هناك تيار سلفي متشدّد، يقابل التيار العلماني المتطرف، ورغم إدعائه اقترابه من النص الديني الإسلامي، إلا أن وقوفه كان على زمن معين، وتاريخ معين دون الخروج منه، وأخذه بالفهم الأوحد والاحتماء به رفضا للمدارات الأخرى.( الجزء الثاني)
فهذا التيار العامل على تعطيله وإبقائه في المتون والورق، ينتظر إيعاز السياسة له ليتحرّك بحركة السلطة في سبيلها، لا في سبيل الإنسان، فقيّد الإسلام وسجنه، وشل حركته المتدفقة في إمداد المدلولات الصالحة لكل عصر، وربطها بعصر بعينه، ونزع منه روح الإجماع على التعدّد وغلّق باب الاختلاف، وألغى ما تسترعيه الحاجة في كل عصر والذي ذهب إليه العلماء القدماء “وهو البحث في مقاصد الشريعة.
حيث يقولون: إن علينا أن نبحث عن المقاصد الحقيقية والرئيسية لكل دين، ومن بعدها نحاول تحقيق الهدف الذي يتوخاه الدين، حسب ما تقتضيه المرحلة والظرف الخاص، و بالأسلوب الذي يضمن لنا تحقيق ذلك الهدف والمقصد.. دون الجمود على الأساليب الطرق التي كانت متبعة في عصر النص.
علينا أن نتحرّر من أسر القوالب ونركّز الجهود على تحصيل اللّب والمضمون (content)”. فالتفسير الواحد يعني السطحية والسذاجة، وكل رؤية مغايرة مختلفة عما تقول به الجماعة الواحدة فهو خروج، وكل اجتهاد وتفسير مغاير عن هذا الإطار فإنه يفتقد إلى المشروعية الدينية.
فهل “يجوز القول إن كافة تلك القيم التي حافظنا عليها قرونا طويلة من الزمان، والعكوف الذي دعتنا إليه تلك القيم على التربية الروحية ورؤيتنا للعالم، تبدّدت لنا فجأة على شكل أوهام مريرة، فاكتشفنا أن الواقع ليس سوى تهافت على القوة والاقتدار”؟
وسطية وغاية النفاذ إلى المتعالي
هناك تيار ثالث يجمع محاسن التيارين معا، ويغربل الفاسد فيهما، يتعامل مع النص الديني الإسلامي كونه معصوم متعالي، منزّه ومتحرك يصلح لكل زمن، ويقوى على إيجاد الحلول لقضايا الإنسان المعاصر، بالبحث والعودة إلى النص الأول ومعانيه.
وبذلك معرفة المعاني الحقيقية وقياسها على قضايا الواقع، لأن النص الإسلامي حقّ فهو شمس كله بتعبير جلال الدين الرومي، والعقل طارد للحيرة فهو ظل للحق، والنفاذ إلى الأصل هو التعامل مع النص المتعالي الكامل، المحكم برسالة العقل البشري.الخاضع لواقع وحتميات وظروف متناقضة. لذا فالنفاذ إلى الأصل المتعالي ليس كالنفاذ إلى النص البشري الذي يعتريه النقص. ويستشعر قلقا وتصاحبه حيرة عميقة في تركه الهفوات.
لذا فإن القارئ للنص البشري لا يخضع عقله للحذر مع النص؛ لأنه يتعامل معه كونه ناقصا يحتاج للنقد والتقويم والتصويب، ويسمح بوجهات النظر والمشاركة، أما النص المتعالي فإنه المحكم والمالك لكل المعاني التي تحتاج إلى من يخرجها ويضيئها.ويكشف ظواهرها الحاملة لكل الحقائق الكونية.
فلابد من مناخ ملائم على كل حال حتى تزدهر تجليات الروح ويخصب بعضها بعضا. بهذا المعنى يتاح التحدث عن “روح العصر” سواء كانت روح العصر “جزءا من الوجود” أو ديالكتيك الظروف في عصر معين.
وعندما نعلم لما تقبل الإنسان الدين فسنجد لأنه وصل إلى أعماقه وفسّر حالته النفسية والعقلية أحسن تفسير، فوجد ضالته في هذه الإضاءات وفضاءات التنوير التي فسّرت رموزه وإشاراته الكامنة والعابرة في ذاته.
فكشف أسرار الوجود ورموزه، وأضفى على الحياة رونقا مجّد فيه أهمية الوقت والحياة، وأمده بالمعايير الأخلاقية والمبادئ التي تعينه في طريق الحياة. التي لن تكون إلا اختبارا لإرادة الإنسان في علاقاته مع الله والآخرين ومع الكون. وبذلك يصل إلى معنى وجوده ليصيغ السؤال من جديد.
والإنسان مع الإسلام يقدم السؤال لوجود العالم، ليجد جوابا شافيا يدفعه للبحث أكثر عن رموز وعلامات موجودة عند الشعوب والقبائل، من خلال التواصل والتعارف وهي أسمى غايات سمو الإنسان.
فالتيار الثالث يبحث دائما عن إبعاد الدين على أن يكون في يد سياسة تستعمله في الحقد والضغينة والكراهية والحروب والتشتت والصراعات، وفي إنتاج الفرقة بقدر ما تكون وظيفته الحياة و الإنسان. بأن يتحوّل جَنة في السعادة وجُنة في الوقاية من خلال “تعلّم التفكير من جديد. وأن نتعرف على أنفسنا كما هي لا كما نظنها، ونكون ما نحن عليه فعلا”.
إن العلماني المتطرّف قد يسيء فهم بعض المفاهيم لشعوره الزائف المصطبغ بالعلمانية الغربية، يلفّق التهم ويلصقها بالنص القرآني، أما السلفي المتشدّد فذو نزعة تراثية منغمسة في الماضي. فهو ممتنع عن تقديم الحياة العصرية بما تحمله من نقائص لحلول النص القرآني.
وبهذا فهو يشوّه صورته وإمكانيته لمسايرة الحياة، وبهذه الطريقة من التفكير يكون السلفي قد اقترب من العلمانية، وتطرّف فيها وهو لا يدري، لأنه فصل النصوص الإسلامية عن الحياة.
أما العلماني فيحكم بظاهر النص القرآني والآيات، لتبرير فهمه المنحرف لاعتناقه الايدولوجيا.
وقد نسيا أن الدين “لا يتعارض مع الحداثة،فبمقدور العالم والمفكر أن يصلي.. ويتأدّب بجميع الآداب الدينية، أو أن يسعى في تحصيل العلم وبلوغ مقام كبير في التحقيق والبحث في عين الالتزام بالآداب الدينية.
ولذلك كان بعض الفلاسفة ــ مثل غابريل مارسيل، ماكس شلر ــ ملتزمين بالآداب الدينية ومتأدبين بها. أليس بوسعنا أن نستنتج مما سبق أنّ الدين لا يتعارض مع الحداثة، وأن بالإمكان التوفيق بين الاثنين؟”
من التطرّف إلى العنف، من أعطى التوكيل للحديث عن النص؟
يؤسّس التطرّف لظاهرة العنف وهي ذات منحى ودلالة، فهي نتيجة تأزم الفكر وانعدام الفهم العميق للنصوص، وهيمنة الذاتية عليه بشكل كامل، واقتصاره على الظاهر وتمسّكه بقشور الحداثة مما أفرز قراءة خاطئة للنص الإسلامي.
حيث أصبح الفهم في خدمة التبرير للتطرّف العلماني الذي طبقه على بيئة وسياق مختلفين عن الراهن، ومن جهة أخرى فإن التطرّف السلفي يلجأ إلى استرجاع زمان بعينه، والعيش من خلاله راهنا، ورفض خروج النص من فهمه الأول وملامسته لواقع الأحداث، وتقديم الحل للقضايا العالقة.
يسعى الخطاب السلفي المتطرّف لأخذ وكالة الحديث عن النص واختصاره في قداسة الشخصاني والتاريخاني؛ ولأن كلام البشر خطأ وصواب لقصوره وقلقه وهوسه ونقصه، فلا يمكن للأدنى التعالي على ما هو متعالي (النص القرآني)، إن النص القرآني شمس بمعانيه المنيرة العميقة المستعصية، يحتاج فهمه إلى العلم والمعرفة للنفاذ إلى معانيه والدراية بأحكامه.
ولقد يغيب الفهم ودلالته وتأويله عن بعض العلمانيين والسلفيين،لأن كل منهما يبحث عن سند له لتقويض أساس التيار الآخر، فيمارسان على السواء تطاولا وادعاءً لاحتكار الفهم.
أما التيار السلفي المتطرّف فيؤمن بفكرة أحقيته امتلاكه للدين والحديث به، وهو بذلك يمارس عنفا معنويا على النص برفض دعوة الآخرين للاجتهاد والوقوف في وجوههم.
أما التيار العلماني فعنفه على النص بالدعوة إلى مقاطعته وترك الأخذ بمعانيه العميقة والبحث في جوهره وإقصائه وفصله عن الحياة السياسية.
لذلك فإن التيارين يحملان عنفا فكريا سرعان ما يتطوّر إلى عنف مادي. فالتيار السلفي يتهمه التيار العلماني بصنع حركة تملك نزعة أصولية وينتقدها.
والتيار العلماني يتهمه التيار السلفي بصنع حركة إلحاد خارجة عن الملة. ومن نقطة التهمة يبدأ العنف الذي تتضاعف حدته، ويتوسّع حجمه، ليصبح التياران يميلان بمقاضاة أحدهما للآخر. مع إيمان كلاهما بعجز كل منهما عن فهم النص الإسلامي وإدراك معانيه القادرة على مواكبة كل عصر، العجز في بلوغ مقامات النص ومعرفة وجوهه الموضوعية، القادرة على تناول الواقع المعاصر، وإعطائه الدافع للحركة في طريق سهل متسع ممتد.
إن وجود هذين التيارين بقوة في الواقع، وحضورهما الطاغي على باقي التيارات المعتدلة النافعة؛ ومساهمة السياسة في وجودهما إذ تتحكّم في توازن الواقع، صراعهما فرصة في استعمالهما لتصفية أحدهما الآخر، مع وجود اليد التي تغزل خيوط الانفجار الداخلي لتفكيك النسيج الاجتماعي، وتفتيت المجتمع إلى طوائف وجماعات.
ميزان الاعتدال ومحاولة توليد الرؤى
إن الجانب المشرق في الواقع الراهن وجود التيار الثالث في الاعتدال الذي “يأخذ موقفا وسطا بين موقفين متطرفين، و يعني التوصّل إلى حل وسط بين نقطتين أو طرفين.
وإذا تغيّر الطرفان فإن نقطة الاعتدال تتغير هي الأخرى” تيار معتدل يعمل على دينامية التجديد، لـ”محاولة توليد رؤى إسلامية حديثة تنطلق من المنظومة الفقهية وتهتدي بهديها باعتبارها اجتهادا مهما، قام به رجال عظام فهموا الشريعة جيدا وحاولوا تنزيل أحكام منها على الواقع الذي يعيشونه” تيار يستعين بآلية معرفية للوصول إلى جوهر النص وقراءته قراءة جدية وفهمه.لبناء خلفية معرفية أساسها النص كونه قادرا على حل معضلات أي عصر وتفكيكها وبنائها من جديد، تزّود الإنسان بنظام أخلاقي يمكنه من بناء الحضارة.
ولأن النص القرآني يملك نظاما متجددا قابلا للتفسير، ولمعرفة معانيه فهو يحتاج إلى هذه الآلية المعرفية وإلى قدر كبير من الإحاطة العلمية.
فـ:”العلم في الرؤية الإسلامية هو العلم بمعناه القرآني الواسع، الذي يشمل العلم لعلوم الأشياء (العلوم الطبيعية المادية) والعلم بحقائق السلوك والنفس والمجتمع (العلوم الإنسانية والاجتماعية)، والعلم بالعقائد ومسائل الإيمان (علوم الشريعة) وكلها يمكن أن تكون علوم نافعة.
“فالإسلام بنصّه القرآني هو نظام شامل والسياسي فيه يرفض التطرّف، ويتيح إمكانية جديدة للتطلّع والانفتاح والايجابية، يفند أحكام المتشبثين بذيل الحداثة من جهة، والمتمسكين بماضي أحادي مقيد؛ لذا وجب التطلّع إلى سلطة معرفية وحدها قادرة على التجاوب مع المجال المفتوح للنص القرآني وربط الحياة به.
وهذا التيار المعتدل يبين وقوع النص الديني بين تيارين يشتركان في إبعاده عن الحياة السياسية، رغم تناقضهما الظاهري، إلا أن الواقع السائد يكذّبهما ويجعلهما محل شبهة، فهما يعملان على إقصاء النص الديني.وجعله نظام خطب وعبادات مغلّفا ومحنطا، وإفراغه من خاصية العقلانية ونزعها عنه.ولأن الإسلام يأبى إلا أن يكون بالفعل نظام حياة أبدية، حياة الاستمرار والتواصل، يمارس فعل التغيير زمنيا.
إن الجناية على النصوص الإسلامية كبيرة فالتيار الأول أعطى عصمة للتاريخ ونزاهة وقداسة، والثاني فصل النص عن الحياة وغلق الأبواب في وجه أي اجتهادات، وصار ت النصوص مظلومة بأن لا عودة إلا لحواشي المفسرين وأئمة السلف الذين تحوّلت مساهماتهم إلى نص مقدس، يضاهي القرآن والسنة. مما أدى إلى تكوّن فجوة بينه وبين العصر، وكيلت الاتهامات للمتشددين من التيار الإسلامي كما العلماني بالرجعية، والتخلّف والظلامية وغيرها، لا سيما وقد حدث العنف الفكري والمادي في إسقاط كل المحاولات الجادة المنافسة لها، والتي تخالفها الطرح التاريخي وتمحي الخيارات الأخرى.
هناك مشاريع تاريخية نهضوية، تستند على النص القرآني نابضة بالحياة، متخلصة مما ألحقه بها المفترون من أكاذيب ومغالطات، مشاريع تبحث في النص عن المعاني الحقيقية من خلال علاقة دائمة، مستقرة تتحقّق عبر وسيلة آلية النفاذ إلى النص وقراءته بروح العصر، لتبزغ أنواره وتبرق متلألئة بمعاني جديدة، ماسحة السياقات القديمة المستنفذة لغايتها، وتتوسّع أبواب الفهم والاجتهاد، لتمكّنه من الحركة أكثر.
هذه الحركة التي لم تنعدم فيه قط، إنما أوقفتها الايدولوجيا المستوردة والسياسة الداخلية والهيمنة الخارجية، لذلك فهناك دوما محاولة لتغيير الوجه الحالي من خلال المراجعة، وتعويضه بمشروع نهضة جديدة، أصلها الإسلام الأول المظلوم المنسي.
لقد تمّ كل ذلك بتحييد العقل وجعله بعيدا عن الحياة السياسية وعزله عن الواقع وتعطيله عن أداء مهمته والاكتفاء بالسطحية للقضايا التي يتطرّق إليها، فتحييد العقل ازدراء لدوره التنويري وتحييدا للشرع إذ لا يفهم الشرع إلا به.
ليصبح الجمود السمة الطاغية في الانزواء والانطواء الوجودي، والاكتفاء بالنظرة السلبية العدائية للتطوّر والعجز في استثمار التراث وغربلته، وحمله على جعله أساس النهضة الجديدة المتقاطعة مع العصر.
إن الاقتصار على تأويلات ودعاوى تحصر العقل في مجال ضيق، تعتبر إساءة للعقل الذي يمجّد الشرع ويأخذ منه، ويتكيّف مع الحياة الجديدة.
فعمل العقل هو الابتكار والاجتهاد والنهوض بالأعمال الجبارة في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا والتنمية، والاشتغال على هذه القضايا.إذ هي في النص القرآني فريضة لكنها مغيبة في واقع المسلمين، فقد عطّلت السياسة عملها جراء خلفياتها، وسعت السلطة للإبقاء على هذا الوضع كما هو، وسوّقت لنظرة جديدة قديمة للمجتمع الإسلامي.
إذ تعتبر العقل والنهوض به، وتواصله مع الغرب والأخذ بحقيقة المنتج الغربي شبهة كبيرة، تتسبّب في إضعاف الإسلام، ولقد نجم عن هذه النظرة خوف وشك في قدرة العقل الإسلامي على التعاطي مع الحضارة الغربية وتكنولوجيتها. وتأكيد ذوبانه فيها إذا سيأخذ بمظاهرها، وقد يتحوّل هو ذاته إلى سلاح تدميري يبرمج من الغرب ضد البلاد الإسلامية والعربية.
إن التهم الملقاة على الحضارة الغربية في ماديتها المتوحّشة، وفي تحقيقها الإشباع المادي، هو سعي واقعي وفق طروحات إيديولوجيا وثقافية، مع هذا لا ننفي ما صحب الغرب من قانون أخلاقي تحكمه الكثير من القوانين الصارمة، ولا يكاد ينجو منها أحد.
رغم ذلك فالخيار الغربي له دوافعه ومبرراته لذا يجب النظر إليه بحذر لا بعدائية، وأخذ الدروس من تاريخه الذي أرهقته الكنيسة واضطهادها.
والنظر لاجتهاد العقلانية الغربية في تحقيقها الرفاهية، فهي تضع القوانين التي تنظم هذه الرفاهية، وتكبح الرغبة المندفعة في تحقيق أكبر قدر من المتعة واللذة، فلا يوجد مجتمع كامل حتى في أرقى صوره الأخلاقية.
إن العقلانية الغربية استطاعت تجاوز الحواجز السيكولوجية القديمة التي فرضتها الكنيسة، واستطاعت تقبل نقدها لنفسها ولتطورها، وهو ما يحدث بالفعل في بيئة منفتحة على الاختلاف والنقد والتنافس. وعلى سبيل المثال ألم يتنبأ أحد أبناء الحضارة الغربية “عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر بان عمليات التحديث العقلانية المادية المنفصلة عن القيمة، إذا تركت دون مراجعة، كفيلة بأن تحيل المجتمع إلى شيء يشبه الورشة، وسوف ينتهي الأمر بأن يودع الإنسان داخل قفص حديدي حيث يخضع كل شيء للسيطرة و الحسابات الرياضية الضيقة”.
لقد استطاع المجتمع الإسلامي الأول تجاوز العوائق، وبخاصة الحواجز السيكولوجية للجاهلية، ورغم ظهور الصراع على السلطة في العصرين الأموي والعباسي إلا أن العلم كان السمة البارزة عند الخلفاء وعند الخاصة والعامة على السواء لأن “العلاقة بين الإيمان والعلم هي في حقيقتها علاقة بين الإيمان والفكر.
الإيمان في الإسلام مسؤولية فكرية تتحقق في تعقل موضوعات الإيمان، ومعرفة حقائقها، وتذكر عناصرها، وتدبر مضامينها، وبهذه المسؤولية تتحقق إنسانية الإنسان وتحترم كرامته، فالإيمان دون هذا العلم، حطّ من مسؤولية الإنسان، وهدر لكرامته. ولا يستوي العالم
والجاهل، فالعالم مطمئن بإيمانه، والجاهل يتزعزع إيمانه عند أول اختبار”، فالعقل الذي لا يملك آلية لفرز الرواسب النفسية والايدولوجيا هو عقل غير فعّال، يفتقر لإمكانية التفريق بين النافع والضار، بين المقبول والمرفوض، بين الواجبات وبين الحقوق “لأن أكثر المذاهب الإسلامية تتفق على أن تسلم للعقل الإنساني بمجال خاص في التقدير والتشريع، حين يكون تحديد الخير والشرّ مرجعه العقل، سواء أكان كمالا أم نقصا، وسواء أكان موافقا أم مخالفا للفطرة”.
بقلم خالد ساحلي
المراجع:
ـ فتحي حسن ملكاوي.البناء الفكري: مفهومه ومستوياته وخرائطه. المعهد العالمي للفكر الإسلامي. الولايات المتحدة الأمريكية. ط1. 2015. ص56.
ـ خالد الحروب. مبدأ المواطنة في الفكر القومي العربي: من “الفرد القومي” إلى “الفرد المواطن” في المواطنة
والديمقراطية العربية. الجماعة العربية للديمقراطية. 29 يونيه/ حزيران 2001. ص4.
ـ عبد الجبار الرفاعي. الدين وأسئلة الحداثة (محمد أركون ومصطفى ملكيان وعبد المجيد الشرفي وحسن حنفي). مركز دراسات فلسفة الدين. بغداد. ط1. 2015. ص.06.
ـ رضا داوري اردكاني. نحن ووعورة طريق الحداثة. تعريب عبد الرحمن العلوي. دار الهادي. بيروت. ط1. 2007. ص34. ص35.
ــ جون سيرل. العقل واللغة والمجتمع. الفلسفة في العالم الواقعي. تر: سعيد الغانمي. الدار العربية ناشرون. منشورات الاختلاف. المركز الثقافي العربي. ط2006.1. ص10.
ـ نادية شريف العمري. الاجتهاد في الإسلام. أصوله ـ أحكامه ـ آفاقه. مؤسسة الرسالة. بيروت. ط2. 1984. ص20.
ـ نادية شريف العمري. الاجتهاد في الإسلام. أصوله ـ أحكامه ـ آفاقه. مصدر سابق. ص57.
ـ عبد الوهاب المسيري. الهوية والحركية الإسلامية. تحرير سوزان حرفي. حوارات.دار الفكر. دمشق. ط2009.1. ص40.
ـ علي عزت بيغوفيتش. الإسلام بين الشرق والغرب. تر: محمد يوسف عدس. مجلة النور الكويتية ومؤسسة بافاريا للنشر والإعلام والخدمات. بيروت. ط1. 1994. ص27.
10 ـ عبد الرحمان اليعقوبي. مراجعات في الفكر العربي المعاصر. الحداثة الفكرية في التأليف الفلسفي العربي المعاصر. (محمد أركون ـ محمد الجابري ـ هشام جعيط). مركز نماء للبحوث والدراسات. بيروت. ط1. 2014. ص23. ص24.
ـ مصطفى ملكيان. العقلانية والمعنوية مقاربات في فلسفة الدين. تر: عبد الجبار الرفاعي وحيدر نجف. مركز دراسات فلسفة الدين. بغداد. ط1. 2005. ص496.
ـ داريوش شايغان. الأصنام الذهنية والذاكرة الأزلية. تر: حيدر نجف. دار الهادي . بيروت. ط1. ص11.
ـ داريوش شايغان. الأصنام الذهنية والذاكرة الأزلية. مصدر سابق. ص21.
ـ نفس المصدر. ص23.
ـ رضا داوري اردكاني. نحن ووعورة طريق الحداثة. مصدر سابق. ص62.
ـ عبد الوهاب المسيري. الهوية والحركية الإسلامية. مصدر سابق. ص98.
ـ عبد الوهاب المسيري. الهوية والحركية الإسلامية. مصدر سابق. ص55.
ـ فتحي حسن ملكاوي. البناء الفكري: مفهومه ومستوياته وخرائطه. مصدر سابق. ص47.
ـ عبد الوهاب المسيري. الهوية والحركية الإسلامية. مصدر سابق. ص111.
ـ فتحي حسن ملكاوي. البناء الفكري: مفهومه ومستوياته وخرائطه. مصدر سابق. ص45.
ـ محمد عبد الله دراز. دستور الأخلاق في القرآن. دراسة مقارنة للأخلاق النظرية في القرآن. تر: عبد الصبور شاهين. مؤسسة الرسالة. دار البحوث العلمية. ص403.