على معبرِ الذكريات..
رياحٌ تئنُّ
تحنُّ إلى شجرٍ
كان مُمتلئاً بالرياحِ
وكانت تهبُّ إلى جهة البحرِ
من جهة العمرِ..
تسأل عن حجرٍ في الغُبارِ
لكي تستريحَ من السّفر المُرِّ
كي تمنحَ الآن نسيانَها
بعضَ ما يريدُ من الاِنتماء..
***
هناك على أهبة الاِنكسارِ
سماءٌ مُؤجّلةٌ
وصحارى من الإنتظارِ
وصبّارُ أسئلةٍ تمضغ الليلَ
كان عبورًا إلى جهةِ الظلِّ
عندَ اِحتفاء الهجيرةِ
أم كان موتًا طواعيةً
عند باب الدخولِ
الّذي كان بابَ الخروج؟
تمرُّ طيورٌ على عجلٍ
تتفرّقُ في مدخلِ الغابِ
كلٌّ إلى عُشّهِ..
ويظلُّ المساء وحيدًا
سوى من بقايا أغاني مُشرّدةٍ
وقصائدَ أهمَلَها شاعرٌ
في الطريق إلى الشِّعرِ..
***
هذا المساءُ غريبٌ عن الحيِّ
يعرفه الذاهبونَ إلى الموتِ
يعرفه القادمونَ من الصّمتِ
من أين جاءَ؟
إلى أين يرحلُ؟
لا عاشقٌ
أخّرتهُ الحبيبةُ عند الوداعِ
ليمنحَهُ خيمةً للتذكّرِ
كي يستريحَ قليلاً وينسىَ..
ولا أحدٌ يُتقن الإنتظارَ
ليسألَه رفقةً
في الطريق إلى الليلِ
حيث الفراشةُ سيِّدةُ الرقصِ
والضوءُ فاكهةٌ للعشاءِ الأخيرِ..
ولا صوتَ من آخر الصمتِ يأتي
سوى ما تَلعثمَ في شفةِ الرّيحِ
إذ لم تجدْ روحَها
في نشيدِ الشّجرْ..
***
خطأٌ واحدٌ كان يكفي إذنْ
لاِرتكابِ الحقيقةِ
أو لاِكتشافِ الطريقةِ
أو للإنعطافِ
أو الإلتفافِ
إلى آخر الاِقترافِ
الّذي كانَ يكفي
لتعرفَ هذي الرياحُ الرتيبةُ
وِجهتَها في خرابِ الجهاتِ..
وتمنحَ للأبديةِ بيتًا صغيراً
على حافة الذكرياتِ
نُربّي به طفلَ أيّامِنا
ونكون له العُشبَ والماءَ
نمنحُهُ في الصّباح أيَائلَ أحلامِنا
ونُعلِّمُه الركضَ
في جسد الأرضِ
حتّى إذا تعِبَ السهلُ فيه..
سَقطنا إلينا تماماً
كما يسقط الموتُ مُنكسرًا
في أعالي الحياةْ..!
شعر: عبد الرحمن بوزربة