى حدود التمجيد وقد تأتي أقرب إلى النظم منها إلى الشِّعر، وقصائد اِستثمرت التجربة الشِّعرية العربية ولامست الموضوع بفنِّيات مميَّزة. كذلك الحال بالنسبة للكتابة النثرية ومنها الرواية حيث لا نعدم أن نجد نماذج راقية بِمَا في ذلك من تفاوت بيْن الكُتَّاب، وهناك في الوقت ذاته محاولات بقيت سطحية ليس على مستوى الوعْي التاريخي وحسب، بل إنّها لا ترقى إلى الكتابة الروائية بنيةً ولغة. ناهيك عن أنَّ المؤرِّخين أنفسهم لم يقفوا على كلّ أسرار الثورة، إمّا بسبب التحفُّظ أو لمسايرة الخطاب الرسمي أو بسبب غياب الوثائق الكافية أو محدودية الوعْي لدى المؤرِّخ نفسه.
تغيب تيمة الثورة في كتابات الجيل الجديد إلى حدّ كبير
كيف هي علاقة الجيل الجديد من الكُتّاب بالثورة التحريرية؟، هل اِستفاد من تيمة الثورة في كتاباته، هل اِستلهم منها، هل قاربها وكتب عنها في رواياته وإبداعاته؟
تغيب تيمة الثورة في كتابات الجيل الجديد إلى حدٍّ كبير. فباِستثناء رواية عبد الوهاب عيساوي: ((سيرا دي مويرتي 2005)) ورواية محمّد بن جبار: ((الحَرْكي 2016)) وقد نظر كلاهما إلى جانب من ثورة التحرير من زاوية مختلفة تماماً وغير معهودة، لم أصادف من بين ستين نصّاً صدر في مطلع الألفية الثالثة، سوى ثلاثة نصوص تُثير موضوع الثورة على نحو عابر من قِبَل ثلاثة كُتَّاب من الجيل السابق. ولعلَّ ذلك مردُّه إلى جملة من الأسباب:
الأوّل: يتمثل في بُعْد المسافة الزمنية عن الثورة، فلم تعد تُلقي بظلالها على الجيل الجديد كما في السابق، والثاني يعود إلى أنّ خطاب الشرعية التاريخية لم يعد مقنعاً بالنظر إلى التحوُّلات التي عرفتها البلاد وما أفرزته من مشاكل اِجتماعية حيث أصبح هذا الخطاب عاجزاً عن حلِّها. ويعود الثالث إلى أنّ العشرية الدموية في تسعينيات القرن العشرين قد طغت على الساحة حتّى اِجتذبت إلى الكتابة الروائية مَن ليست لهم علاقة بها. وأخيراً لا شكّ أنّ التحوّلات الكبيرة التي عرفها العالم بِمَا فيها التطوّر التكنولوجي المُذهل قد أثرت في ميول الجيل الجديد فلم تعد الثورة بالنسبة إليه سوى حدث عادي من الماضي.
الجيل الجديد ينطلق من الذات أساساً لكنّه لم يستطع أن يتغاضى عن القضايا الاِجتماعية الضاغطة
تجاوزها وتخطاها بذكاء إلى موضوعات وتيمات أخرى يراها أكثر راهنية وأكثر أحقية في التناول والطرق والطرح والمكاشفة مثل الذات والهوية والوجود وصراعات الحياة وغيرها؟
إنّه جيل ينطلق من الذات أساساً، لكنّه لم يستطع أن يتغاضى عن القضايا الاِجتماعية الضاغطة. فهذه تبقى المُحرِّك الأقوى للكتابة، (المرأة، السكن، الفقر، الهجرة، الصراع السياسي، البيروقراطية.. الخ). ونادراً جداً ما نعثر على نص في الهوية أو فلسفة الوجود. فالتراث العربي الإسلامي مثلاً اِستمرَّ حاضراً بقوّة في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، لكنّه كاد يختفي فيما صدر بعد عام ألفيْن. ربّما تكون وسائل التواصل الاِجتماعي وتراجع الإقبال على الكِتاب من أهمِّ الأسباب التي جعلت الشباب يزهدون في مطالعة الكُتب الفكرية العميقة. لكن تجدر الإشارة إلى أنّ الكُتَّاب من الجيل السابق واللاحق قد اِستطاعوا أن يوظِّفوا تقنيات السرد المختلفة كاختيار العناوين والاِسترجاع والمناجاة وكسر التسلسل الزمني وتعدّد الأصوات وشِعرية اللّغة والاِهتمام بالمُناص…
كان الخطاب السياسي/ الإيديولوجي يتصدَّر واجهة العمل الأدبي ولكنّه صار في الوقت نفسه عتبة اِرتكز عليها الكُتّاب ليُعيدوا للنص الأدبي أدبيته
هل يعني هذا أنّ هناك قطيعة بين الجيل الجديد من الكُتّاب الجزائريين والثورة الجزائرية ورموزها وتاريخها وبطولاتها؟ وبالتالي يعتقد نفسه معفيًا من الخوض في هذا الشأن أدبيًا وفنيًا، ومن جهة لأنّه يرى ربّما أنّ هذا الدور قام به الجيل الّذي سبقه، وبالتالي نفض هو يديه الإبداعيتين من الثورة في كتاباته؟
إنّ التجربة الأدبية لا تعرف قطيعة تامة، إذ لا يمثل الجيل الجديد سوى حلقة في سلسلة من التراكمات السابقة، وقد ظلّ الواقع وما يجري فيه من تحوُّلات هو الخيط الرابط بين حلقاتها. فشهدنا في هذه التجربة صورة الثورة بألوان مختلفة ثمّ النهج الاِشتراكي ثمّ ما تبع ذلك من تغيُّرات إلى اليوم.
ففي سبعينيات القرن الماضي كان الخطاب السياسي/ الإيديولوجي يتصدَّر واجهة العمل الأدبي ولكنّه صار في الوقت نفسه عتبة اِرتكز عليها الكُتّاب ليُعيدوا للنص الأدبي أدبيته. فإذا كان بريق الثورة قد أفل في الكتابة الجديدة فلأسباب ذُكرت أعلاه وليس لأنّ هذا الجيل يرى نفسه مُعفى من الخوض في هذا الموضوع أو لأنه دورٌ أدَّاه الجيل السابق. فلا أظن أنّ الكاتب لحظة الكتابة يفكر في موضوع يبدو مُستهلَكاً، بقدر ما ينصت إلى ما يُمليه عليه إحساسه وواقعه المُستجد. كما يُفكر في شكل القول الأدبي الّذي يراه مُناسباً.
الثورة ستظل معيناً لا ينضب، لكن اِستدعاءها يشترط تجاوز ما كُتب عنها حتّى الآن
أيضا بعد مرور كلّ هذه السنوات على الاِستقلال هل يمكن القول، إنّ الثورة اِستنفذت كلّ وهجها وألقها في روايات الجيل السابق من المؤسسين للرواية الجزائرية وإن بتفاوت في المستوى والتقنية والإبداعية، وأنّ هذا الجيل مفلس منها ولا يجد ما يقوله فنيًا وإبداعيًا وجماليًا؟
إنّ أيَّ موضوع مهما طال به القِدَم، لا يمكن أن ينفد. ذلكم هو حال قضية الحرية والمرأة والفقر والاِستبداد وغيرها من قضايا المجتمع والحياة. وميزة الأدب أنّه يمنحها نكهة جديدة. حيث يُوفر الأديب لنصِّه ما أمكن من الأدوات الفنية والخيال والبنية المتفرِّدة والتشويق. فينقلنا إلى عالم خاص تبدو فيه الأشياء المألوفة وكأنّها غير مألوفة. والثورة ليست استثناء في هذا. فهي ستظل معيناً لا ينضب. لكن اِستدعاءها يشترط تجاوز ما كُتب عنها حتّى الآن. وليس ذلك بيسير ما دُمنا نتحدَّث عن الإبداع والتفرُّد.
أرجِّح أنّ الثورة تحضر في الكتابة الأدبية أكثر وخاصةً ما يتعلق بالرواية المكتوبة بالعربية. فالرواية المكتوبة بالفرنسة كان لها في السينما حظٌ أوفر
هل حضرت الثورة في السينما أكثر من الأدب أم العكس. وهل وُفِقت السينما في الاِقتباس من الأدب واستثماره سينمائيًا؟
يحتاج هذا إلى عملية إحصاء دقيقة عن حضور الثورة في الأدب والسينما وإن كنتُ أرجِّح أنّها تحضر في الكتابة الأدبية أكثر. وخاصةً ما يتعلّق بالرواية المكتوبة بالعربية. فالرواية المكتوبة بالفرنسة كان لها في السينما حظٌ أوفر. وهذا مفهوم بحكم أنّ المخرجين قد تلقّوا تكوينهم باللّغة الفرنسية. فمن النصوص التي اِقتبستها السينما: “الأفيون والعصا” و”الربوة المنسية” لمولود معمري، و”صمت الرماد” لقدور محمصاجي و”البذرة في الرحى” لمالك واري، واقتبس المخرج محمّد نذير عزيزي أحداث فيلمه “زيتونة بوهليلات” من قصة لمالك حداد وغيرها..
فأمّا النصوص المكتوبة بالعربية فقد أخرج عبد العزيز طولبي قصة الطاهر وطار القصيرة (نوة) من مجموعته القصصية الأولى: ((دخان من قلبي)). وأخرج سليم رياض ((ريح الجنوب)) لاِبن هدوقة. وربّما سنشهد في المستقبل اِقتباسات من الرواية المكتوبة بالعربية عندما يظهر مُخرجون يتقنون العربية ويُحسنون الاِقتباس منها.
الكاتب في سطور
الدكتور مخلوف عامر، هو واحد من أبرز النُقاد في الجزائر، له إسهاماته النقدية الكثيرة والتي واكب من خلالها المشهد الأدبي الجزائري: “روايةً، قصةً، وشِعراً”. كما أسهم منذ سبعينيات القرن الماضي في التعريف بالكثير من الأسماء الأدبية الجزائرية. إنّه الناقد العالم بأحوال الأدب في الجزائر، المُتابع بمثابرة لا تكل ولا تمل لكلّ الإصدارات والتجارب والحساسيات الأدبية.
للكاتب والناقد العديد من المؤلفات والإصدارات في النقد الأدبي والدراسات والمقالات، كلّها واكبت وبكثير من الإخلاص الفني المشهد الأدبي الجزائري. ومن بين إصداراته الكثيرة، نذكر: “تدريس العربية وآدابها: دعوة إلى التجديد”، “مراجعات في الأدب الجزائري”، “الهُوية والنص السردي”، “مظاهر التجديد في القصة القصيرة بالجزائر”، “ألوان من الحكي”، “تطلعات إلى الغد: مقالات في الثقافة والأدب”، “تجارب قصيرة
وقضايا كبيرة: دراسات في القصة والرّواية”، “الرّواية والتحوّلات في الجزائر”، “متابعات في الثقافة والأدب”، “توظيف التراث في الرّواية الجزائرية”، “الواقع والمشهد الأدبي”، “قراءة جديدة في نصوص قديمة”، “الكتابة لحظة حياة”، “تطبيقات في الأدب القديم”، “مناهج نقدية”. وغيرها من الكُتُب في النقد والأدب والتي صدرت عن دور نشر جزائرية وأخرى في بعض الدول العربية.